لا تخفى أهمية الكتابة عن تاريخ البلدان النجدية لأننا في حاجة ماسة لمعرفة تاريخ المنطقة واستجلاء غامضها وكذلك لنكون على بينة واضحة ومن أجل نقلة للأجيال القادمة، ويجب أن يكون ذلك بكل صدق وتجرد وأن يكون موثقاً بالأدلة والاستشهادات الصحيحة من وثائق وكتب أو دلائل آثارية، ولقد اطلعت على ما كتبه الأستاذ عبدالعزيز بن ناصر السند في المجلة الثقافية الملحقة بصحيفة الجزيرة بتاريخ الاثنين 6-11-1424ه العدد 41، ص 20، بعنوان (عشيرة سدير) وتكلم الكاتب فيه عن بعض الجوانب التاريخية المتعلقة ببلدة عشيرة سدير فأحببت توضيح بعض النقاط التي وهم فيها كاتب المقال المذكور وهي: 1- نشأة عشيرة: ذكر الكاتب ما نصه: (نشأة عشيرة سدير تعود إلى القرن الثامن حيث كانت تلك الفترة الرئاسة في قبيلة الفضول في وسط نجد وفي آل غزي وهو جاسر بن سالم آل غزي) وهذا مخالف لما ذكره ابن بسام في تاريخه، واليكم ما قاله المؤرخ عبدالله بن بسام صاحب تحفة المشتاق عن أحداث (النصف الثاني من القرن التاسع الهجري) ما نصه: (ثم دخلت سنة 857ه.. وفيها اغارو عنزة على آل غزي من الفضول وهم علي تبراك.. (حتى قال المؤلف) فلما وصلوا إليهم أمر عليهم رئيسهم جاسر بن سالم الغزي)(1). فالكاتب مطالب بالنص الذي يشير إلى أن جاسر بن سالم كان موجوداً أو رئيساً في القرن الثامن، كذلك لم يذكرعلاقة بسام بجسار بن سالم بعشيرة سدير بل بتبراك وهي تبعد عنها مسافة ليست بالقريبة، ثم يربط الكاتب رئاسة الفضول في وسط نجد في القرن الثامن بنشأة عشيرة بما نصه: (ومن هذا كانت عشيرة سدير قد عمرت من قبائل الفضول) وهذا استنتاج في غير محله ولو سلمنا بهذا الاستنتاج لكانت جميع بلدان وسط نجد عمرت من قبل أصحاب هذه الرئاسة مثل بلدان سدير وما جاورها التي نشأت في تلك الفترة، وكان يتعين على الكاتب أن يبني معلوماته عن نشأة عشيرة بمصادر موثقة وليس برأي لا يستند إلى دليل، والصيح أن نشأة عشيرة كانت على يد مانع التميمي من عمرو ابن تميم الذي تنسب له (المنيعات) في عشيرة سدير بناء على أقدم نص وثيقة تخص المنيعات في عشيرة سدير، ولم أجد ما هو أقدم منها حتى الآن حسب اطلاعي، وكاتبها هو الشيخ سليمان بن علي بن مشرف قاضي روضة سدير في فترة من الزمن وقد تُوفي عام 1079ه(2), وعلى أساس تاريخ وفاة الشيخ تم تحديد الزمن التقريبي لهذه الوثيقة وهو منتصف القرن الحادي عشر الهجري وإليكم نصها: (بسم الله الرحمن الرحيم.. مضمونه أني رأيت سنة تبنان وثيقة صحيحة كتب سليمان بن علي رحمه الله بما حاصلها أن ربيعة ومانع العشري وقفا عقاريهما الآتي بيانهما على أولادهما والعقاران المذكوران أحدهما العقار الذي في أسفل قرية الجنيفي المسمى بالشارخية ما خلا قطعة فيها معلومة ذكر أنها لآل حمد بن عشري لم تكن ملكاً لم ذكرنا فلم تدخل في الوقف المذكور والعقار الآخر هو المسمى بجبرة في قرية عشيرة وشهرة كل من العقارين تغني عن حده وذكر أن ذلك جرى في صحة من عقل وبدن وطوع واختيار ومعرفة بالموقوف حين الوقف من الواقفين المذكورين وأن ذلك وقفاً صحيحاً شرعياً لازماً مرضياً وذكر أنه حضر على ذلك جماعة من المسلمين منهم العدول وغيرهم ثم ذكر أنه شهد به وأثبته وكتبه فقير عفو ربه العلي سليمان بن