عصر يوم السبت الموافق 3-4-1425ه ودعنا حبيباً غالياً، له مكانته في القلوب، ودعنا رمزاًَ للخلق الرفيع، والتواضع الجم، وحب الخير، والكرم، إنه خالنا العميد المتقاعد- عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله الأحيدب الذي عانى من المرض مدة طويلة، كان خلالها شاكراً حامداً لله عز وجل، وراضياً بما كتبه الله عليه، وهذه هي صفة المؤمن بربه الصابر المحتسب لما عنده، إن القلب ليحزن، والعين لتدمع، فسبحان الله من تفرد بالبقاء،{َ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} سورة القصص (88)-صدق الله العظيم-و من تأمل الموت علم اليقين، وأن الحياة الدنيوية لا قيمة لها، ودار الدنيا هي دار العمل والاجتهاد في طاعة الله عز وجل، والموت نهاية كل حي. كان -رحمه الله- طيب القلب بشوشاً، يمضي بك الوقت وأنت بجانبه، ولا تحس به، حديثه شيق، تجد فيه الحكمة، والموعظة، والعبرة، والطرفة، تسمع منه تجاربه في الحياة وكأنك معه، ترى تلك الوقائع من خلال شرح سلس، شيق، بأسلوب مفهوم لبق، ولقد حباه الله بنعمة الحفظ وسرعة البديهة، ما إن يسمع قصة أو رواية إلا حفظها، كان- رحمه الله- باراً بوالديه، وعطوفا على إخوانه، وأخواته، يصلهم ويحسن إليهم، محباً لمن يعرفه ومن لا يعرفه، فيه من التواضع، والأخلاق الحميدة، ما يعجز عن وصفه القلم، له مؤلفات عديدة تنوف على عشرين مؤلفاً، أثرى بها المكتبة السعودية، والعربية، كلها في الأدب، والقصص، والعلوم، والحكم، والطرائف، مؤلفاته كأنك في روضة يانعة بها العديد من الورود، والزهور، والرياحين، وما أن تقرأ أحد كتبه حتى يتوق بك الاشتياق إلى قراءة الآخر، ولديه مكتبة زاهرة بالكتب النفيسة، في علوم القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وسير الخلفاء والملوك، وفطاحل الشعراء، والكتاب، وكان متابعاً لما ينشر، ويستجد من الكتب القيمة، ليضيفها إلى مكتبته، شغوفاً متيماً في حبه للقراءة والكتابة، إذا زرته في منزله، أذهب إلى مكتبه لعلمي أنه هناك، أجده بين الكتب المتناثرة أمامه، وكأنها تحاكيه وتلاطفه، وكان دائماً يقول لي: (ألا تعلم يا بني أن الكتاب خير جليس)، والآن أيها الحبيب نم قرير العين في قبرك، فقد خلفت وراءك ذكريات عطرة، قدمت خلالها خدمة جليلة لدينك، ووطنك،ومليكك، بكل أمانة، وإخلاص، وتفان، وذلك منذ نعومة أظفارك، وهذه ضريبة الوطن. أما نحن أبناءك نم قرير العين فأنت في قلوبنا، وأبنائنا، وقلوب محبيك، باق إلى الأبد رحمك الله رحمة واسعة، وأسكنك فسيح جناته، أدعو الله جل وعلا أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة،{... إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } سورة البقرة (156) .