نشرت صحيفة الجزيرة الغراء مؤخراً إحصائية مفادها أن عدد حالات الطلاق في المملكة قد بلغت في عام 1422ه (18765) حالة طلاق مقابل (90982) حالة زواج.. أي بنسبة (21%) تقريباً، والمزعج حقاً أن هذه النسبة في تزايد مستمر عاماً بعد آخر، وقد وصلت النسبة في أعوام أخرى قرابة (25%)، الملاحظ أن هذه النسبة من أعلى نسب الطلاق في العالم، ونحن نعلم أن الطلاق في الشريعة الإسلامية ليس حراماً. بل أجازته الشريعة ولكن مع النظر إليه على أنه - وإن كان حلالاً- إلا أنه أبغض الحلال إلى الله.. وحث الشرع بعدم اللجوء إليه إلا لضرورة قصوى، ولتزايد نسبة الطلاق في مجتمعنا أسباب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:- 1- سوء الاختيار وعدم التقيد بما أوصى به الرسول- صلىالله عليه وسلم (فاظفر بذات الدين تربت يداك). 2- تمسك بعض العائلات بعادات غير مناسبة، ومثال ذلك (فلان لفلانة، وفلانة لفلان، دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى). 3- قرناء السوء وما يبثونه في نفس الزوج أو الزوجة من سموم وأفكار باطلة منها على سبيل المثال:(أن الحرية في العزوبية، وأن الحياة الزوجية سجن لا فكاك منه). 4- عدم مراعاة شعور المرأة - عند بعض الأسر- إذ يتم تزويج الفتاة دون أخذ رأيها وكأنها سلعة تباع وتشترى. 5- تفضيل بعض الفتيات الزواج من زوج موسر بصرف النظر عن عمره، أو حالته الصحية طالما يستطيع توفير ما ترنو إليه تلك الزوجة من مظاهر الحياة.. ومع مرور الوقت تشعر تلك الزوجة بالندم. 6- تدخل الوالدين بشكل مباشر وبطريقة خاطئة في حياة الزوجين.. مما يسبب الكثير من القلاقل والمشاكل. 7- عدم تأهيل الزوجين قبل الزواج لما ستكون عليه أوضاعهما بعد الزواج. وقد يكون هذا من أهم الأسباب. هذه هي بعض الأسباب وراء تزايد ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي.. ومحاولة إسهام في الحد من هذه الظاهرة فأني أطرح هنا بعض الأفكار:- 1- إنشاء دورات أو عيادات تأهيل للمقدمين على الزواج تكون مهمتها توعية الشباب الراغبين في الزواج.. وتعريفهم بواجبات كل من زوجة وزوج المستقبل. * ويجب أن يتواجد بهذه العيادات والدورات إخصائيون نفسيون، واجتماعيون ذوو خبرة في هذا المجال تكون مهمتهم الأولى كسب ثقة المترددين على هذه العيادات. * يا حبذا لو كان تردد الزوجين على هذه العيادات خلال فترة الخطوبة، ولا مانع أيضاً من القيام بزيارات لهذه العيادات بين فترة وأخرى، بعد أن يكون قد تم الزواج. * ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أشيد بقيام الدولة بتخصيص لجان للفحص الطبي للراغبين في الزواج.. وهذه لفتة تستحق التقدير والاحترام.. وعلى نفس النهج أتمنى إنشاء عيادات ودورات التأهيل في نفس السياق. 2- من الأمور التي أراها يمكن أن تحد من ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي هو أن يعرف كل من الزوجين أن سائر البيوت لا تخلو من خلافات في وجهات النظر بين الزوجين.. ولكن لابد من تغليب جانب العقل.. ومراعاة مصلحة الأولاد.. وصالح الأسرة بصفة عامة. 3- تحري الصفات الطيبة عند اختيار الزوجة، وأن يكون اختيارها ليس على أساس مادي أو نفعي.. بل يجب أن يكون للتدين وكرم الأخلاق.. وطيبة الأهل النصيب الأوفر عند الاختيار. 4- أن يسود بين الزوجين نوع من التفاهم.. وأن يتعودا على مناقشة ما قد يصادفهما من مشاكل بأسلوب هادئ.. ليس فيه انفعال أو عصبية.. بل يجب أن يحاول كل طرف أن يتغاضى عن عيوب الطرف الآخر، حتى تسير سفينة الحياة الزوجية بسلام. 5- إذا حدثت خلافات بين الزوجين يجب أن يكون ذلك في إطار الزوجين فقط وعدم تدخل الأهل حتى لا تكبر المشاكل وتزداد تعقيداً. 6- تكوين لجان رجالية، وأخرى نسائية في المحاكم يكون مهمتها محاولة التوفيق بين الزوجين والراغبين في الطلاق، بل أن يصدر صك الطلاق من المحاكم. وأخيراً أتمنى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه هذه الظاهرة قد خفَّت حدتها، وأن تقل نسبة الطلاق.. وأن يسود روح التفاهم والسعادة بين جميع الأسر السعودية.. لأن ذلك سينعكس على المجتمع كله. سامي بن عبدالرحمن بن إبراهيم أبوحيمد عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال Email: [email protected]