علي بن محمد بن مشرف وذلك بعد تحققه ومعرفة خطه معرفة يقينا لا شك فيه ولا مرية قال ذلك وشهد به وكتبه وأثبته أحمد بن محمد المنقور ونقله من خط الشيخ أحمد المنقور حرفاً بحرف بعد المعرفة به يقينا فقير عفو ربه العلي أحمد بن غنام الحنبلي ونقله من خط أحمد بن غنام بعد معرفته يقينا عبدالله بن عبدالرحمن ابابطين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ونقله من خط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن ابابطين رحمه الله وعليه ختمه بعد معرفته يقيناً حرفاً بحرف لموجب شرعي وهو تلف الأصل المنقول منه عثمان بن عبدالله بن عمر وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم 2 ص 1341ه) والمقصود بسنة تبنان سنة (1099ه)(3) وهو التجديد الأول لهذه الوثيقة على يد الشيخ أحمد المنقور قاضي حوطة سدير في وقته، وهذه الوثيقة تعتبر حجة دامغة على قدم استيطان المنيعات في بلدة عشيرة سدير، وتوضح هذه الوثيقة أن بلدة عشيرة سدير مقر فروع وأسر المنيعات، وأصل منازلهم، فمن تلك الأسر من بقي فيها ولم يتحول عنها، ومنهم من انتقل عنها إلى بعض مدن سدير المجاورة، كذلك ما ذكره الشيخ حمد بن محمد بن لعبون الموجود في القرن الثالث عشر الهجري في تاريخه حينما تكلم عن تميم نجد ذكر أن المنيعات (المنعات) هم أهل عشيرة ما نصه: (والصريح منهم المجتمعون على أحسابهم وأنسابهم في نجد.. والرابعة آل منعات الذين منهم آل عشيرة أهل عشيرة)(4). كذلك ما ذكره جبر بن سيار المتوفى عام 1085ه في كتابه، ما نصه: (المنعات أهل عشيرة)(5). أيضا قدم استيطان بنو تميم في وادي سدير قديماً ما نقله الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (1270ه - 1343ه) في كتاب مرسل من أبوبكر صديق إلى خالد بن الوليد رضي الله عنهما حينما كان خالد بن الوليد في نجد في حرب الردة ما نصه: (ثم كتب إليه أبوبكر أما بعد فإذا جاءك كتابي فابعث إلى العرب كل من جوانب اليمامة من تميم وغيرهم فنزلهم في بلدان بني حنيفة، فبعث خالد إليهم فاتوا فنزلت بنو الأعرج وهم بنو الحارث بني كعب بن سعد بن زيد مناة تميم، الهدار ومحرقة.. (إلى أن قال ابن عيسى) وجاءت بنو العنبر بن عمر بن تميم حتى نزلوا الفقي)(6) أ. ه. والمقصود بالفقي وادي سدير. وهذا فيه إشارة واضحة على قدم استيطان بنو تميم في وادي سدير منذ القرن الأول الهجري. كذلك ما قاله الحسن بن عبدالله الأصفهاني المولود سنة 280ه، عند ذكره لمنازل بني العنبر بن عمرو بن تميم: (وبنو عوف بن مالك بن جندب يسكنون الفقء، وينزلون الحريم وجلاجل من ناحية الفقء)(7) (الحريم) حرمه (الفقء): سدير، ويذكر الهمداني - وهو في القرن الرابع الهجري - في كتابه صفة جزيرة العرب: (أن الفقي لآل حماد من تميم)(8) ا.ه. وهذا الكلام من الهمداني قبل أكثر من 1000سنة، ولقد أشار الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في كتابه جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد إلى هذه النصوص واستشهد بها في ذكر منازل تميم قديماً (9). فما تقدم نقله من نصوص علماء البلدان يدل على أن منطقة سدير من أشهر منازل بني تميم قديماً وامتداد سكناهم إلى الوقت الحاضر. 