كم من الناس أفراداً وجماعات وشعوباً، كانوا ضحية العنف، وفي عالمنا المعاصر اختلطت أكثر من أي وقت مضى التأثيرات الفكرية والاعلامية والتربوية والمجتمعية، وتداخلت المفاهيم بصورة مخيفة، يصعب معها أحياناً كثيرة التمييز ورسم الحدود بين البطولة والقرصنة بين المشاعر الإنسانية والغرائز البهيمية. ان الدراما التاريخية لظاهرة استخدام الإرهاب لأغراض سياسية لا تعتبر جديدة, فالاعتماد عليه بواسطة فئات هدفها بلوغ المرامي المحددة يعود إلى فجر التاريخ. وفي دراما الإرهاب التي نحن بصددها يبقى شبه المستحيل كتابة خاتمة لها فمنذ 11 سبتمبر ما يزال الوضع العالمي يتخندق وسط بحر هائج من الإرهاب، ومن الضروري التساؤل عن أسباب طول أمد هذه الظاهرة، حتى في البلدان الغربية رغم الجهود الكبيرة التي بذلت لاستيعاب هذه الظاهرة والتي وصلت أخيراً إلى حد المواجهات المكشوفة. إن الخطاب الديني الذي واكب الحرب في أفغانستان تقع عليه مسئولية ما نراه حالياً ولابد من تصحيح تناقض الثقافة الدينية بين المعتدلين والمتعصبين. ان الإعصار الديني الذي هب في تلك السنوات قد خفّت حدته بكل تأكيد ولكن وبما أنه لم يبذل حتى اليوم جهد جدي لإجراء جرد حساب لتلك السنوات والبحث عن علاج لذلك الإعصار والاضطراب الناتج عنه في المجتمعات, حيث تحول كما نشاهد اليوم إلى قتل الأبرياء وتدمير وتخريب الممتلكات. ان السمة العامة لهذه المرحلة الاستثنائية جداً في بلادنا يمكن التعبير عنها بثقافةاليأس،أو الأزمة، وكأن الأمر عبارة عن ظاهرة جديدة، ومن المحتمل ان تكون هذه ظاهرة من علامات الساعة. ان العمليات الإرهابية التي وقعت في المملكة أخيراً قصد بها جعل البلاد مستننزفة منهكة، وهي بعض الأماكن مصابة بعمق في بعض هياكلها الأساسية. والتأثير على وزن البلاد على المستوى الدولي من خلال تحذير كبريات الدول لرعاياها بمغادرة المملكة. لقد كشفت الاعتداءات الأخيرة على رجال الأمن ومقراتهم الكذبة الكبرى التي كان الإرهابيون يتسترون خلفها عندما يعلنون ان هدفهم التواجد الأجنبي على أرض المملكة. ان نعمة الأمن في بلادنا تحتاج منا جميعاً مضاعفة الجهد وتكريس الطاقات وبذل المزيد من التكاتف لحمايتها. فإذا كانت مسئولية حفظ الأمن من اختصاص رجال الأمن الذين شرفهم الله بتحمل أعباء هذه الرسالة واناط بهم حمايتها واستمرارها فإن حماية الأمن مسئولية أفراد هذا المجتمع قاطبة ليعيش الجميع تحت مظلة الإسلام الخالدة آمنين مطمئنين. ومكابر من يدعي انه يعمل دونما أخطاء، فتلك ميزة أكرم الله بها الأنبياء والمعصومين، والإرهابيون اليوم لا يستطيعون ان يحدقوا في ضوء النهار، ولا ان يفتحوا أعينهم للنور, ولا يرون إيجابيات العمل الكثيرة المنتشرة، الا انهم يفتحون أعينهم على مصراعيها في ظلام الليل الحالك لاصطياد الأخطاء, فكيف يصدق الناس هؤلاء الذين كانواحتى يوم أمس شرذمة قليلةولا يرى لهم وجود. يصبحون اليوم خطرين على المجتمع ولديهم اعمال وتحركات كهذه. ان ظاهرة الرفض الإرهابي هي ظاهرة متنوعة التعبير، متعددة الوجوه، تنطلق من اللامبالاة حتى المواجهة العنيفة المستمرة، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم -: (فإن من يعش منكم فسوف يرى اختلافا كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين والمهديين من بعدي تمسَّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) وهذا خطاب للأمة إلى أن تقوم الساعة، فيجب عدم السماح لأعداء المجتمع بفرض جزء من أجندة الإرهاب على الأقل ضد ارادة اغلبية افراده، بل ان الوضع يكون اكثر تعقيداً عندما يبرز الإرهابيون في زمرة واحدة كأعداء للبشرية ككل، بغض النظر عن المظالم المتخيلة والأهداف التي تحركهم. فالمجتمع البشري قد تعلم بعد آلاف السنين كيف يحرم ويحارب الشرور، مثل أكل لحوم البشر والعبودية.. فلماذا لا يضاف الإرهاب ضمن قائمة الشرور المحرمة؟!.