في سنوات مضت ليست ببعيدة وجدت نسخة من كتاب يدعى إمتاع السامر وهو كتاب مزوَّر مكذوب، لم يأخذ المسار المعروف من حيث الطباعة والنشر، وقد وصل إلى الأيدي بطريقة تثير الشك في محتواه. وتتألف مادته من سرد عدد من التراجم لأشخاص بعضهم من المعروفين والبعض الآخر ممن لم يسمع بهم أحد . تتحدث تلك التراجم عن المزايا والمواهب الخيالية للمعروف منهم وغير المعروف، ويتكون الكتاب في جملته من أصل وحاشية مطوَّلة تشتمل على معلومات عن الأقاليم والبلدان والأيام والوقائع، لكنها معلومات غير موثقة ولا تنتمي إلى مصدر معروف!! شق ذلك الكتاب طريقة بين عامة القراء ممن يروق لهم رواية الأساطير والقصص، فجعلوا منه مصدراً يتحدثون عنه وينقلون من مروياته والعزو إليه. وكان أول من اكتشف وهن ما فيه وخطورة محتواه الأستاذ محمد بن عمر بن عقيل (أبو عبدالرحمن) فكتب عنه عدة مقالات نشرت في بعض الصحف المحلية آنذاك. وحينها وبإحساس من الواجب قمت أنا وزميلي الأستاذ محمد بن عبدالله الحميد رئيس النادي الأدبي في أبها بالإسهام في كشف مواطن الخطأ ودحض الأكاذيب في ذلك الكتاب لا سيما فيما يتعلق بالقضايا التاريخية والاجتماعية حماية للفكر.. وتسليط الأضواء على كثير من أهداف ذلك التزييف. وتمضي بنا الأيام والليالي، فإذا بنا نفاجأ بمطبوعة تتمة للكتاب تدعى الطبعة الثالثة للقسم الثاني من إمتاع السامر تتداولها الأيدي منذ فترة، وعند الاطلاع عليها وجدت أنا وزميلي أنها نسخة مكررة من الكتاب السابق في نهجها ومسلكها مع تعديل في إسلوب الكتابة، من حيث استعمال الألفاظ والتراكيب.. فالكتاب السابق أو لنقل (الأصل) حاكى فيه الكاتب الأسلوب السائد القديم غير أن لغته في هذه التتمة قد حملت الكثير من المصطلحات اللفظية التي لم تكن شائعة في فترة حياة من قيل إنه مؤلف كتاب إمتاع السامر كما يغلب على هذه التتمة التكرار وإطالة الحواشي والإسهاب المتعمد، فلم نتردد لحظة من القول بأن هذه المدونة وسالفتها من المؤلفات المصنوعة، قام بتأليفها شخص أو اشخاص عدة امتداداً لما سبق في هذا السياق وحلقة أخرى من كتب مكذوبة ظهرت بأسماء مختلفة كتبها معاصرون تجردوا من الأمانة وقيود المسئولية التاريخية والوطنية، وتم تداولها بطريقة سرية يتعذر معها معرفة من أصدر تلك الكتب أو قام بنشرها. *** يبتدىء هذا القسم من الكتاب بصفحة تحمل الرقم 333 ويبدو أن المؤلف أو المروج لهذا الكتاب أراد أن يوهم القراء بأن شيئاً ما قد حدث، فإما أن يكون القسم المباشر للقسم الأول قد سقط، أو أنه غير موجود، وما أشبه ذلك من الاحتمالات... وهذا النوع أسلوب من أساليب التضليل لدى فئة من فئات المضللين والمزوِّرين. وقد لاحظت أنا وزميلي كثرة الأخطاء الإملائية والنحوية وإهمال علامات الترقيم بشكل فاضح، في المتن والحاشية على حد سواء، وأمام هذه المعضلة كان علينا في التعليق على هذا الكتاب أن نضع خطاً تحت كل كلمة تحمل الخطأ الإملائي أو النحوي أو الخطأ في علامة الترقيم حفظاً للوقت ورغبة في إظهار المستوى العلمي لهذا المؤلف.