2 - امراؤها: ذكر الكاتب ما نصه: (بعد فترة رئيس العشيرة في القبائل الفضلية.. ونزوح كثير منهم إلى شمال الجزيرة العربية دب الخلاف فيمن بقي من الفضول على أملاك أبناء عمومتهم.) ثم يقول: (واتفقوا على تأمير ضباح السبعي عليهم) بين هاتين العبارتين تناقض واضح وذلك أنه كيف يكونون أصحاب رئاسة ويبقى منهم من بقي ويأمِرُون على أنفسهم من ليس منهم وهم أهل الامارة في تلك البلدة!! فإن هم أمكنهم تأمير من شاءوا على أنفسهم فتأميرهم لمن هو منهم أولى، وللتوضيح أحيل على ما قاله المؤرخ عبدالله بن محمد بن بسام في كتابه تحفة المشتاق حينما أتى على أحداث 1085ه ما نصه: (وفيها انحدرت بوادي الفضول إلى جهة العراق ونزلوا في أرض الحويزة فيما بينها وبين العمارة، وبقي لهم بقايا قليلة في نجد يتعلقون العربان، ثم رجع إلى نجد كثير منهم)(10). إذا كان الكاتب يقصد هذه الهجرة فإن ابن بسان لم يشر إلى علاقة هذه البوادي بعشيرة سدير حتى من بقي منهم في نجد فإنهم تعلقوا بالعربان (أهل البادية) كذلك ما ذكره المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى في تاريخه في أحداث سنة 1057ه حينما أرخ لوفاة مهنا بن جاسر ذكر ما نصه: (مهنا بن جاسر آل غزي رئيس بوادي الفضول)(11). وفي هذا النص ما يدل على موقع الرئاسة التي هي الإمارة فليس هناك إشارة إلى الرئاسة على عشيرة سدير، كذلك ما نقله الفاخري في تاريخ عن أحداث سنة 1099ه ما نصه: (ومناخ محمد الغرير.. وحصاره لابن جاسر شيخ الفضول، وهي سنة تبنان على ابن جاسر، وحُصر في سدير شهر ونصف) أ.ه. ثم يذكر الفاخري بعد ذلك في أحداث سنة 1104ه ما نصه: (وحصار ابن جاسر الفضلي في اشيقر، وأظهره بنو حسين)(12). واستشهد بهذين النصين للفاخري لان فيهما دلالة واضحة على عدم استقرار أصحاب هذه الرئاسة في مكان محدد، فمرة يذكر الفاخري أن ابن جاسر حُصر في سدير ثم بعدها بأعوام في اشيقر، وإن كان قدومهم لمدينة معينة فهو للورود للماء وليس كل مورد يرد إليه يكون ملكاً له. أيضاً لم يذكر الكاتب اسم أمير بعينه (في عشيرة) من أصحاب تلك الرئاسة!!؟ مع أنه استطاع ذكر اسم ضباح وهو ليس منهم، وكان يتعين على الكاتب ذكر مصدره لهذه المعلومة!! التي يجب أن تكون موثقة، وقد رجعت إلى المصادر التي أحال إليها الكاتب مثل تاريخ بن بشر وتحفة المشتاق مع أن هذه المصادر ذكرت أحد أمراء عشيرة وهو (محمد بن ناصر بن عشري) حيث قال عنه ابن بسام ما نصه: (أمير عشيرة، وكان من الشجعان) ولا ادري لماذا أغفل الكاتب اسم هذا الأمير مع أنه موجود في المصادر التي أحال إليها الكاتب. أضيف بعض أسماء من تولى الامارة قديما من (المنيعات) في عشيرة استناداً إلى مصادر ووثائق موجودة وهم: 1 - محمد بن ناصر بن حمد بن ناصر بن عبدالله بن عشري توفي سنة 1239ه، سبق الإشارة إليه. 2 - عبدالله بن عثمان، في وثيقة مؤرخة عام 1273ه، وفيها ما يشير على أنه كان أميراً على عشيرة سدير. وهي عبارة عن حكم صادر من الشيخ عبدالرحمن بن حسن حول دعوى قائمة في عشيرة سدير وأمر من الأمير محمد بن أحمد السديري أمير سدير في ذلك الوقت إلى عبدالله بن عثمان بتنفيذ ما أصدره القاضي، وقد تكرر ذلك في اكثر من دعوى. 3 - عبدالله بن ناصر ورد اسمه في أكثر من وثيقة منها وثيقة بخط عبدالعزيز بن إبراهيم بن مغيصيب عام 1313ه. 4 - محمد بن ناصر بن صالح في وثيقة مؤرخة عام 1330 كاتبها إبراهيم بن هليل. 5 - عبدالعزيز بن محمد بن ناصر بن صالح في وثيقة مؤرخة عام 1353ه (كاتبها محمد بن عبدالمحسن الخيال بإملاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله العنقري قاضي سدير في وقته). جميع هؤلاء أغفلهم الكاتب مع أنه ذكر (سعد بن فلاح بن ماضي وتجاهل البقية). 