قد يكون معالي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ -أعانه الله ووفقه- من أكثر العلماء المسلمين ألماً وحزناً لما أصاب الأمة في هذا الزمان.. من انكسارات مريرة، وأعمال شريرة، استهدفت أصول الدين والعقيدة.. عن طريق استغلال بعض الفئات من شباب الوطن.. من الجهل والسفهاء والصغار باسم الإسلام والدين.. لنشر سمومهم، ونفث أحقادهم، ودس ضغائنهم وحقدهم الدفين على الأمة الإسلامية بصفة عامة، وعلى هذه الأمة القائدة الرائدة (المملكة العربية السعودية) بصفة خاصة.. وقد يكون من أكثر المسئولين همًّا ومسئولية عن تلك الفتنة الكبرى التي تفجرت في بلادنا الحبيبة.. وعلى أيدي الصغار والسذج والخُدَّج من أبنائها.. مَن استطاع الشيطان الأكبر تلبيسهم لباس الانحراف الفكري، والضلال العقدي.. في فهم الإسلام على غير حقيقته.. وفي فهم العقيدة على غير أصولها؛ انطلاقاً من مسئوليته الكبيرة.. كوزير للشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.. ولقد أدرك (بارك الله فيه) بمتابعته لمجريات الأحداث.. وما يكتب حولها.. أن الغالبية من الكتَّاب، والمفكرين، والعلماء، والخطباء، وأئمة المساجد.. يتكلمون بالخطب الرنانة، ويكتبون الاستنكارات الشديدة، والمطالبات الحادة بالقضاء على تلك الشرذمة الفاسدة.. التي تنتهج سياسة التكفير والتفجير.. وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء وغيرهم من المواطنين والمقيمين.. كما حدث في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية.. وقبلها كثير.. ويُعربون عن ولائهم، وإخلاصهم، وطاعتهم لأئمتهم وولاة أمرهم.. ونصرتهم لحكومتهم، ووقفتهم الصلبة مع رجال أمنهم، ويُقدمون أنفسهم وأرواحهم.. فداء للدين والمليك والوطن.. في وجوه هؤلاء المنحرفين القتلة، والخوارج عن ثوابت الأمة.. الضالين المضلين.. من أدعياء المشيخة.. والزعامة الإسلامية المنحرفة.. وفقاً لسيكلوجيتهم النفسية المريضة، وتركيبتهم العقلية المعتوهة، وفهمهم الخاطئ للإسلام ونصوصه في محكم الكتاب وصحيح السنة.. وعرف -وفقه الله- أن هذا الاتجاه في الكثير من الطرح الإعلامي.. لا يكفي.. ولا يفيد. ولا يحل المشكلات القائمة.. ولا يوجد الحلول للوقاية من المشاكل والانحرافات الفكرية المستقبلية بين شباب الأمة. ولهذا كما قلتُ بادر معاليه - وفقه الله- إلى طرح رؤية جديدة.. في صحيفة الجزيرة يوم الثلاثاء 13-4-1425ه العدد (11569) لوضح استراتيجية إعلامية علمية متكاملة.. لمقارعة هؤلاء الضالين المنحرفين، والخوارج المشككين - الحجة بالحجة- والرد على أقوالهم، وكشف زيفهم، في وسائل الإعلام المرئية، والمسموعة، والمقروءة، ومنها الإنترنت والوسائل الأخرى. وأصدر توجيهه الموفق بتشكيل فريق عمل من المختصين في الوزارة، والمؤسسات العلمية والدعوية.. لرصد جميع ما ينشر ويكتب عن الإسلام، ومصادر تشريعاته (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة) في وسائل الإعلام المعادية، والرد عليها وبنفس الوسائل وفق منهج علمي رصين.. يعتمد على الدليل القاطع من الكتاب والسنة، وأقوال العلماء الربانيين، وطلبة العلم والدعاة المعروفين بسعة العلم، وغزارة الثقافة في العلوم الدينية والدنيوية.. ومواجهة تلك الحملات المسعورة بما يكشف الزيف، وينفي التدليس، ويخلع التلبيس، ويُحق الحق، ويبطل الباطل في مفاهيم شباب الإسلام، وشباب هذه الأمة المغرر بهم، وإزالة ما علق بأفكارهم من تضليل وتحريف جرَّهم إلى الانتحار والتخريب والتدمير وقتل الأنفس البريئة، وحماية الناشئة من الاختناق في دخان هذا اللهب الذي يُشعل جذوته.. قوم طبع الله على قلوبهم، وأعمى أبصارهم.. حتى زلت بهم الأقدام.. وقادتهم أفكارهم المريضة.. إلى مواطن التهلكة والظلم الكبير.. بالإباحة والتكفير، والانتحار والتدمير. وأكد