كما لاحظنا أن المؤلف في كل ما يورده من معلومات يسند ذلك إلى مصادر مخترعة من كتب لمؤرخين مجهولين، زعم أن بعضهم اسمه (ابن مياس) من أهل القرن الثالث عشر الهجري وآخر اسمه (ابن غيهب) وثالث قال: إن اسمه (الدحناني العكاسي) من مؤرخي القرن التاسع الهجري، ولم يتردد في أن ينسب تاريخاً لعالم نجدي مشهور هو (المخضوبي) وينسب إليه الكثير من المعلومات المكذوبة..وإلى آخرين زعم أنهم من المؤرخين لتلك الفترة التي يتحدث عنها.. مثل المؤرخ (الخنيزي) والمؤرخ (الصويري) والمؤرخ (المشهوري) والمؤرخ (المقدادي) والمؤرخ (ابن حقان) والمؤرخ (البيشي) والمؤرخ (ابن غشيان) والمؤرخ (ابن الشنبه) والمؤرخ (عائض الجهري) والمؤرخ (مرشد الجحدلي) وغيرهم من مؤرخين غير معروفين، بل لم يسمع بذكرهم أحد من الناس. وقد تعمد أن يسلك في تأليفه الطريق الأصعب فيما يتعلق بتحديد الأنساب لعلمه أن تشابك أنساب القبائل من أصعب ما يعترض دارس أنساب العرب خاصة.. لما في ذلك من تقارب في المنازل وتشابه في الأسماء وتناسب في الزمن لكثير من القبائل العربية، منذ العصر الجاهلي، وحتى زمن قريب ثم لا ينسب ذلك إلى مصدر معروف. كما أنه يخلط بين أنساب من يتحدث عنهم من القبائل أصولاً وفروعاً، ويدخل بعضها في بعض.. وفي هذه الأثناء يضيف أسماء وهمية يزعم أنها أسماء لرجال ورؤساء في عشائر تلك القبائل يقتنص ذلك كله بأدنى ملابسة، ويورد سلسلة طويلة لهم من الآباء والأجداد قد تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين جداً، وهي أسماء خيالية وليست معروفة في كتب الأنساب.. كما ينسب لتلك القبائل غارات ووقعات قد يكون البعض منها معروفاً.. لكن الغالب أن تلك المعارك والغارات فيما يتحدث عنه من تفاصيل مكذوبة أو وهمية لا تعرف عند أحد من المؤرخين الذين كتبوا عن فترة حدوثها، مع أن البعض ممن تحدث عنه قد أدركه زمن التدوين؛ إذ يرجع زمنه إلى القرن الحادي عشر وما قبله بقرن أو قرنين.. مما لم يشر إليه أي مصدر تاريخي ولا أية وثيقة من الوثائق المحفوظة. *** والملاحظ في هذه التتمة أنه قد جعل منطلقه في تلفيق الأخبار على هذا المستوى، الحديث عن تاريخ الدولة الجبرية.. الذي يحيط بتاريخها الكثير من الغموض، ولا يكاد يعرف عنها سوى شهرة حاكمها (أجود بن زامل العقلي) وشمول حكمه وطائفته للمناطق الشرقيةوالبحرين وعمان ونجد في فترات متقطعة جاءت مشتته ومتناقضة بعض الشيء في كتاب (شمس الدين السخاوي) وكتاب (الدرر الكامنة) لابن حجر وكتاب (وفاء الوفاء) وكتاب (الدرر الفرائد المنظمة) وكتاب المؤرخ (عبدالملك العصامي) ولولا ما ذكرت تلك المراجع لما عرفنا شيئا عن تاريخ دولتهم، ولذلك استغل هذا الملفق أكثر جوانب التاريخ جهالة، وهكذا شأن الكذابين