كشف المدير العام.. للمؤسسة العامة للتقاعد.. لصحيفة (عكاظ) يوم الأربعاء الماضي الموافق 19-5-1425ه عن إحالة خمسة وعشرين ألفا من موظفي الحكومة المدنيين والعسكريين إلى التقاعد نهاية شهر جمادى الثانية عام 1425ه بعد بلوغهم السن القانونية للتقاعد.. وكالعادة.. ستتخذ كل جهة من الجهات الحكومية المعنية.. الاستعدادات اللازمة لتكريم منسوبيها المتقاعدين الذين تركوا مقاعدهم للخلف من بعدهم.. كما هي سنة الله في خلقه.. ونُقدِّم لهم الشكر على ما قدموه من خدمات جليلة.. لدينهم ووطنهم وحكومتهم. ثم تعلق الأوسمة الفخرية على صدورهم.. وهذه سنّة حسنة.. وجَبَتْ.. بتوجيهات سامية من قيادتنا الحكيمة.. تقديراً لأبناء الوطن الذين ساهموا في تنفيذ خطط التنمية والإعمار.. خلال سنوات عملهم على مقاعد المسئوليات الوطنية المختلفة.. وهذا شيء طبيعي، ومتعارف عليه.. غير أن الخبر بمعطياته بصفة عامة.. يتطلب التوقف عنده قليلاً.. فإحالة خمسة وعشرين ألفا إلى التقاعد.. يعني شغور خمسة وعشرين ألفا من الوظائف الحكومية على مختلف المراتب.. وهي الوظائف التي يتطلع إليها الكثيرون من أبناء الوطن.. الذين تأهلوا بجدارة واستحقاق.. ويتطلعون بشوق لملء تلك الوظائف.. وبدء الخدمات الوطنية.. بروح الشباب، وطموح الشباب، وكفاءة وقدرة الشباب.. كما هو يعني.. ضخ الأجهزة الحكومية بدماء جديدة, وبأفكار جديدة، بطموحات جديدة.. سيكون بلا شك.. مردودها فاعلاً ومؤثراً في حركة وسير الأداء الوظيفي في جميع أجهزة الدولة.. بشرط ملء تلك الكراسي.. بالنخب الواعية والمؤهلة.. التي تستطيع تغيير بعض الأنماط الروتينية البطيئة والثقيلة.. المتعفِّنة.. ببعض الإدارات الحكومية.. والتي قد أكل الدهر عليها وشرب بما فيه الكفاية. ولهذا.. فقد كان هذا التصريح مُفْرحاً ومبشراً بخير.. للكثيرين من شباب الأمة الذين كانوا ينتظرون أدوارهم بفارغ الصبر لخدمة دينهم، ومليكهم ووطنهم.. عن طريق التوظيف والالتحاق بالخدمة الحكومية.. التي هي شرف كبير.. يتمنّى الحظوة به.. كل مواطن في هذا البلد الأمين.. ليرُدَّ إلى وطنه بعض ما استوجب عليه من حقوق وواجبات.. من خلال الجامعات، والكليات، والمعاهد المتخصصة.. التي أُعدت لهم إعداداً جيداً من قِبل دولتهم الرشيدة.. لتأهيلهم على أعلى المستويات الإدارية والفنية والعلمية.. التي تواكب تطورات العصر الحديثة، وعلومه الجديدة والمستجدة.. بجميع التخصصات التي يتطلبها حاضر الأمة المزدهر.. لتنفيذ خطط البناء والتعمير، والتطوير.. التي تعمل الأجهزة الحكومية المختلفة على إعدادها.. حسب متطلبات الأمة والوطن.. وتنفذها بكل دقة وإتقان.. بفضل الله سبحانه وتعالى.. ثم بفضل عطاءات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ورجال حكومته المخلصين. وفقهم الله إلى كل خير.. وأعانهم على تحقيق ما يرجون ويأملون لهذا الوطن ومواطنيه الأوفياء المخلصين في حبهم وولائهم لقادتهم من هذا البيت السعودي العريق. هذا جانب مما يوحي به هذا التصريح.. أما الجانب الآخر.. فإن هؤلاء الخمسة والعشرين ألفا من الموظفين الذين أنهوا خدماتهم الوظيفية القانونية.. وتركوا مقاعدعم لخلفهم بأحكام النظام.. فسيدخلون الحياة العامة من أوسع أبوابها بعد التحرر من القيود الوظيفية.. بمكتسابتهم المالية.. و خبراتهم الإدارية.. سيدخلون ميادين الأعمال الحرة في التجارة والصناعة, والزراعة، والاستيراد، والتصدير، والاستثمارات العامة، والتسويق والاستشارات وغير ذلك كثير.. وسيكون لهم دور فاعل ومؤثر في حركة التنمية في الوطن على جميع الأصعدة.. متى ما أبعدوا عن أنفسهم شبح أل(مت قاعد) واستبدلوا هذه التسمية المكروهة وغير المحبوبة ب(المتخرجين) من الخدمة الوظيفية (المقيدة) إلى ميادين العمل والخدمات العامة الوطنية (الحرة).. وحملوا أفكارهم وخبراتهم ومدخراتهم.. على أكتافهم إلى الأسواق العامة للمشاركة في المنافسات التجارية، والاستثمارات العامة ومضايقة المنافسين في الأسواق.. من المتسترين وغيرهم من الوافدين، والمقيمين في بلادنا.. فخمسة وعشرون ألفا من (خريجي) الخدمة الحكومية... ولا أقول.. (المتقاعدين) يدخلون الحياة العامة بكل ما لديهم من إمكانيات وقدرات وينافسون في الأسواق كما قلت سَيَقْضُون على أكثر من خمسة وعشرين ألف متستر (يلعب الرفيح) على أرضنا.. ويحرم وطننا ومواطنينا من الخير الكثير.. والكسب الوفير.. الذي توفره فرص الأعمال الحرة.. والتجارة المفتوحة في بلادنا الغنية المعطاء. وهذه قد تكون من أهم الأمور التي سيحققها هؤلاء الذين سيتم تخرجهم من الخدمة الحكومية (التقاعد) إلى الخدمات العامة (الحرة) وغيرها من الأعمال المختلفة.. ولكن كما قلت (بشرط) أن لا يستسلموا لمسمى (مت قاعد) ويعتبروا الأمر تبادل كراسي، وتداول أعمال، وتنقلات في مهمات وتخصصات في مسيرة الحياة.. التي تفرض على الإنسان.. التحرك، والانطلاق، والعمل في كل الاتجاهات.. وفقاً لإرادة الله، واستجابة لمتطلبات الأمل.. والأمل الطويل.. الذي كرم الله الإنسان.. وأنعم عليه به لعمارة الأرض، وتطوير حركة الكون. فهل نطمع من هؤلاء الإخوة والأشقاء الأحبة.. العائدين إلى الحياة الحرة.. بعد القيود الوظيفية الحكومية.. الاستجابة الحقيقية.. لهذه الرغبة.. كما هو المطلوب والمرغوب منهم!! أرجو ذلك.. والله ولي التوفيق. الرياض: تليفاكس - 4382424