3- التعليم في عشير: ذكر الكاتب ما نصه: (بدأ التعليم منذ عام 1370ه) وهذا خطأ واضح وجلي..، فالتعليم كان موجوداً في عشيرة سدير قبل هذه الفترة بقرون فيما يسمى الكتاتيب (وهي مؤسسة تعليمية مهمتها تربية وتعليم النشء) وسميت بذلك لأنها تعلم الكتابة، ثم تطور الاسم ليشمل كل مؤسسة تعليمية تعلم القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم، ولم تكن هناك لوائح وأنظمة رسمية تسير بموجبها هذه الكتاتيب إنما هي أنظمة متعارف عليه ومتوارثة منذ قديم الزمن ومكان الدراسة إما أن يكون جزءاً من المسجد وإما في بيت الشيخ)(13). فمدينة عشيرة مرت بهذه المرحلة (الكتاتيب) كغيرها من مدن نجد، وليس صحيحاً ماذكره الكاتب أن التعليم النظامي بدأ في عشيرة بافتتاح أول مدرسة عام 1370ه، والصحيح عام 1374ه وكانت هذه المدرسة للبنين، ثم تلاها أول مدرسة للبنات عام 1391ه. كذلك قال الكاتب ما نصه: (ويوجد الآن المدارس الحكومية الجديدة لجميع المراحل بنين وبنات والدوائر الحكومية الأخرى ومركز صحي ودفاع مدني والهلال الأحمر) يبدو أن الكاتب الكريم لم يزر عشيرة سدير! وكان يتعين عليه زيارتها والاطلاع على أحوالها لأنه لا يوجد في عشيرة سدير مدرسة ثانوية للبنين، كذلك لا يوجد دفاع مدني!!. ذكر الكاتب ما نصه: (وكان هو يقوم بالتدريس أيضاً مع مطوع عشيرة عبداللطيف المغيصيب وأخوه محمد حيث كان والدهم مطوعاً لعشيرة احضروه من ملهم) كان يتعين على الكاتب أن يذكر لنا اسم هذا (المطوع) على حد تعبير الكاتب الذي أحضره أهل عشيرة من (ملهم) وتوضيحاً لهذا فإن من يقصده الكاتب ولم يذكر اسمه هو عبدالعزيز بن إبراهيم بن مغيصيب (1266ه - 1337ه) وهو ابرز من قام بمهمة التدريس في مرحلة الكتاتيب في وقته وهو من تلاميذ الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ (1225 - 1293ه) في مدينة الرياض، وحبذا لو استبدل الكاتب كلمة (مطوع) بعبارة: إمام جامع عشيرة ومدرس أبنائها وكاتب وثائقها ورسائلها وعقودها). وكان يخلفه في إمامة المسجد إذا غاب أخوه ناصر بن إبراهيم بن مغيصيب بناء على نص من وثيقة كتبت عام 1321ه كتبها إبراهيم بن هليل وقام بتجديدها ناصر بن إبراهيم بن مغيصيب عام 1333ه وقام بتجديدها أيضاً عبداللطيف بن عبدالعزيز بن مغيصيب عام 1352ه وقال عبداللطيف في نهاية الورقة باللهجة الدارجة في ذلك الوقت ما نصه: (الناقل عمي ناصر اخو أبوي عبدالعزيز رحم الله الجميع يخلف أبوي إلى غاب في المسجد والكتابة). وقد رأيت أقدم خط لعبدالعزيز بن إبراهيم المغيصيب عام 1288ه, وقبل حضوره كان إمام جامع عشيرة صقر بن علي الذي رأيت له خطوطاً كثيرة بتاريخ 1284ه، ومن الكتاب المتقدمين في عشيرة ناصر بن عبدالعزيز أبو حيمد رأيت له خطوطاً عام 1283ه وخطابات موجهة إلى القضاة والعلماء في ذلك الوقت بما يخص أهل عشيرة ومن بعده ابنه سليمان في بداية القرن الرابع عشر الهجري الذي كان يقوم بالتدريس والكتابة. 