يبلغ الحقد بأعداء الإسلام، والكراهية لدين الله الحقّ، إلى أن يسلكوا أعمالاً مشينة، فيها تحايل على الله، وافتراء على رسوله- صلى الله عليه وسلم-، وتحريف لكلام الله: القرآن العظيم الفرقان الكريم، من غير خجل، ولا مراعاة لشعور المسلمين، لأن من أدب الإسلام مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، أما هم فيسبُّون ويكذبون، لضيق أفقهم وقلة بضاعتهم. وعندما نكتب اليوم، عن أسلوب من أساليب أعداء الله، وأعداء شرعه الذي شرعه لعباده، فإنما هو من باب البيان والبلاغ، بيان ما تكنه صدورهم، وما طفح على ألسنتهم، وبلاغ للمسلمين ليحذروا مكائدهم ويدركوا أساليبهم، وتمكيناً لدلالة الآية الكريمة من قلوبهم:{وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم .. } سورة البقرة (109) ، مع آيات كثيرة تبين ما وراءهم من كيد للإسلام وأهله ليطفئوا نور الله، حيث بدت البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر. ولئن كان أعداء الله، وأعداء دينه وأعداء رسوله الخاتم، يلتمسون ملاحدة تسمّوا بأسماء إسلامية، ورضعوا لبانهم، بعد أن ارتدوا عن دينهم، فتأثروا بشبهاتهم حول الإسلام، ليجعلوهم واجهة في نشر آياتهم الشيطانية، وهم كثير يشجعهم هؤلاء، للخروج بآراء وأفكار تهدم الإسلام: مثل: رشاد خليفة فيما سماه معجزة الله الخالدة، وسلمان رشدي، وتسليمة نسرين، في آياتهم الشيطانية، حيث فجروا تلك البدع في يوم من الأيام، وأحدثوا ضجة كفروا من علماء المسلمين بسبب ما صدر منهم، وبما برز من أباطيلهم، التي أوجبت الحكم بكفرهم وردتهم عن الإسلام.. فماذا نرى بعد ذلك؟! نرى الغرب بكنائسهم، والصهيونية بإعلامها، تدافع عنهم وتحتضنهم وتحميهم، فهل انتهى الأمر عند هذا الحد؟ الواقع أن الأعداء لا يكلون ولا يملون، فقد ظهرت آيات شيطانية جديدة، مزعومة ومنسوبة إلى الله سبحانه وتعالى عما يقولون وتقدس وتعظّّم عما يفترون. هذا العمل الشيطاني خرج عن دارين للنشر أمريكيتين هما: (عامOMEGA-2001، وWINE PRESS)، حيث قذفتا أخيراً آيات من وحي الشيطان، فأبرزها شياطين الإنس باسم: الفرقان الخالد، للقرن الحادي والعشرين، حيث سولت للواضعين أنفسهم المريضة والذي لا أشك أن فيه نفساً يهودياً، الذين أخبر الله عنهم، بأنهم أشد الأجناس عداوة للذين آمنوا بالله سبحانه، كما قال تعالى:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } سورة المائدة (82) . فقد سموا كتابهم هذا باسم يريدون به مخادعة الجهلة من المسلمين، والشبهات يلبسون بها على أفئدة المتأثرين بثقافتهم وأفكارهم الغريبة المنحرفة، ويريدونه مصحفاً للأديان الثلاثة، بما أودعوا فيه من الكذب والافتراء على الله وعلى رسوله، على منوال ما كذبوا على الله وعلى أنبيائه في كتبهم من قبل، جاؤوا بذلك مع ما يسمونه الديمقراطية المصاحبة لغزو العراق. قدّم لكتابهم هذا عضوا اللجنة المشرفة على تدوينه وترجمته ونشره: المدعوان (الصّفي) و(المهديّ) وهما فيما يبدو وهميان، وذكرا في المقدمة: بأنه للأمة العربية خصوصاً، وإلى العالم الإسلامي عموماً.. وما كان المسلمون والعرب في حاجة لأكاذيبهم على الله، ولا شتم الدين. وهذا المصحف تحدثت عنه بألم شديد في خمس صفحات مجلة الفرقان الكويتية العدد 283، واستعرضت نماذج مما جاء فيه من مزاعم، وأكاذيب على الله جلت قدرته، كما هي عادتهم من قبل في الكذب على الله، وعلى أنبيائه، وتحريف كلامه، كما قال سبحانه:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } سورة يونس (17). تقول مجلة الفرقان: إن هذا الكتاب (مصحف الفرقان الحق، كما يزعمون)، وزع في الكويت على الطلاب المتفوقين، وفي المدارس