قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً}، كل شيء في هذا الوجود هو من فضل الله عزَّ وجلَّ، وكل ما فيه مسخر للأميين لتنظيم حياتهم وضمان عيشهم، حتى الآيات الكونية التي لا طاقة للمخلوقين بها ولا قدرة لهم على الانتفاع بها إلا بتسخير الله وتدبيره فهذا الليل والنهار أحدهما مظلم والآخر مبصر وكلا الأمرين فيه مصلحة واضحة للحياة البشرية منها: أولاً : طلب الرزق والسعي في الأرض لابتغاء فضل الله ونيل ما أودع فيها من الخيرات. ثانياً: معرفة عدد السنين وأعمار الآدميين وتاريخ الأمم، فالليل والنهار يكوِّنان الشهور والسنين والحياة منذ خُلقت هي بين ليل ونهار. ثالثاً: علم الحساب الذي هو ضروري للحياة ومبدؤه وأساسه اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما. رابعاً: التفكير في مخلوقات الله والاستفادة مما أودعه في الكون من المنافع الخاصة والعامة وهذه ميزة خاصة بهذه الأمة التي فصَّل الله لها كل ما تحتاجه في أمور دينها ودنياها، وأباح لها الانتفاع من كل ما في الحياة من موارد طبيعية وصناعية، وأمرها بالعمل وبالجد في السعي في طلب الرزق والاستغناء عن الناس، وهذا يشمل كل أمور المسلمين ابتداءً من الفرد إلى المجتمعات كلها فكل ما تحتاجه في حياتها وفي علاقتها مع الغير فهي مأمورة بمعرفته والبحث عنه في أي مكان حتى تكون أمة قوية لها شخصيتها في العالم، وذلك توجيه واضح للمسلمين يجب ألا يغفلوا عنه وهو فضل من الله ومنة فله الحمد والشكر في كل حال وفي كل زمان.