والوضاعين. فهو يكرر الحديث عن دولة بني جبر، وينقل أخبارهم بتصرف في القرن العاشر الهجري، عندما نازل (محمد بن أجود) - كما يقول- (البرتغاليين) عند احتلالهم ل (صحار) بقواته. كما يهدف من نقل أخبار دولة بني جبر لينسب (مقرن) البلدة المعروفة في حجر اليمامة (الرياض) إلى (مقرن بن زامل بن أجود) وأنه أي مقرن بن زامل تولى حجر اليمامية بدلاً من (مقرن بن أجود بن زامل) حيث نقل (مقرن بن أجود) - كما يقول- إلى ولاية البحرين، وهو مقرن الذي قتله البرتغاليون ظناً منهم أنه (مقرن بن زامل).. وهذه فرية إذ إن بلدتي (مقرن ومعكال) قد اشتهرتا في القرنين السابع والثامن إلى ما بعد الألف ووجودهما بهذا الاسم سابق لتاريخ وجود (مقرن بن زامل)... ووجود أشعار عامية لجعيثن اليزيدي صاحب (دعكنة) التي يمدح فيها (أجود بن زامل) لا تدل على أن بلدة (مقرن) قد اكتسبت اسمها من (مقرن بن زامل وحتى وإن كان نفوذ الدولة الجبرية التي انتزعت الحكم من (آل جروان) في آخر القرن الثامن الهجري قد امتد إلى حجر اليمامة.. ويظهر أن هذا المزور قد تأثر أو نقل أقواله عن الدراسة التي كتبها (أبو عبدالرحمن بن عقيل) في كتابه (أنساب الأسر الحاكمة في الأحساء). كما لاحظنا أن المؤلف قد نقل أخبار دولة بني جبر من مصادر ودراسات معاصرة أضاف إليها بعض تلفيقاته؛ مثل ما كتب في مجلة العرب وكتاب (أنساب الأسر الحاكمة في الأحساء) وكتاب (تاريخ الأحساء) لابن عبدالقادر وغيرهم. *** ومن ركائز تلفيقاته في هذا الكتاب وما قبله حديثه الدائم عن إقليم عسير وحكام (آل يزيد) وسيطرتهم الكاملة على كامل الجزيرة وامتداد عهدهم منذ عام 130ه وحتى عام 1341ه.. كما يزعم أن فروعاً من حكام عسير من (آل يزيد) قد انتشروا في اليمن والسودان، حيث وجه حكام عسير بعض القبائل إلى تلك البلدان للاستيلاء عليها، وزعم أن بعض تلك القبائل مع قادتها قد بقيت هناك.. مع أن التاريخ العام والتاريخ المحلي لإقليم عسير لم يسجلا شيئا من ذلك.. بل إن تاريخ هذه المنطقة العزيزة من بلادنا يشير إلى أن رؤساء القبائل والعشائر كانت هي التي تحكم ذلك الإقليم حتى القرن الثاني عشر أي حين اندفاع تيار الدعوة السلفية في الجنوب في عهد الإمام (عبدالعزيز بن محمد بن سعود) الحاكم الثاني للدولة السعودية الأولى، فأرسى قواعد الحكم في تلك الناحية وما جاورها. ولا تذكر المصادر مطلقاً أن لعسير إمارة مستقلة قبل تأسيس الإمارة العسيرية سنة 1215ه في عهد القائد السعودي العسيري (محمد بن عامر أبو نقطة). وقد أشار المؤلف في هذه التتمة وفي سابقتها إلى أن جميع أقاليم الجزيرة العربية بمرتفعاتها وسهولها وسواحلها كانت تابعة لحكم (آل يزيد) حكام (عسر) وقد سمى البعض منهم مثل (إبراهيم بن عائض بن علي) الذي دام حكمه ثمانين عاماً، وقد ساق له سلسلة نسب مما لا توجد في أي مصدر من مصادر تاريخ الحجاز أو اليمن أو ارشيف الوثائق العثمانية