معاليه في معرض تصريحه للجزيرة الغراء أن الوزارة ماضية في إعداد مجموعة من الخطط والبرامج الهادفة إلى مواجهة تلك الهجمة الشرسة التي يشنها أعداء الإسلام.. ضد الإسلام والمسلمين، ويستخدمون فيها وسائلهم الخبيثة للطعن في دستور الأمة (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة). وطالب الجميع بالتعاون على رد تلك الشبهات والأباطيل، ومواجهة فئة التشكيك في الكتاب والسنة.. وفئة الطعن في ثوابت الأمة، بما يدحض أقوالهم.. ويكشف ضلالهم.. بقول الحق سبحانه وتعالى، وثوابت الصحاح عن رسوله المصطفى محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلوات والتسليم، وما ورد عن الأئمة وأجمع عليه علماء الأمة.. من موروثات عقائدية وإسلامية وسطية صحيحة. ولهذا؛ فإنه لا يسعني في هذا المقام.. إلا أن أقدم الشكر والتقدير لفضيلة معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ على هذا التوجيه الموفق، والرأي السديد، والأمل المنتظر.. راجياً أن يأخذ هذا التوجيه طريقه إلى التنفيذ على وجه السرعة.. حيث هو مطلب إسلامي أولاً.. ثم هو مطلب اجتماعي عام.. يتساءل عنه الكثيرون؛ لأن مثل هذا الفريق.. أو (الهيئة) إذا ما تم اختياره بدقة وعناية فائقة.. وبتشكيل كبير على قدر كبير من المسئولية.. وعلى قدر كبير من الكفاءة والمقدرة العلمية والشرعية.. فسيؤتي ثماره.. وسيحقق أمل الأمة.. وطموحات الغيورين على دينهم، وعلى عقيدتهم، وعلى وطنهم، والمخلصين لولاة أمرهم. ثم وإنني لأرجو وآمل.. أن يكون لهذا الفريق دور إيجابي.. يريح شباب الوطن.. ويطمئن المسئولين الكبار والصغار.. على مستقبل الأمة، وسلامة ثوابتها الإسلامية وحصانتها الفكرية، وأمنها الوطني.. وذلك باستثمار ما يصدر عن تلك (الهيئة) التي نأمل أن تكون على مستوى متطلبات التمثيل العلمي والعملي.. للحضارة الإسلامية.. والدفاع عن الإسلام الصحيح، وأصول الدين الحق.. والتنوير بكل الوسائل السمعية والبصرية، وأن تعمل هذه الهيئة الإسلامية، ولا أقول (الفريق)، على خلق مناخات مجتمعية حية.. لنشر دراساتها، وبحوثها، ودفاعاتها، وردودها على الشبهات التي تثار هنا وهناك ضد الإسلام وأهله.. وضد النصوص القطعية في الكتاب الكريم والسنة المحمدية المطهرة.. وأن يتم تزويد خطباء المساجد وأئمتها بالنصوص الصادرة، والدفاعات الموثقة.. من دوائر الرد على شبهات هؤلاء الخوارج والمشككين.. ليتخذوا مما تتضمنه تلك الردود والرسائل والتوصيات والتوجيهات عناصر حية، ومناهج قويمة، وإضاءات مشرقة في خطبهم، وفي محاضراتهم، وفي ندواتهم الخاصة والعامة.. كما أرى وجوب تزويد الجامعات المختلفة، ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، بمثل ذلك.. لأن هذه الجهات هي المزارع الفكرية الخصبة التي تؤتي ثمارها جيدة إذا ما أُحسن استثمارها.. وأُحكم البذار والغرس في ثقافتها الإسلامية، وفي علومها الشرعية، ومعتقداتها الربانية. وأعلم علم اليقين أن هذا التوجه، وهذا التجديد في الإعلام الإسلامي سيكون مُكلفاً، وسيتطلب جهازاً قوياً كبيراً، ومالاً كثيراً، وجهداً مضاعفاً.. ولكن ذلك ليس بالعسير على معالي الوزير، فخزائن الدولة ستكون مشرعة بنودها لمطالب معاليه.. لتأمين احتياجات تلك المهمة الإسلامية المقدسة، ولتأدية تلك الرسالة السماوية السامية.. التي هي رسالة الأمة، ورسالة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله، ورسالة الأسرة السعودية الحاكمة.. التي كرَّمها الله وشرَّفها بخدمة الحرمين الشريفين، وريادة وقيادة العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها. والله يوفق الجميع لما فيه خير الأمة العربية والإسلام والمسلمين؛ إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. عبدالعزيز العبدالله التويجري