4 - آثار عشيرة: في معرض حديثه عن جبل خزة ذكر الكاتب: (ويوجد بهذا الجبل بعض الحيوانات والطيور النادرة: الغزلان، الطيور، السحالي الغريبة الشكل)!! وتعليقاً على هذا فجبل خزة جزء من جبال المنطقة ولا ينفرد ببيئة حيوانية تختلف عن باقي المنطقة..؟ ثم يذكر الكاتب ما نصه: (قليب الموفية: تعود لهديب بن مانع) وهذا خطأ فبئر الموفية أحدثها مانع التميمي الذي تنسب له المنيعات، ولا أدري ماذا يقصد (بهديب بن مانع) فإذا كان يقصد به جد أسرة آل هديب الموجودة الآن في عشيرة وتمير فهديب هذا متأخر وعاش في فترة 1250ه تقريباً وهو من أحفاد مانع صاحب الموفية، ثم يقول الكاتب: (حيث سمح له أهل عشيرة من الفضول بحفر البئر والارتزاق منها لتكون عوناً له في تسديد ديون عليه لأبناء عمومته في عودة سدير) ورداً على هذا الكلام أقول بما أن الكاتب أخطأ في اسم مؤسس البئر فإن ما أعقبه من معلومات فهو خطأ، وعبارة: (والارتزاق منها لتكون عوناً له في سداد ديون لأبناء عمومته في عودة سدير بعد أن هجرهم وحضر إلى عشيرة) فيها تناقض فكيف يكون لرجل عليه ديون لأبناء عمه ويهجرهم ويذهب ليستنجد بالغرباء لقضاء ديونه!! فمانع جد المنيعات لم يقدم من عودة سدير وليس للمنيعات أبناء عمومة فيها كما ادعى الكاتب، وإنما كان قدومه من الشارخية بالقرب من بلدة الجنيفي وكانت تلك المنطقة قبل 500 عام تابعة للقارة. والرواية الصحيحة ما ذكرها الأستاذ فهد بن عبدالعزيز الجعد في مقال له منشور في صحيفة الجزيرة في صفحة حدود الوطن الخميس 22 صفر 1424ه حينما تكلم عن تأسيس عشيرة سدير ما نصه: (وبداية تأسيسها يقال أن رجلاً من تميم قدم الموقع الحالي للبلدة وكان عابر سبيل فبعد أن استظل تحت شجرة تسمى العشر، وكانت أشجار العشر منتشرة بشكل كثيف في الوادي وبعد أن تناول زاده وارتاح قليلاً، أعجب بالموقع فقرر الرجل حفر بئر في ذلك الموقع، فحفر البئر وزرع الأرض ولقد أسمى البئر بالموفية لأنه كان مديناً وأوفى دينه من زراعته، أَسمى الموقع بعشيرة نسبة لتلك الشجرة الصغيرة التي استظل تحتها ومنها اشتق اسم عشيرة البلدة الحالية، ولقد عاش هذا الرجل وأبناؤه في عشيرة وتوافدت عليهم أسر وقبائل مختلفة واستقروا فيها ومنها تكونت الأسر الحالية في عشيرة) (14) أ.ه. والأستاذ فهد الجعد من أهالي عشيرة والمهتمين والمطلعين على تاريخها، وليس هناك إشارة في ما ذكر الأستاذ فهد أن هناك من تفضل على مانع بالبئر لا من قريب ولا بعيد. كذلك ذكر الكاتب ما نصه: (بئر السالمية: بئر حفرها رجال وجيش زيد بن محسن بن حسن أبونمي بن بركات الشريف عندما وصل إلى قرى سدير ونزل التويم وجلاجل سنة 1069ه عندما تم اتفاق سلمي بينه وبين أهل عشيرة في ذلك الوقت) هذه العبارة في مجملها من خيال الكاتب بل تحريف لما جاء به مؤرخو نجد المعتبرون وإليكم بعضاً من نصوصهم عن أحداث تلك السنة (1069ه) يقول ابن ربيعة في تاريخه ما نصه (وسنة ألف وتسعة وستون نزل الشريف زيد بين التويم وجلاجل في القريان) أ.ه (15). وهذا نص الفاخري: (وفي سنة 1069ه ظهر زيد بن محسن الشريف ونزل قرى التويم وأخذ واعطى وقدم وأخر) أ.