التي تحتوي على تسجيل دقيق للحكم في تلك المناطق. وقد أضفى هذا المؤلف على حكام (عسير) صفات اجتماعية وحضارية مستحيلة الحدوث في الزمن الذي أشار إليه مثل: إقامة مجلس الشورى وإقامة النوادي ومدارس اللغات، ووجود المنشآت الصحفية في عهد أولئك الحكام، بل إنه قال في هذه التتمة: إنه يوجد لتلك الأسرة تصنيع حربي به صناع من الهنود المسلمين ومن البانيان ومن اليهود يعملون في صك النقود ومختلف أعمال التعدين، وينتجون الأسلحة من مصانع في بني شهر ورجال ألمع ووادي الدواسر ومن النقود التي يصنعونها: نقد (عملة) يسمى (الهجيري) وآخر يدعى (القاهري) وثالث يدعى (اليزيدي) ورابع يدعى (العشيري) ومن مواطن صك تلك النقود في عهدهم (سواد باهلة) مع أن ما أشار إليه لا يستند إلى حقيقة تاريخية ولم يذكره أحد مؤلفي كتب المعادن ولا كتب المصكوكات في العصور القديمة والحديثة. ومن مزاعمه في إسباغ الصفات الحضارية على حكام ذلك الإقليم زعمه أن لديهم مصانع للدروع والرماح والخوذات في المناطق والبلدان التي لهم ولاة فيها مثل بلدة (ثرمداء) و (العيينة) و (السلمية) وأن عمالها من اليهود، وأن أماكن تجمعهم في (الغالة) و (بلبول) و (الصعفوقية) وأن أولئك الحكام من (آل يزيد) لديهم أسلحة تسمى (المرتام) وهو كما يصفه أقرب ما يكون إلى المدفع، ولديهم أسلحة لقتل السباع يبلغ قطر فوهة ذلك السلاح ما يقرب من ذراع، ويحمل في جوفه قنبلة تحمل مجموعة من المسامير يبلغ طول المسمار الواحد (10سم) وهو عبارة عن قنبلة عنقودية. ولو كان هذا السلاح الفظيع قد وجد آنذاك لكانت كتب التاريخ قد تناولته واستعمله العسيريون في صدامهم لصد غزاة بلادهم من العهود العثمانية.. بل أفظع من كل ذلك أنهم يملكون تقدماً عسكرياً في تقنية تدريب القردة على القتال وصناعة المتفجرات والألغام الأرضية في القرن التاسع الهجري.. وأنهم قد استطاعوا استخدام القردة لتعلو ظهور الخيول والبغال والحمير وترويضها على الكرِّ والفرِّ والمباغته والطعن بالرماح والضرب بالسيوف، وزعم أن تسمية (القردة) وهو السيف المنحني المعروف ينسب لاستعمال القرود لذلك السلاح.. وأن أهل السروات اشتركوا يوماً ما مع القرود في حروبهم ضد قوات الصليحيين في القرن الخامس الهجري.وقد غطى المؤلف بحكايات القردة مساحات واسعة من صفحات الكتاب حيث إن تلك الحيوانات تستطيع القيام بأعمال الخرازة والحدادة والنجارة ورعي الأغنام وتعليف البقر والطب وإجراء العمليات الجراحية البيطرية والبشرية، ثم يسند أكاذيبه هذه إلى مؤلف يدعى (سعيد) قاضي مدينة أبها ومؤرخها في عهد حاكم عسير (عايض بن مرعي) الذي حكم البلاد في القرن الثامن الهجري. كما تحدث عن (بيشة) وقبائل السروات ومخاليف بيشة وتجارتهم مع الشام والعراق وعدن والخليج واليمن، وتحدث عن أسواق بيشة ورؤساء القبائل الموالية لحكام عسير فيها وما تتعرض له تلك المقاطعة من مطامع وحروب