تشارك اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات هذه الأيام باليوم العالمي لمكافحة المخدرات. ويدرك كثير من المهتمين بشؤون المكافحة والتوعوية الوطنية تمام الإدراك بأن المسؤولين في اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات يعلمون علم اليقين بأنهم - وبالفعل - عقول تخطط قبل أن تنفذ ما أوصت به الجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام 1987م في مواجهة المخدرات، بل ولنا أن نفتخر بأن اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات صورتان عظيمتان تجسدان وطناً وقيادة وشعباً في مواجهة آفة المخدرات، من خلال ما تقومان به من مهام، أبرزها: التوعية الوقائية، والمكافحة على المستوى المحلي، والعمل في مجال علاج مدمني المخدرات (الرعاية اللاحقة)، والتعاون على الصعيدين العربي والدولي تجاه المخدرات. وبالرغم من مشاغل رجال ونساء اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات إلا أن هذه المناسبة لم تمر على قياداته الأوفياء مرور الكرام، إيماناً بإبراز الوجه الحقيقي المشرق لأعمالها ومهامها، على اعتبار أن ذلك واجب وطني قبل أن يكون واجباً دولياً وعملية عصرية بهدف التعريف بمناشط المملكة العربية السعودية ووقاية الفرد والأسرة والمجتمع من أخطار سموم المخدرات. إن الحديث عن اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات في هذه المناسبة لا يمكن وصفه في مقالة صحفية واحدة، لكن ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - خير بلاغ بأن المخدرات بأنواعها وأصنافها ومسمياتها المختلفة، داء داهم، وخطر فتاك، يواجه العالم بأسره، ومنه العالم الإسلامي وبخاصة الشباب الذين يتعرضون اليوم لهذا الداء الخطير، الذي يهدد أجسامهم بالمرض، وعقولهم بالانحراف وسوء السلوك، وضياع طاقاتهم التي وهبها الله سبحانه وتعالى لهم، لصلاح دينهم ودنياهم، وبناء مجتمعهم. ولبشاعة هذا الداء ومخاطره، فقد اهتمت الشريعة الإسلامية بعلاجه، فحرمت المخدرات بأنواعها وأصنافها، وأوجبت عقاب من يتعامل بما يردعه ويقي الأمة من شروره واتباعاً لهذا المنهج الرباني قامت المملكة العربية السعودية بمحاربة هذا الخطر المستشري، وبذل كل جهد للقضاء عليه بما توجبه الشريعة الإسلامية من أحكام رادعة على كل من يتعامل بالمخدرات بأنواعها، مما كان له أكبر الأثر في مواجهتها. فالمملكة وهي تحمل رسالة الإسلام وتحكم بشريعته في جميع شؤونها، تنبذ المخدرات بشدة - كما تأكد من كلام خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) السابق ذكره، ولذلك فقد سارعت إلى وضع مشكلة انتشارها على الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد وهيئة كبار العلماء، وكان الرد والموقف الفقهي الشرعي الموسوم برقم 1852-2 في 2-7-1407ه وقرار مجلس كبار هيئة العلماء رقم 138 في 12-6-1407ه بتحديد العقوبة الرادعة لمن يقوم بنشر المخدرات وإشاعتها وتهريبها وترويجها فكان هذا هو الأساس الديني الذي صدر بموجبه الأمر السامي، المبلغ لكل من وزارة العدل ووزارة الداخلية رقم 4-ب-9666 في 10-7-1407ه القاضي بتحديد عقوبة المهربين والمروجين للمخدرات، الأمر الذي يؤكد المسؤولون في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أنه قد أدى انخفاض دخول المخدرات إلى المملكة. ولذلك فإن أجهزة المكافحة -ولا زالت بمشيئة الله - مستمرة في إحباط مخططات عصابات تهريب المخدرات وترويجها وإغلاق السبل أمامها، وضبط وتقديم تلك العصابات للمحاكمات الرادعة. وينطلق اهتمام المملكة بمشكلة المخدرات من إدراكها العميق للآثار السلبية لهذا الداء العضال، وتجلت مظاهر هذا الاهتمام في مشاركتها في كثير من الاتفاقيات الدولية والإقليمية بشأن مكافحة المخدرات لأهميتها ورغبتها في الاستفادة والحصول على الخبرة من تجارب الآخرين تجاه الوقاية من المخدرات. وعلى هذا الأساس تقوم