الخاصة التي أصبحت مرتعاً خصبا للمنصرين باللغتين العربية والإنجليزية، للتأثير على أكبادنا, وبث ثقافة الاستسلام في أذهان الأجيال القادمة، من أبنائنا وبناتنا، حتى يردوهم عن دينهم الإسلامي الحنيف، إنها حرب باردة خفية تدورعلى أبنائنا في ظل غفلتنا، وتكالب الأعداء علينا، وعلى أمتنا الإسلامية. هذا الكتاب يقع في 378 صفحة. يبدأ مصحفهم هذا المزعوم: بمقدمة مسمومة، ترسخ وتؤصل للخلط العقدي، وحرية الأديان في مفردات تنصيرية، يتألف من 77 سورة مختلقة وخاتمة، ويفتح بالبسملة بقولهم: بسم الأب الكلمة الروح، الإله الواحد الأوحد، مثلث التوحيد، موحد التثليث ما تعدد. ونقول للقارئ: كيف يكون الله سبحانه، مثلث التوحيد، وهما كلمتان متضادتان، فالتثليث ضد التوحيد. وفي الوقت الذي نوضح لكل مسلم: أن القرآن الكريم لا مخافة عليه من أباطيلهم وأكاذيبهم، لأن الله جلت قدرته تعهد بحفظ كتابه الكريم، من أيدي العابثين الكافرين بالله وبآياته ورسالة محمد- صلى الله عليه وسلم-، فقال سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} سورة الحجر(9) . فإن هذه ليست أول مرة يسعون فيها للتحريف والحذف والزيادة، بما تهوى أنفسهم، في الطبعات إلا أن الله يقيض له جل وعلا، من يكشف تلاعبهم، ويبطل الله مكائدهم، ودورنا الحميّة لله, والغيرة على دينه، والدفاع عن جناب التوحيد. ومع ذلك فإني أرجو من الآباء والأمهات، ومن العلماء والمدركين، بل ومن كل فرد: اليقظة والحيطة، وسد المنافذ التي يدخل على المسلمين منها الشر، لأن المسؤولية عامة، والغزو مقصود منه زعزعة الإيمان من النفوس، وموجه للصغار قبل الكبار, والفتيات قبل الأمهات، والجهال قبل المدركين، وطلبة العلم، حيث يرون هؤلاء خير مزرعة لأباطيلهم وهكذا يتوهمون. إنها أمانة كبيرة أمر بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمته، بقوله الكريم: (كل منكم على ثغر من ثغور الإسلام، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله)، فليحرص الجميع على هذه الحراسة، وعلى الجميع أن يفتحوا آذانهم وعيونهم، وأقول لهم ولنفسي: اكتشفوا هذه الفرية من أي طريق جاءت، وتابعوا هذا الضلال ومن يروجه، وحصّنوا ناشئتكم: إعلامياً ونصحاً وتعرية: لهذا الغزو المقصود منه طعنكم في عقيدتكم، لتصبحوا كفاراً مثلهم، فإن يد الله مع الجماعة. ومع تقوى الله والإكثار من دعائه: أيقنوا أنه غزو محكوم عليه بإذن الله بالفشل، لأنه جرأة على الله، ومحاولة لطمس الحقيقة وإطفاء لنور الله، والله متم نوره ولو كره الكافرون، وعليكم عدم التخاذل في هذا، حتى لا يعم عقاب الله، كما قالت عائشة - رضي الله عنها - لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟، قال(: نعم إذا كثر الخبث، ويبعث الناس على نياتهم )وتذكروا قول الله:{وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} سورة محمد (38) . وفي حلقة هذا اليوم سأورد بعضاً من الفتاوى العريضة التي جاءت في مجلة الفرقان الكويتية عن هذا الفرقان المزعوم، ليعرف القارئ كيف توضع الشبهات والأضاليل، من أعداء الله وأعداء دينه الحق الإسلام الذي قال الله عنه: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } سورة آل عمران (19)، ويقول سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} سورة آل عمران ( 85) . ومن تلك العناوين البارزة: أنكروا وحدانية الله سبحانه، ووصفوه بالشيطان تقدّس وتعظم عن ذلك عليهم من الله ما يستحقون.. وذلك بقولهم: وقال الشيطان لأوليائه: أنا ربكم الأحد لم ألد ولم أولد، فهم بهذا ينكرون ما وصف الله به نفسه، ويفترون مع هذا الإنكار. كما أنهم أنكروا أسماء الله وصفاته