من الحجاز ومن دول وحكومات مصر والشام والعراق حتى لا تكاد تمر حقبة من الزمن إلا ويوجد صراع بينها وبين أولئك الطامعين يقول هذا مع أن تاريخ تلك الدول (الحجاز والشام والعراق واليمن ومصر) لا تتحدث عن شيء من ذلك ولا عن حروب وقعت في بيشة بعد القرن الثاني عشر الهجري. ومن هنا يدرك القارئ أن ما تحدث به المزوِّر لهذا الكتاب عن أسرة (آل جبر بن زامل) وما نقله من أخبار مكررة عنهم وحديثه عن بني خالد، ونسبتهم إلى بيشة كان الهدف منها الإيحاء بأن (آل يزيد) حكام عسير كان لهم شأن يذكر في مقاومة البرتغاليين في القرن العاشر حيث - كما يقول- انضم إليهم أمراء (آل يزيد) مما لم يشر إليه أي تاريخ محلي أو مجاور. *** أما حديثه وتلفيقاته في الأنساب وعدم إدراك الفرق بين الأسماء والمسميات فيها فأمر يجل عن الوصف، فهو يلفق بين (زبيد المذحجية) وبين (زبيد) المعروفة في قبيلة حرب، مع أنه لا علاقة بينهما، كما بين قبيلة (حرب) الخولانية وقبيلة (حرب بن سعد العشيرة) ويسلك نفس المسلك عندما يتحدث عن قبيلة (نهد) لوجود (نهد) من قضاعة و (نهد) من بكيل.. ومثل (شيبان) من بكر بن وائل و (شيبان) بن مالك، و (شيبان) من برقا عتيبة. لهذا نراه يخلط أنساب قبائل الجنوب بأنساب قبائل الشمال وقبائل الجاهلية بالقبائل المعاصرة ومن ذلك نسبته (جميلة) القبيلة المعروفة في عصرنا إلى جرم من عنز بن وائل المشهور أنهم من تغلب من وائل قبيلة عدنانية. ومما يدل على حداثة كاتب هذه التتمة ما أشار إليه عن نسب المؤرخ (ابن بشر) حين قال عنه إنه (حرقوصي عطوي قضاعي) وهذا القول يتفق مع أقوال المعاصرين الذين كتبوا عن نسب بني زيد وأنهم ينتمون إلى قضاعة خلافاً لما كان سائداً في القديم من أن بني زيد هم من (زيد بن مالك بن حنظلة) من تميم فيهم بيت من قضاعة من جرم كما يقوله نسابو الأسر النجدية. والدروع نسبة إلى (سليمان بن درع المذحجي) من تثليث ليحول نسبة الدروع الحنفية العدنانية والتي ينتسب إليها النسب السامي من آل سعود إلى آل درع المذحجية القحطانية.. ومن تلفيقاته بهذا الصدد نسبته أشراف نجد الهاشميين إلى الأشراف الذين حكموا اليمامة ووادي الدواسر (الأخيضرين) والصحيح أن بعضهم من ذرية الأخيضر، أما البعض الآخر فحسينيون وحسنيون وجعفريون ينتسبون إلى جعفر بن ابي طالب. *** ومن معلوماته الممزوجة في معظمها بالخلط بين الحقيقة والخيال. أنه يتعمد التلاعب بأساليب مختلفة بالنصوص والأعلام بما لا يتفق مع مصادر التاريخ ولا كتب معاجم الأنساب ليوهم القارئ بأنه على علم واسع بالأنساب ليحظى كتابه بالقبول فحين يذكر قبيلة (هتيم) القبيلة العربية المعروفة يشيد ببطولاتها، وكذلك بني رشيد القبيلة المعروفة وقبيلة الشرارات ويشير إلى انتمائهم لشرار بن عمر بن الزائل، وأنهم إخوة لبني شرار، ويشير إلى انتشارهم في تهامة عسير ومصر وإفريقيا وأنه قد دخل فيهم كثير من ربيعة وتميم في الشام والعراق، كما يذكر نسب العوازم وأنهم من عازم بن زيد بن حبرة، كما يشير إلى أنساب الحوازم بالحاء المهملة فيزعم أنهم من حازم بن منصور بن ذهل بن عدان من حبرة.