لا أنكر أنني أخذت هذا العنوان من المجال الصناعي الذي يسمى ما بعد البيع بالنسبة للسلع الكهربائية والإلكترونيات والسيارات وغيرها وحيث إن خدمات ما بعد البيع بالنسبة لتلك الأجهزة الضرورية شيء هام جداً وفي نفس الوقت ينقصه الشيء الكثير من الجودة والصدق، لذا فإنني حاولت أن استشف هذا العنوان لإدخاله في مجال آخر هو المجال الاجتماعي الذي لا يقل أهمية عن اي موضوع آخر وهو موضوع الطلاق. إن المتأمل في النسب العالية من الطلاق بين مجتمعنا يكاد يضع يده على رأسه من شدة ذهوله وهوله من هذا الأمر ذلك أن الأرقام التي نسمع بها مخيفة جداً وتعطينا مؤشراً واضحاً أن هناك خطأ ما أو فجوة ما، لهذا يجب أن يتم تداركه والسرعة في معالجته، صحيح أنه ليس هناك نسب دقيقة عن الأعداد الحقيقية او أرقام واضحة للطلاق في مدننا أو محافظاتنا ولكن يكفينا أخذ عينات عن تلك الحالات أقصد حالات الطلاق التي تتم في بعض المحاكم لندرك أن الموضوع لا يجب السكوت عليه أو اعتباره ظاهرة عادية تحدث في كل المجتمعات، وليس قصدي هنا أننا نستطيع منع حدوث الطلاق لأنه حق شرعي أوجبه الله لكلا الزوجين عند الظروف التي لا تُحل إلا به، تلك الظروف الخاصة جداً، بل إنه يكاد يكون الحل النهائي للمشاكل الاجتماعية والنفسية للزوجين أو أحدهما رغم ما له من آثار سيئة وسلبية على الأطفال - إن كان هناك أطفال - ولكن ما أريد أن أقوله هنا انه لابد من اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية التي تقلل من نسبة الطلاق وبالتالي تمنع من حدوث المشاكل الاجتماعية والأضرار النفسية على الأطفال الذين لا ذنب لهم ولا حول ولا قوة في هذا كله سوى أنهم وجدوا أنفسهم فجأة بعيدين عن أمهم أو أبيهم في الوقت الذي هم في أمس الحاجة إلى وجودهم مع أبويهما تحت سقف واحد والعيش في حنان وحب عاطفي ولكن في نفس الوقت الذي نحاول فيه تقليل نسبة الطلاق في مجتمعنا لماذا لا نفكر بشكل جدي لإيجاد خدمات لما بعد الطلاق بمعنى أن هذه المطلقة المسكينة من يضمن حقوقها بعد الله إذا كانت إمكانياتها محدودة جداً أو معدومة، كيف تكون عنايتها بأطفالها وهي لا مصدر لها تعيش منه. إن هناك الكثير من حالات الطلاق التي سبق وحكمت لها المحاكم الشرعية بالنفقة من قبل الزوج ومع ذلك فإن بعضهن لم تستلم من زوجها أي شيء لعدة سنوات وإن استلمت فمرة أو مرتين في السنة فقط، هذا إذا أجبرته المحكمة وخشي من السجن. ماذا بعد هذا كله، أقول لابد من إجراء ضوابط معينة تضمن لهذه المطلقة المسكينة حقوقها، هذا وأن جمعية حقوق الإنسان الأهلية التي وافقت عليها الدولة حفظها الله فالمرأة المطلقة المسكينة أولى بها من حيث الإشراف ومتابعة حقوقها من قبل زوجها المطلق بل إنها تتحمل عبئاً كبيراً عن المحاكم في المطاردة بحيث تكون هذه الهيئة أي هيئة حقوق الإنسان بنيان المجتمع وأساس دعائمه، لكي تلزم هذا الزوج المتلاعب بحقوق زوجته من حيث عدم الوفاء بحقوقها وحقوق أطفالها إن كانوا قصراً، إنها والله لمنتهى الذلة أن تطارد هذه المرأة المطلقة طليقها من أجل إعطائها حقاً من حقوقها التي فرضها الله لها ولم يفرضها لأي شخص آخربل حق لها ولأطفالها من الحرمان والانحراف وسؤال الآخرين من الأقارب ومنعها من إراقة ماء الوجه أمام الناس. إننا مع الأسف حريصون كل الحرص على المطالبة بخدمات ما بعد البيع للسلع الاستهلاكية والمطالبة بتحسينها ووضع ضوابط لها وننسى أن هناك خدمات أخرى لا تقل أهمية ينبغي توفيرها لهذه المرأة المطلقة ومنها الضوابط والشروط الإجرائية التي تلزم بعض الأزواج المطلقين لزوجاتهم والمستهترين بحقوقهن.. إنني هنا أتحدث عن الطلاق ..أتحدث عن هدم بيت وعن ضياع أسر وعن تشرد أطفال، عن انحراف شباب عن تصدع مجتمعات، ولهذا فإنني أقترح أن يسند هذا الأمر إلى هيئة حقوق الإنسان الحديثة التي أُنشئت من أجل الإنصاف ولأخذ الحق للضعيف لأن المرأة المسكينة المطلقة أولى بهذه الهيئة أو غيرها من المؤسسات الاجتماعية لكي تشرف على استقرارها وتعنى بأمور الأسر الضعيفة المحتاجة من كل جوانبها وتكون بمثابة درع واقٍ بعد الله وليكون هدفها الأساسي سعادة الأسر وحمايتها، وأهم من ذلك المطلقة بالذات وتقديم سبل وسائل العون والبرامج الاجتماعية التي تقوي من كيانها وتمارس هذه الهيئة رسالتها وواجبها مثل أي هيئة أخرى مثل هيئة حماية الحياة الفطرية وهيئة السياحة وهيئة الآثار والتراث. هذا ونسأل الله عز وجل أن يعين حكومتنا ويتم لها مشاريع الخير التي دائماً تسعى لها قاصدة بذلك وجه الله تعالى.