ظاهرة العنف ضد المرأة مما يؤلم ويحز في ضمير الإنسانية للأسف الشديد ظاهرة العنف ضد المرأة المخلوق الحنون العاطفي الرقيق الناعم الضعيف... وتمارس ضدها سلوكيات واعتداءات تتنافى مع طبيعة التكوين البشري وتتنافى وروح التعاليم الإلهية وجميع الشرائع السماوية. مع هذا تنتشر ظاهرة العنف في جميع أنحاء العالم وهي ليست خاصة بمجتمع معين أو جنس محدد أو ثقافة معينة دون غيرها، أو خاصة بالدول النامية دون المتقدمة ولا في الدول النامية دون المتقدمة، ولا في الدول العربية دون غيرها في دول العالم. وتدل الدراسات والإحصاءات على ذلك وأن الحمل لا يحمي المرأة من هذا العنف. فإن 69.1% من الزوجات يتعرضن للضرب في حالة رفضهن معاشرة الزوج، ومنهن من يتم ضربهن في حالة الرد على الزوج بلهجة لا تعجبه. وقد اعتمد هذا البحث على 7000 زوجة في الريف والحضر وتبين من البحث أيضاً أن المرأة الريفية تتعرض للضرب أكثر من المرأة الحضرية. وأثبتت دراسة عن العنف أجريت في الأردن على نحو 590 سيدة، وجود صلة من الدرجة الأولى بين الجاني والضحية بنسبة 64.8% واحتل الأخ المقام الأوّل يليه الزوج ثم الأب. وفي تونس يعتقد 44.9% من الرجال و 30% من النساء أنه من الطبيعي أن يضرب الرجل المرأة من أجل تقويمها. وفي الدول الغربية 30% من النساء الأمريكيات يتعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن. وامرأة واحدة من أصل كل خمس نساء في فرنسا عرضة لضغوط أو عنف جسدي أو كلامي في الأماكن العامة. وتلجأ 45 ألف امرأة سنوياً في ألمانيا إلى بيوت النساء الخاصة بحمايتهن من عنف الأزواج. والعنف سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية. وأشكال العنف من مادي ومعنوي. العنف المادي كالضرب والصفع والحرق والاغتصاب والقتل وأي إلحاق الضرر بالوجود المادي للمرأة سواء في جسدها أو في حقوقها أو مصالحها أو أمنها. العنف المعنوي: كالشتم والإهانة والتحقير والتهديد وجرح المشاعر والإساءة العاطفية وإجبارها على ممارسة أعمال لا ترغب بها أو منعها من ممارسة أعمال ترغب فيها، وعدم السماح لها بالتعبير عن آرائها أو عدم السماح لها بالخروج من المنزل.. وأي إلحاق ضرر بالمرأة من الناحية السيكولوجية. وقد جاء في التقرير الذي نشرته وزارة الصحة الألمانية بمناسبة يوم المرأة العالمي أن الآثار التي يتركها العنف على النساء تتلخص فيما يلي: الخوف، الارتجاف، ضيق التنفس، الصداع، الإسهال وآلام في أسفل البطن، وهذه آثار جسمية صحية. أما الآثار النفسية فيؤدي العنف المستمر ضد النساء إلى فقدانهن الشعور بأهميتهن، وتتطور الرغبة لديهن في إيذاء النفس. يعتقد الباحثون أن تعرض النساء للعنف بشكل من الأشكال قد يكون السبب وراء حالات الاكتئاب بين النساء أكثر من الرجال. تقول الدراسات الأميركية: إن المرأة التي يطالها العنف المنزلي تتعرض للانتحار أو محاولة الانتحار خمسة أضعاف مما تتعرض له النساء الأخريات. المرأة المخلوق الجميل الضعيف تتعرض لشكل من أشكال العنف وهو (الاغتصاب) وهناك للأسف (اغتصاب الزوجات)!! الاغتصاب عنف مصحوب بالتحرش الجنسي، ويكلف الاغتصاب الحكومات الأوربية الكثير من الأموال وتدفع سويسرا سنوياً مبلغ 270 مليون يورو هي كلفة المحاكم وبرامج التأهيل والعلاج الخاصة بهذه الحالات. وحسب دراسة كندية نشرت عام 1995م تلجأ ثلث النساء المغتصبات والمتعرضات للتحرش الجنسي إلى الطبيب أكثر من مرّة. أسباب كثيرة للعنف في الأسرة ضد المرأة 1- ربما تعتبر المرأة هي السبب الرئيس حيث تقبل بعنف الرجل وتسكت عليه فيتمادى أكثر فأكثر. 2- الجهل بالواجبات والحقوق في كل من الرجل والمرأة وتدني المستوى الثقافي وعدم القدرة على الحوار. 3- المرأة مخلوق ضعيف بيد الرجل وربما لبنيتها الجسمية وتركيبتها العاطفية يستغل بعض الرجال هذه الخاصية للاعتداء وضرب المرأة خاصة إذا افتقدت المرأة من تلجأ إليه ومن يقوم بحمايتها. 