وزارة الداخلية - عبر بوابة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات- بدور كبير ونشاط فعال حققت من خلاله - بحمد الله وتوفيقه - مركزاً دولياً متميزاً، للدفاع عن المملكة في الدول المصدرة للمخدرات ودول العبور التي تعتبر معبراً لوصول المخدرات إليها، وفي هذا الصدد زودت المملكة أجهزة مكافحة المخدرات بالكوادر المؤهلة والمدربة لمكافحة جماعات الاتجار غير المشروع بالمخدرات وخصوصاً في منطقتي الشرق الأدنى والشرق الأوسط. واستطاعت المملكة العربية السعودية - التي حباها الله بعظيم فضله ونعمه - أن تصمد أمام تهديد المخدرات ودرء خطرها، وضبط المتعاملين فيها، وإحباط عديد من عمليات تهريب المخدرات إلى المملكة، وشهدت الجهات الأمنية المسؤولة انخفاضاً واضحاً في حجم المضبوطات لبعض أنواع المخدرات وذلك بفضل تشديد الرقابة على جميع الموانئ البرية والبحرية والجوية. وكنتيجة إيجابية لذلك الجهد المتميز، جاء تقرير هيئة الأممالمتحدة الصادر لعام 1997م ليقر بأن المملكة ثالث أقوى دولة في العالم في مجال مكافحة المخدرات ومن الدول التي يصعب اختراقها وتبعه استلام المملكة الجائزة الدولية من برنامج الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات تقديراً من المجتمع الدولي لجهد المملكة واعترافه بمقدرتها وهذا دليل آخر على ما تقوم به المملكة من دور مميز ومسؤولية دولية تجاه المخدرات. إن دور اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات واضح في توجهات الدولة، وأكبر دليل هو إمداد الجهاز بالقيادات الناجحة والوسائل والأدوات المساندة التي تفوق ما لدى كثير من أجهزة إدارات مكافحة المخدرات بالعالم. ويكفي لبيان دور اللجنة والإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن نشير إلى تلك الأدوار المثالية، بل والتضحية حتى بالأرواح في كثير من مداهمات أوكار المخدرات، الأمر الذي يوجب على كل سعودي مخلص ووفي، بل على كل إنسان يحس بالمسؤولية البشرية أن يثمن هذه الجهود، وأن يدعو لمن استشهد منهم أثناء أداء الواجب بالرحمة والمغفرة والثواب من رب العباد. إن الأماني وهي تتحول إلى حقيقة شاخصة على أرض المملكة أرض الحرمين الشريفين لتؤكد صدق النوايا وصفاءها من الشوائب وآية ذلك ما يقدمه المسؤولون المعنيون بالمكافحة من الثقة والإخلاص وصفاء المعدن، التي تعتبر تجسيداً للوفاء بشعار: الدين ثم المليك والوطن، وستبقى إنجازات اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات شامخة قوية بوعي المواطن وحبه لوطنه وقيادته كأسس لنجاح المكافحة، وهو ما جسده سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي وهو أصدق تعبير حين قال: وحق الوطن على المواطن أن يكون المواطن غيوراً على صورة بلاده ومجتمعه، وأن يحافظ على سمعتها، وأن ينأى بنفسه عن أن يكون سلاحاً في أيدي عصابات الجريمة الدولية، تلك التي تنتج وتهرب المخدرات من أجل تدمير الفرد والأسرة والمجتمع. وستبقى إنجازات اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات - التي هي جزء من أعمال وزارة الداخلية - دافعاً قوياً لأجيال الحاضر كي تنظر إلى المستقبل بنظرات الأمل في مواصلة البذل والعطاء بإضافة صفحات جديدة من سجلات المكافحة على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية. ونستطيع أن نقول إن ما تحقق من إنجازات في مجال المكافحة - شأنه شأن باقي أجهزة الدولة كلها - لهو خير شاهد على سخاء ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين وإخلاص رجال ونساء المكافحة. وصفوة القول إن المملكة توظف اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات ليس للمكافحة فحسب، بل ومن أجل التوعية الشاملة للمواطنين والمقيمين والوافدين، حفظاً على سلامة العقول وبناء الوطن. ونحسب أننا جميعاً في وطننا الغالي ماضون على هذا الطريق وفاء للعهد مع قيادتنا الرشيدة.