تشهد قاعدة (بيكانور) الفضائية في كازاخستان سباقاً محموماً لتحقيق إنجاز علمي سعودي جديد، حيث يعمل أعضاء فريق عمل مشروع الأقمار الاصطناعية السعودية المتواجد حالياً في كازاخستان، على ترتيب التجهيزات الأخيرة استعداداً لإطلاق ثلاثة أقمار اصطناعية سعودية (سعودي كوم سات 1 و2) و(سعودي سات 2) باستخدام الصاروخ الروسي - الاكرواني (دنيبر)، وذلك يوم غد الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر حزيران (يونيو) الجاري 2004م. وأوضح الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد المشرف على معهد بحوث الفضاء في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ورئيس فريق عمل المشروع، انه تم تصميم وصناعة الأقمار الثلاثة، في معهد بحوث الفضاء في المدينة، على أيدي متخصصين سعوديين، أما ما يتعلق بالهياكل الخارجية للأقمار فصنعت في شركة (الفنار) السعودية، وتم صناعة الألواح الشمسية في شركة (بي بي سولر) السعودية تحت اشراف المختصين في المعهد. وقال: إن مدار هذه الأقمار الثلاثة، يقع على زاوية 98 درجة، وهو مدار متزامن مع الشمس لغرض التصوير الضوئي، ويرافق الأقمار السعودية عدد من الأقمار الأخرى من دول: فرنسا، وايطاليا، والولايات المتحدةالأمريكية. وبيّن الأمير تركي أن القمرين الأولين (سعودي كوم سات 1و2) عبارة عن أقمار اتصالات صغيرة الحجم (تزن 12 كيلو جراما) ومنخفضة المدار، ويستفاد منهما تجارياً لتوفير خدمة نقل المعلومات من مناطق نائية، ولتعقب وتحديد مواقع المركبات عن طريق جهاز آلي موضوع على المركبة نفسها، ويكون متصلا بالقمر الاصطناعي، ويقوم بإرسال معلومات أولاً بأول عن موقعها، وأيضاً من مهام هذا القمر نقل المعلومات من أماكن نائية سواء في مجال البيئة أو الأرصاد. وأضاف الأمير تركي أن القمر الثالث (سعودي سات 2)، الأكبر حجماً (يزن 30 كيلو جراما)، وهو مخصص للتجارب العلمية التي تشمل التصوير الضوئي، ومخصص أيضاً للاستشعار عن بعد (لتصوير الأرض من الفضاء)، ويتصف بأنه ذو دقة أفضل من 15 متراً، حيث يمكن من خلاله بوضوح رؤية الأشياء التي بحجم 15 متراً، من خلال آلتي تصوير مثبتة فيه، ويمكن التحكم باتجاه القمر بدقة وتوجيهه للمنطقة المراد تصويرها، ويستفاد منه في تطبيقات عديدة مثل: تخطيط المدن والزراعة والدراسات الجيولوجية والبيئة. ويحتوي القمر أيضاً على تقنية تجريبية جديدة في مجال إنتاج وتخزين الطاقة، وسيتمكن المرصد السعودي لليزر التابع لمعهد بحوث الفضاء من قياس موقع هذا القمر في مداره بدقة عالية جداً تصل الى ثلاثة أجزاء من الألف من المتر. وكانت السعودية قد أطلقت القمرين السعوديين سعودي سات - 1 أ، ب في 26-9-2000م، تبعه اطلاق سعودي سات - 1ج في 20-12-2002م، من قاعدة بيكانور بكازاخستان عن طريق الصاروخ الروسي دنبر، وقد تم تغيير مسمى المنظومة الى (سعودي كوم سات) بعد النجاح في التجارب الثلاثة الاولى، والتأكد من القدرة على تقديم خدمات الاتصال بشكل تجاري. وتدور هذه الأقمار التي تم إطلاقها حول الارض على ارتفاع 650 كلم عن سطح الأرض، وبزاوية ميلان قدرها 64 درجة، ويكمل القمر دورة كاملة حول الأرض كل ساعة ونصف تقريباً، حيث يمكن رؤية القمر من نفس النقطة على الأرض خمس مرات يومياً، ومازالت هذه الأقمار تعمل بكفاءة عالية حتى يومنا هذا. يذكر ان مركز تقنية الأقمار الاصطناعية بمعهد بحوث الفضاء في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية يقوم بجميع النشاطات المتعلقة باهتمامات المدينة في مجال الاستفادة من استخدامات تقنيات علوم الفضاء في المجالات السلمية، ويهدف المركز إلى تصميم وتطوير وتصنيع أنظمة الأقمار الاصطناعية والمحطات الأرضية اللازمة لها، وكذلك تطوير تطبيقاتها في المملكة، وقد قام المركز بتصميم وبناء وإطلاق ثلاثة أقمار اصطناعية خلال الأربع سنوات الماضية بالإضافة إلى الأقمار الثلاثة الحالية بكفاءات سعودية، كما قام بتصميم وبناء طرفيات للاتصال بالأقمار الاصطناعية الصغيرة فضلاً عن المحطات الأرضية للتحكم بها، ويتكون مركز تقنية الأقمار الاصطناعية من الوحدات التالية: معمل الأقمار الاصطناعية: ويقوم بتصميم وتصنيع واختبار الأقمار الاصطناعية الصغيرة، ويحتوي على وحدات الاختبارات والقياسات الميكانيكية والكهربائية والحرارية، كما يحتوي على وحدات البرمجة والتصميم والمحاكاة، بالإضافة الى احتوائه على الغرفة فائقة النظافة التي يتم فيها تصنيع الأقمار، وقد تم بناء جميع الأقمار الاصطناعية الستة في هذا المعمل. المحطة الأرضية: وتقوم هذه المحطة باستقبال وإرسال المعلومات من والى الأقمار الاصطناعية السعودية، ومتابعة هذه الأقمار آلياً والتحكم بها وتوجيهها. مختبر المستشعرات: يهدف المختبر الى إجراء الأبحاث الخاصة بتصميم وتطوير أنظمة المستشعرات والتصوير البصرية والرادارية وأنواع أخرى من مستشعرات الأقمار. وتتماشى النشاطات في مركز تقنية الأقمار الاصطناعية مع الاتجاه العالمي نحو استخدام الأقمار الاصطناعية الصغيرة في المدار المنخفض لأغراض الاتصالات والاستشعار عن بعد، حيث تقدم مجموعة من هذه الأقمار تغطية أرضية أطول وبتكلفة أقل من أقمار المدار الثابت، وذلك لانخفاض تكلفة الإطلاق والمرونة في متطلبات بناء القمر، كما أن محطات الاستقبال تكون صغيرة الحجم وقليلة الاستهلاك للطاقة.