تناولنا في الأسبوع الماضي فن الإشراف الإداري، وكيف يبدأ المشرف بالإشراف، وما هي مبادئ الإشراف الأساسية، وكيف يصدر المشرف أوامره إلى الموظفين، وكيفية نقد عمل الموظفين، وكيفية الفصل في التظلمات والشكاوى. وفي هذا الأسبوع نستكمل هذا الموضوع، حيث نتطرق إلى موضوعات مهمة أخرى.. 7- كيف تقوِّم السلوك الوظيفي لمرؤوسيك: في أحيان كثيرة يواجه المشرف في وحدته موظفاً أو عاملاً كسولاً، أو مكابراً، أو مستهتراً، أو بطيئاً جداً، أو ثرثاراً، أو عصبي المزاج، أو معقداً، أو عاجزاً عن مسايرة زملائه، أو غير ميالٍ لعمله، أو دائم التأخير، أو منافقاً، أو غير ذلك من العيوب التي تسيء إلى جو العمل وتفسده. ويرى الكثيرون أن علاج هذه الحالة هو نقل الموظف إلى مكان آخر، إلا أن هذه الطريقة ليست هي الطريقة الواجب اتباعها.. إذ يجب ألا يستخدم النقل كوسيلة لحل المشاكل إلا حين يحدث صدام بين الأفراد يستدعي بالضرورة أن يكون النقل حلاً لها، أما بالنسبة للحالات السابقة فمن الأفضل أن تُعالج الحالة حيث هي: وتناول مثل هذه المشاكل لحلها يتطلب منك دائماً أن تكتسب ثقة صاحب المشكلة أولاً، ثم ابدأ في تطبيق الطريقة التالية التي غالباً ما تنجح: أ - بمجرد أن تكتسب ثقة هذا الشخص حدثه عن عيبه، وحاول أن تجد معه سبب ذلك، ووضح له أثر هذا العيب عليه وعليك وعلى المنظمة.. وضح له الأمر حتى يراه بنفسه، ثم حاول أن تأخذ رأيه في طريقة التغلب على هذا العيب، ثم اتفق معه على خط السير في علاجه بشرط أن يتضمن مساعدتك الحقيقية والرحيمة له، واجعله على علم بمدى ما يحرزه من تحسن. ب - إذا فشلت هذه المحاولة الأولى.. فحاول مرة أخرى بعد فترة مناسبة وأعرض الموقف ثانية، وابحث عن أسباب فشل المحاولة الأولى، وحاول أن تحصل منه على وعد بأن يحسن تصرفه، واتفق معه على الخطوات التي يتخذها، وتتبع المسألة من جديد، وامتدحه على أي تحسن يحققه. ج - إذا استمر عيبه واشتد.. استدعه مرة أخرى وناقش الأمر معه من جديد، ثم ابدأ بدراسة تقريره معه وأثر هذا التقرير على فرصته في الترقي وعلى مرتبه وأسرته.. إلخ، وكن واضحاً معه في ذلك وحاول أن تكسب تعاونه معك. د - إذا لم تحرز تقدماً رغم ذلك فناقش الأمر مع رئيسك، واتفق معه على خطة التصرف.. من ذلك مثلاً.. أن ينذر الموظف بأن استمراره على عيبه قد يكلفه وظيفته وذلك إذا كان الضرر منه شديد الخطورة أو تعطى له فرصته لتصحيح عيوبه، ولا مانع من أخذ رأيه.. فقد يرغب في عمل آخر في قسم آخر.. على أن الخطوات العنيفة يجب ألا تتخذ إلا إذا كنت متأكداً من تأييد زملائه لك وذلك حتى تظل محتفظاً بثقتهم فيك.. فإذا اضطررت أن تواصل خطواتك حتى الخطوة (ج) فابدأ بكتابة ملاحظاتك عن هذا الموظف فقد تحتاج إليها فيما بعد، ويجب أن تتأكد أن تكون ملاحظاتك مشتملة عى كل الحقائق الخاصة بهذا المرؤوس واستمر في عملك بطريقة تقنع الموظف بأنك ما زلت راغباً في مساعدته، وراع دائماً ألا تهدده بما لا تستطيع تنفيذه. 8- كيف تعالج الانحرافات الخطيرة لمرؤوسيك: قد تواجه كمشرف حالات من الانحرافات الخطيرة لمرؤوسيك مثل إهمال أداء الواجب ورفض القيام بأنواع معينة من العمل والسرقة والرشوة وغير ذلك من الانحرافات الأخرى، ويتوقف ما يجب عمله على الظروف، إلا أنه هناك أشياء يجب على المشرف أن يعرفها، مثل أن أي تصرف خطير يقوم به المرؤوس ويؤدي إلى تهديد مستقبله الوظيفي ليس شيئاً يستطيع المشرف أن يعالجه بنفسه وفي معظم المصالح الحكومية والمصانع لا يعط المشرفين سلطة الفصل.. بل يحتفظ بهذا الحق للسلطات العليا.. فمن الأهمية بمكان في هذه الحالة أن تتصل برئيسك، وعليكما معاً أن تناقشا الموقف، وأن تقررا ما يجب عمله، ومن الإجراءات المألوفة في هذا الشأن أن تستشير مدير شؤون الموظفين في المنظمة، لكن هذا لا يعني أنك قد أخليت مسؤوليتك من الموضوع.. بل على العكس فهو مرؤوسك وأنت تتحمل مسؤولية مهمة في معالجة الأمر، والمفروض أنك تعلم أو يجب أن تكون عالماً بالكثير عنه.. لذلك يجب أن تسير في هذه الحالة إلى أقصى ما تمتد إليه سلطتك، ويجب أن ترفع توصياتك إلى الجهة التي تملك القرار النهائي، ويجب أن يكون لهذه التوصيات وزنها الجوهري في اتخاذ القرار.