أصبحت المسابقات القرآنية التي تقام في المملكة بفضل من الله - سبحانه وتعالى - ثم دعم ولاة الأمر أشبه بجامعات ومدارس تخرج المئات من حفظة القرآن الكريم من البنين والبنات من جميع الأعمار، وفي جميع مناطق المملكة، وهؤلاء الحفظة ثروة مباركة يجب الاستفادة منها في تدريس وتحفيظ القرآن الكريم في حلق ومدارس التحفيظ والدور النسائية وغيرها من جهود ومناشط الدعوة إلى الله، فحفظة كتاب الله هم الأولى بذلك، والأقدر على تحمل هذه المسؤولية العظيمة. وقد يقول قائل: إن كثيرا من الحفظة على الرغم من تفوقهم في مجال الحفظ والتلاوة، لا يمتلك المؤهلات والإمكانات التي تمكنه من القيام بواجب الدعوة كما ينبغي أو تعليم وتدريس القرآن الكريم في مدارس وحلقات التحفيظ، وهذا أمر قد يكون صحيحاً في كثير من الأحيان، إلا أنه يمكن الارتقاء بقدرات ومهارات هؤلاء الحفظة الذين أثبتوا تميزا وتفوقاً في الحفظ من خلال تشجيعهم لتحصيل أكبر من حيث الالتحاق بالجامعات، وخاصة في التخصصات التي تخدم القرآن الكريم وعلومه، فقد أثبتت الدراسة الميدانية التي أجريتها على المشاركين في جائزة الأمير سلمان لحفظ القرآن الكريم، أن أكثر من 80% من المتسابقين يتطلع لدراسة القرآن وعلومه إلى جانب العلوم التطبيقية أو الإنسانية الأخرى. وإذا كانت بعض الدول تمنح الأولوية للطلبة المتفوقين في الألعاب الرياضية أو فنون الرسم، وغيرها للالتحاق بالكليات التي تدرس هذه التخصصات، ومنحهم ما يسمى درجات التفوق الرياضي، أو الموهبة الفنية بنسبة 5% من المجموع الكلي الذين يحصلون عليه في المرحلة الثانوية.. فإن القرآن الكريم وحفظته أولى بالحصول على مثل هذه المنحة، ولا سيما في أقسام تدريس القرآن الكريم وعلوم الشريعة. ولا خلاف على أن تهيئة فرص التحاق الحفظة المتميزين والفائزين في المسابقات القرآنية بأقسام علوم القرآن الكريم بالجامعات يسهم في الارتقاء بمهاراتهم وخبراتهم في مجال تحفيظ القرآن وتدريسه.. وغيرها من المناشط الدعوية، مثل الخطابة وإمامة المصلين، وغيرها من الأمور التي تعد حفظ القرآن الكريم ومعرفة تفاسيره شرطا للنجاح في أدائها. يضاف لذلك الانتفاع من خيرية تعلم القرآن الكريم وتعليمه التي جاءت في الحديث الشريف (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وهذه الخيرية تنعكس بدورها على المجتمع بأسره ونظرته لحافظ القرآن وأفضليته في الدنيا أيضاً.