بقولهم في كتابهم هذا: افتروا علينا كذباً - يعنون بذلك محمداً- صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، حيث يسمونهم مرة بالكافرين ومرة بالمنافقين، وأبقوا الوصف بالإيمان لأنفسهم، مع أن الله سبحانه وتعالى سمى اليهود والنصارى كفاراً بقول اليهود: إن عزيراً ابن الله، وقول النصارى المسيح ابن الله، أنكروا أسماء الله بقولهم في كتابهم هذا على الله: بأنا الجبار المنتقم المهلك المتكبر، المذل، وحاشا لنا أن نتصف بإفك المفترين، ونزهنا عما يصفون.. ونقول لهم من المفتري صاحب الإفك: أليس هو الذي يكذب على الله، ويكذب رسوله، مع أن أسماء الله سبحانه جاءت كلها في كتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل، ولا يتطرق إليه الشك. يخافون من الجهاد، ويرغبون في نشر ثقافة الاستسلام والخضوع والضعف والجبن بين المسلمين، وينفون عن الله تحريض المؤمنين على الجهاد وقتال الكفار، فقالوا: وزعمتم بأنا قلنا قاتلوا في سبيل الله وحرضوا المؤمنين على القتال، وما كان القتال سبيلنا، وما كنا لنحرض المؤمنين على القتال، إن ذلك إلا تحريض شيطان رجيم لقوم مجرمين، انظر يا أخي القارئ: كيف تجرأوا على القرآن بالتكذيب وعلى الله سبحانه بما سمّوه به، وعلى أهل الإسلام، وجعلوا الزواج من النجاسات، وتعدده من الزنى بقولهم: وما كان النجس والطمث والمحيض والغائط والتيمم والنكاح والهجر والضرب والطلاق إلا كومة ركْس لفظها الشيطان.. ونستغفر الله من نقل كفرياتهم، ولكن لا بد من إبانة منهجهم ليعرف المسلمون خفايا نفوسهم، فإذا عرف الداء سهل وصف الدواء.. للحديث صلة.. حوار مع خالد بن الوليد جاء في مجلة التربية الإسلامية العدد الأول السنة 29، محرم عام 1408ه التي تصدر في بغداد: أنه بالإيمان انتصرت قوى الحق بقيادة سيف الله المسلول: خالد بن الوليد، على قوى الباطل، بصورة أبهرت قادة الروم، وأمراء جيوشهم، مما حمل أحدهم واسمه (جرجة) على أن يدعو خالداً للبروز إليه في إحدى فترات الراحة بين القتال. وحين التقيا، وجّه القائد الروماني حديثه إلى خالد قائلاً: يا خالد.. اصدقني ولا تكذبني، فإن الحرّ لا يكذب، هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاه إياك، فلا تسلّه على أحد إلا هزمته؟ قال خالد: لا.. قال الرجل: فبماذا سُميّت سيف الله؟ قال خالد: إن الله بعث فينا رسوله، فمنّا من صدّقه، ومنّا من كذّب.. وكنت فيمن كذّب، حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام، وهدانا برسوله، فبايعناه، فدعا لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالنّصر، وقال لي: أنت سيف من سيوف الله، فهكذا سُمِّيْتُ (سيف الله). قال القائد الروماني: وإلام تدعون؟. قال خالد: ندعو إلى توحيد الله، والإخلاص له سبحانه في العبادة، وإلى دين الإسلام. قال القائد الروماني: هل لمن يدخل في الإسلام اليوم، مثل ما لكم من المثوبة والأجر؟ قال خالد: نعم وأفضل. قال القائد الروماني: كيف وقد سبقتمونا؟. قال: لقد عشنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ورأينا معجزاته، وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر، أما أنتم يا من لم تروه، ولم تسمعوه، ثم آمنتم بالغيب، فإن أجركم أجزل وأكبر، إذا صدقتم الله في سرائركم ونواياكم. وما كاد خالد ينتهي من كلامه هذا, حتى دفع القائد الروماني جواده إلى ناحية خالد, ووقف بجواره، ثم قال: علّمني الإسلام يا خالد. فعلمه وفعلاً أسلم، وصلّى ركعتين لم يصل سواهما، ثم قاتل في صفوف المسلمين، عندما استؤنف القتال بين الجيشين، واستمات هذا القائد الروماني المسلم، في طلب الشهادة حتى نالها, وظفر بها (ص 64).