ه (16). جميع هذه النصوص وغيرها لم تشر إلى نزول الشريف زيد في عشيرة! وليس من عادة الغزاة حفر الآبار لأي مدينة يغزونها، بل طمرها لإذلال أهلها وضمان التبعية لهم. 5- مصادر الكاتب: ذكر الكاتب عدة مصادر وفيها أخطاء في أسمائها وعناوينها وهي كالتالي: 1 - مواطن الشعوب في آسيا - نجد محمد شاكر. والعنوان الصحيح - مواطن الشعوب الإسلامية في آسيا - تأليف محمود شاكر وليس محمد شاكر. السلسلة رقم 14 (شبه جزيرة العرب نجد) طبعة المكتب الإسلامي سنة 1396ه، ورد اسم عشيرة ص 60 وذكر عنها ذكراً مجرداً وعابراً فقط ليس معلومات تفصيلية. 2 - تاريخ بن بشر - لحمد الجاسر، وهذا كتاب غريب لم نسمع به من قبل فلعل الكاتب دلنا على مكانه، والمعروف أن تاريخ ابن بشر اسمه: عنوان المجد في تاريخ نجد - تأليف عثمان بن عبدالله بن بشر وليس حمد الجاسر!! 3 - تحفة المشتاق - آل مقيز: والصحيح اسم الكتاب تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق - تأليف عبدالله بن محمد البسام وليس آل مقيز. هذا ما أحببت إيضاحه، والكاتب يتكلم عن فترة حرجة من تاريخ نجد تندر فيها المعلومات ولا مجال لإعطاء الرواية الشفهية المجال الأوسع للاستفادة منها حتى لا يتحول تاريخنا إلى قصص وحكايات خرافية كالتي ترويها الجدة على أحفادها، وأرجو التثبت في كتابة التاريخ وألا يُلقى على عواهنه وألا تكون كتابة التاريخ تمليها علينا أهواء أنفسنا لأن الحق أحق أن يتبع حتى نعطي صورة صادقة عن المنطقة وأحداثها لتبقى سجلاً تقرأه الأجيال القادمة، والله أعلم. الهوامش: 1 - (تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق 39) عبدالله بن محمد البسام - تحقيق إبراهيم الخالدي. 2 - (علماء نجد خلال ثمانية قرون: 2-366) الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام. 3 - (تاريخ الفاخري: 104) محمد بن عمر الفاخري، تحقيق عبدالله بن يوسف الشبل، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة. 4 - (تاريخ حمد بن محمد بن لعبون: 18) حمد بن محمد بن لعبون، ط2، مكتبة المعارف. 5 - (نبذة في أنساب أهل نجد: 109) جبر بن سيار تحقيق راشد العساكر. 6 - انظر صحيفة الجزيرة - الخميس 12-2- 1423ه (ص 32) العدد 10801 صفحة وراق الجزيرة. 7- (بلاد العرب: 251 - 261) الحسن بن عبدالله الأصفهاني، ط 1 - 1388ه. 8 - (صفة جزيرة العرب: 306) الحسن بن أحمد الهمداني، ط1. 1388ه. 9 - (جمهرة انساب الأسر المتحضرة في نجد: 69، 151، 586) حمد الجاسر ط 2. 10 - (تحفة المشتاق: 290) المرجع السابق. 11- (خزانة التواريخ النجدية: 45-2) تاريخ ابن عيسى، إبراهيم بن صالح بن عيسى، تحقيق عبدالله بن عبدالرحمن البسام. 12 - (تاريخ الفاخري المرجع السابق: 104 - 107). 13- (التطورات السياسية والحضارية في الدولة السعودية المعاصرة: 174، 175) لطيفة عبدالعزيز السلوم، ط 1. 14- (انظر صحيفة الجزيرة - الخميس 22-2- 1424ه العدد 11165 صفحة حدود الوطن). 15- (تاريخ ابن ربيعة: 60) محمد بن ربيعة، تحقيق عبدالله الشبل، ط 1. 16- (تاريخ الفاخري: 93) المرجع السابق. عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم الدريس