4- عدم التوازن الانفعالي لدى الزوج خاصة إذا كان يتعاطى المسكرات أو المخدرات أو يعاني مرضاً نفسياً. 5- التنشئة في أسرة تتخذ العنف وسيلة للتعامل بصورة مستمرة وقد شاهد العنف الذي يمارسه والده على أمه بحيث ينشأ على عدم احترام المرأة وتقديرها، مما يجعله يتعامل بشكل عنيف معها، ويشكل هذا السبب 39% من الحالات. 6- سيطرة المجتمع الذكوري وسيادة العادات والتقاليد البالية التي تنظر بدونية للمرأة وتعمل على التمييز بين الجنسين وإعطاء ميزة للرجل في السيطرة والتحكم وتقليل شأن المرأة في نظر الرجل وتعويد الأنثى على تقبل ذلك والرضوخ إليه وتجمله ولا ذنبَ لها إلا أنها أنثى. 7- التعويض لدى بعض الرجال النواقص حين يشعر بالدونية في عمله فيصب جام غضبه على زوجته، فإذا كانت المرأة أعلى مستوى من حيث الشهادة أو الوظيفة ولتعويض النقص لدى الزوج ربما يلجأ للسب والشتم والضرب لمناسبة أو غير مناسبة. 8- هناك أسباب اقتصادية: كضعف الرجل مادياً وعدم قدرته على القيام بأعباء الأسرة وضغوط المرأة عليه لتلبية احتياجاتها واحتياجات الأسرة مما يولد لديه الضغط فيصب جام غضبه على زوجته وهي بدورها تتقبل الأمر لحاجتها للنفقة وعدم قدرتها على إعالة نفسها أو إعالة أولادها ويأخذ العامل الاقتصادي نسبة 45% من حالات العنف ضد المرأة. وبعد استعراض مجموعة أسباب مؤدية للعنف يمكننا من خلال معرفة السبب إيجاد العلاج له إذ يختلف السبب من أسرة لأخرى. وكما ذكرنا أولاً أن المرأة هي السبب الرئيس لسكوتها على الظلم والعدوان عليها وينبغي أن تبحث عن سبب غضب وعنف زوجها وتسعى لعلاجه. لجهل الرجل بحقوق الزوجة على زوجها أن توجهه بين الحينة والأخرى, وإذا تمادى الزوج في ظلمه أن تلجأ إلى من يستطيع توجيهه من أهلها المتعقلين. وإذا لم تجد من تلجأ إليه من أهلها تلجأ إلى شيخ فاضل يملك أسلوباً للإقناع والتأثير بعظم ذنب الظلم، و يذكره بقوله تعالى: {يَأَيّهَا النّاسُ اتّقُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}. وقوله تعالى: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنّ ُلِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنّ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ فَعَسَىَ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}. أما بالنسبة للتنشئة الأسرية التي تتخذ العنف وسيلة التعامل أن يكون هناك توعية من قبل الأم لزوجها وأبنائها. وإذا حدثت مشادة كلامية بين الزوجين أن يبتعدا عن أبنائهما حتى لا يؤثر هذا الشجار فيما بينهما في نفسية وسلوك أبنائهما. وإذا كان السبب اقتصادياً أن تبحث المرأة لها عن مصدر دخل ولو كان بسيطاً لتخفف احتياجاتها للزوج ولتخفف من الضغوط عليه. وتتعاون معه في مصاريف الأسرة وضغوط الحياة. ربما العنف ضد المرأة يؤدي بها إلى العنف مع أبنائها، فينشأ في المجتمع جيل عنيف عدواني. فالطفل يرى أمه تضرب ويضربه أبوه وتضربه أمه ويضربه أخوه الأكبر.. ويأتي إلى المدرسة وقد نشأ عدوانياً فيبدأ يعتدي على زملائه يضرب هذا، يعتدي على هذا ، يشتم هذا.. فيشيع في المدرسة ومحيطه جواً من العنف والفوضى. إن اقتلاع جذور العنف في الأسرة والمدرسة ووضعه هدفاً استراتيجياً نسعى لتحقيقه يؤدي إلى خلق استقرار اجتماعي وتقدم في تنشئة أجيال لا تأخذ بالعصبية والتعصب والغضب والعنف في الفكر والتعامل. وكما ذكر الشاعر أحمد شوقي: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ لكن الأم إذا أهنتها وضربتها فإنك تعد جيلاً عصبيَ الأخلاقِ. على المجتمع دور كبير في حماية المرأة بطريقة تناسب عاداته وتشريعاته، ونشد على يد وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بلادنا الغالية وعلى رأس هرمها معالي الدكتور علي النملة في اعتزام وزارته إنشاء برنامج خاص باسم (الحماية الاجتماعية) للحد من العنف ضد الزوجات. [email protected]