كما تحدث عن الرولة وأن لهم نسباً آخر غير المعروف، فهو ينسبهم إلى تغلب قضاعة بدلاً من تغلب وائل. وكل هذه الأنساب لا يعتمد فيها على مصدر معروف وإنما يسوقها ليوهمنا سعة اطلاعه على علم الأنساب وأنه انفرد بما ذكر ليستدر عواطف مجموعات من السكان مع أن واقع الأمر عدم الشك في عروبتهم وإن جرت بعض كتب الأنساب القديمة على إغفال ذكر نسب البعض لظروف سياسية أو اجتماعية وهو لا يكتفي بمثل هذه الأحاديث بل إنه يسرق بعض المعلومات التاريخية ثم يزيد عليها ما شاء.. فعندما تشير تلك المعلومات إلى بني مالك أو إلى زعب أو إلى بني لام أو فزارة يحاول أن يجعل كل تلك المسميات في قالب مسمى واحد، مع أن النسابين يؤكدون أن بني لام يطلق على عدد من فروع القبائل.. فهناك بنو لام من العوامر من بني شهر، وهناك بنو لام من غامد، وهكذا. *** وأغرب ما في هذا الكتاب- لا سيما هذه التتمة- اختلاق البطولات الأسطورية المنسوبة لعدد من الأعلام.. فهناك صبيح الخالدي وهناك سلامة بن رزق والفضل بن العوام، وزيتون بن قريش، وقريش الصبيحي، وغانم بن صقر، وشهوان الضيغمي، وذبيان بن بهيج، وحسان بن سليمان، وعامر بن زياد، وسدير بن عامر.. ممن يتحدث عنهم العامة في مسامراتهم، والذين قد ارتبطت أسماؤهم بأمجاد أمراء وهميين.. وقد يكون بعضهم من الأشخاص الحقيقيين لكن المؤلف لا يهمه سوى عرض بطولاتهم الوهمية وأن تكون تلك البطولات تحت سيادة حكام عسير. ومن هنا فكثيراً ما يشكك في المعلومات السابقة لهذا الغرض فحينما يذكر دوسر بن مرهبة يقول: إنه من بيوتات الرئاسة في همدان، وهو غير دوسر أبو عشيرة همدان، مع أننا لا نعرف في مصادر الأنساب المعروفة إلا أن دوسر لقب لمرهبة. وفي هذه الخلاصة لا ننسى أن نشير إلى شيء من كذبه الصريح حيث يزعم أن البرتغاليين كانوا قد سيطروا على موانىء مدن البحر الأحمر، وأن قوات اليمن وعسير تحت ولاية (آل يزيد) قد اتخذت من جزيرة (دهلك) قاعدة لقتال البرتغاليين، ومعلوم أن (دهلك) هذه الجزيرة لم يكن لها أية أهمية تاريخية..كما زعم أن البرتغاليين توغلوا في البحر الأحمر، وأن حروباً وقعت بين المسلمين الممثلين للمماليك تساندهم قبائل الحجاز وقوات (آل يزيد) وأن البرتغاليين تغلبوا على (دهلك) واتخذوها قاعدة لهم.. فكل ذلك كذب لا أصل له في التاريخ المدون المعروف، وهو شبيه بما يضيفه من أمجاد ومميزات لبعض القبائل مما لا يعرف في كتب التاريخ. هذه الملامح وغيرها الكثير مما ورد في هذه التتمة، ولا يتسع له ذكر في هذا العرض الموجز تجدونه مفصلاً في مطبوعة سترى النور قريباً، تضم أصول تلك التتمة وحاشيتها وتعليقاتنا مفصلة عن كل ما يحتاج إلى تعليق واستدراك بإذنه تعالى.