ويمكن القول إن حالات الانحرافات الخطيرة قليلة.. لذلك فإن فرصة مواجهتك لإحداها نادرة.. غير أنك يجب أن تتذكر أن معظم هذه الانحرافات الخطيرة تبدأ عادةً بأخطاء بسيطة لم يتم تداركها في الوقت المناسب.. فالموظف الذي يأتي إلى عمله متأخراً عدة مرات يكون في حاجة إلى تحذير وإلا فإنه سيستمر على هذا النحو حتى ينتهي الأمر إلى وقفه عن العمل بسبب ذلك. 9- كيف تعالج عدم كفاية مرؤوسيك: أن يكون مرؤوسك غير كفء، فهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى ذلك لكنه لا يوجد سبب واحد يمنعك كمشرف من معالجة هذه الحالة فوراً.. إذ إن كثيراً من المشرفين يتحرجون من مواجهة مرؤوسيهم غير الأكفاء بأمانة.. حيث يرى أن قوله لمرؤوسه إنه لا يؤدي واجبه كما يجب أن يكون شيئاً ثقيلاً على النفس.. لكن إذا واجه المشرف مروؤسه بطريقة واضحة بهدف مساعدته فإن المهمة ستكون محببة إلى النفس.. فالناس يقدِّرون المساعدة عادة.. وإن كان بعضهم ينكر أنه بحاجة إلى ذلك. وعلى افتراض أنك كمشرف قد قمت بكل ما في استطاعتك في مساندة مرؤوس ما لتحسين كفاءته في أدائه لعمله.. ورغم ذلك فإنه لم يحرز تقدماً يذكر فعليك في هذه الحالة بالخطوات التالية: أ - ناقش المشكلة مع رئيسك وحاول بمساعدته أن تحدد: ما إذا كان إشرافك على المرؤوس جيداً أو رديئاً. ما إذا كان الموظف رديئاً بالفعل.. ويجب أن تكون أمينا في ذلك.. فقد يكون السبب في ذلك هو طريقة إشرافك.. وبالتالي يكون الموظف مستحقاً لتجربة أخرى مع مشرف آخر.فإذا كان غير ذلك فعليك بالخطوة التالية: ب - ناقش الأمر أنت ورئيسك مع الموظف مظهراً اهتمامك الأصيل به.. فقد يكون راغباً في أن ينتقل إلى عمل آخر. وعليك أن تساعده في ذلك إذا رغب فيه. ج - إذا لم يكن الموظف راغباً في التعاون.. وهذا ما يحدث أحياناً فعليك باتباع الإجراءات المنصوص عليها في منظمتك لمعالجة مثل هذه الحالات.. وكن على استعداد للسير في الأمر حتى النهاية، فإذا انتهى الأمر بالفصل، أو بتنزيل الدرجة، أو بتظلّم الموظف إلى سلطة أعلى وهذا حقه فكن مستعداً لأن تتقدَّم بتبريرات واضحة موضوعية عن تصرفك ورأيك. 10 - كيف تمارس الإشراف في أماكن بعيدة عنك: في حالات كثيرة يجد المشرف أنه مسؤول عن الإشراف على مجموعة من الموظفين الموجودين في مكان بعيد عنه وهذا يجعل الإشراف عملية صعبة على المشرف وعلى الموظفين سواء بسواء، فكل من الرئيس والمرؤوس في حاجة إلى الاتصال المباشر لإنجاز العمل على الوجه الأكمل، ورغم ذلك فإن هناك وسائل بديلة ويعتمد نجاح المشرف على مدى استخدامه لهذه الوسائل وهي: أ - خطة العمل: يجب الاعتماد على خطط العمل التي يضعها مرؤوسوك بالتعاون معك بحيث يكونون ملتزمين بتنفيذها أمامك، ويمكن أن تكون الخطة بسيطة بحيث تغطي مدة لا يزيد طولها عن المدة بين زيارتين من زياراتك التي تقوم بها لهم أو تطول إلى شهور أو فصول أو سنة كاملة. ب - الاجتماعات: يجب أن تعقد اجتماعات دورية مع مرؤوسيك على أن تكون مواعيد هذه الاجتماعات معروفة لمرؤوسيك بحيث يمكنهم أن يعدوا ما يرغبون في استشارتك فيه، أو يمكنهم إعداد البيانات التي تكون بحاجة إليها.. لذلك يجب أن يخطط لهذه الاجتماعات بدقة بحيث تعطي أفضل النتائج. ج - الزيارات الرسمية: كلما سمحت لك ظروف العمل فإنه يجب عليك زيارة رجالك في مكان عملهم على أن تخطرهم مسبقاً بموعد الزيارة بحيث يمكنهم أن يعدوا لك المشاكل التي تعترضهم, وبقدر الإمكان حاول أن تستخدم الزيارات المفاجئة وغير المتوقعة في حدود ضيقة، فهي تؤدي إلى ارتياب المرؤوسين وتشككهم، بل تخوفهم بدلاً من قيام الثقة، بالإضافة إلى أنها لا تحقق فائدة كبيرة. د - التقارير: راع أن التقارير التي تطلبها تكون موجزة وبسيطة على أن يكون مرؤوسوك على علم بالبيانات التي ترغب في الحصول عليها من هذه التقارير. ه - الكتيبات والنشرات: إن الاستخدام الجيد للكتيبات والنشرات ودلائل العمل يكون ذا فائدة كبيرة في توجيه مرؤوسين يعملون في أماكن بعيدة وذلك إذا استخدمت بشكل جيد. (*) المصدر: تنمية المهارات الإشرافية د. السيد عليوة.