عنوان المحاضرة التي نظمتها مؤخراً جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في مقرها الرياض بحضور نخبة من القيادات والدارسين الأمنيين، وألقاها الدكتور عبد العزيز بن محمد الحقباني أستاذ اللغة الإنجليزية المشارك بكلية الملك خالد العسكرية، وهو أحد أعلام الفكر التربوي المعاصر الذي جمع بين الثقافة التربوية والثقافة الأمنية برؤية الواعي بمواطن الخلل التربوي والتعامل مع البيئة. الحديث عن الوعي البشري من أعقد وأهم القضايا التي تتطلب من الممحص النظر إليها من جوانب شاملة بدءاً من التنظيم والتخطيط إلى المواجهة الجادة، وخصوصا عندما تصل الحوادث المروية في المملكة إلى (4000) حالة وفاة سنويا اغلبهم بنسبة (40%) من فئة الشباب فضلا عن الفاقد الذي يقدر بنحو 21 مليار ريال بسبب الحوادث سنوياً. جانب من المشكلة هو ضعف الوعي البشري، لذا حرصنا كما حرصت (الجزيرة) - وهي السباقة في الطرح الجاد والجديد- على إعداد المحاضرة في صورة مقروءة لعرضها على القارئ تعميماً للفائدة المرجوة. الوعي وأهميته الوعي له ثلاثة معانٍ على حد علم المحاضر: المعنى النفسي واللغوي والوجداني. المعنى الأول: مشتق من علم النفس، فكلمة الوعي (Consciousness) ومعناها: إدراك المرء لذاته وأحواله وأفعاله إدراكاً مباشراً، وهو أساس كل معرفة، وله مراتب متفاوتة في الوضوح، وبه تدرك الذات أنها تشعر وأنها تعرف ما تعرف - المعجم الفلسفي. والعماد الفقري للوعي هو الإدراك ، وعكس ذلك هو فقدان الوعي أي الغيبوبة. وقد ورد في السنة النبوية رفع القلم عن ثلاثة: الصغير والمجنون والنائم، من حيث التكليف بالصلاة وهذا يدل على أن فقدان العقل من معوقات إتمام العمل على أكمل وجه. المعنى الثاني للوعي فهو مشتق من اللغة وعى الشيء والحديث يعيه وعياً وأوعاه: أي حفظه وفهمه وقبله فهو واع. وفلان أوعى من فلان أي أحفظ وأفهم. ففي الحديث (نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها)، فرب مبلغ أوعى من سامع. وفي حديث أبي أمامة (لا يعذب الله قلباً وعى القرآن) قال ابن الأثير أي عقله ايماناً به وعملاً. فأما من حفظ ألفاظه وضيّع حدوده فإنه غير واع. المعنى الثالث هو الوعي الوجداني. فيتمثل في تكوين الميول والاتجاهات نحو البيئة فيعمل صاحب هذا الوعي على حماية البيئة من التدمير. الحوادث المرورية: هناك ثلاثة أضلاع لمثلث الحوادث المرورية التي تقع على الطرقات: السائق و السيارة والظروف المحيطة. فالسائق الذي يستخدم السيارة مسؤول بصفة مباشرة عن الحوادث التي تحصل على الطريق بنسبة تصل إلى (85%) من عدد الحوادث، أما النسبة الباقية فتقع على السيارة والظروف المحيطة بالحادث. وهذه وقفة مع هذه الأضلاع الثلاثة: العوامل التي تؤثر في أداء السائق تكون في الغالب أولا: عمر السائق وثقافته وحالته الاجتماعية، وقدرته الصحية. ثانياً: مدى تركيزه: حيث هناك عوامل خارجية تؤثر في ذلك التركيز مثل تعاطيه الكحول أو المخدرات وأحياناً بعضاً من الأدوية التي يكتب عليها تحذيرات بعدم القيادة بعد استعمالها. ومن هنا معظم الحوادث وتكون قاتلة في الغالب يكون سببها سائقاً صغير السن، يتراوح عمره ما بين 15-20 سنة، حيث نسبة ثقافة السائق محدودة، كما أن الحالة الاجتماعية لها تأثير واضح على سلوك السائق الذي يمر بمشاكل مالية بضعف تركيزه في أثناء قيادته للسيارة، كما أن الحالة الصحية للسائق سواء كانت جسدية أو نفسية تُعد عاملاً رئيسياً في قدرته على التركيز والتفاعل مع المستجدات التي تحصل على الطريق. كما أن هناك حوادث تحصل بنسبة أكبر إذا تجاوز عمر السائق الستين لأن قدرته على التركيز تكون ضعيفة. ما يتصل بالسائق السرعة الزائدة وتجاوز الإشارة الحمراء وغيرها من المخالفات المرورية وهذا ناتج بالطبع إلى ضعف الوعي العام وهذا ناتج بدوره عن ضعف الوعي التعليمي والثقافي لهذه الفئة من الجمهور، ويعود إلى عدة أمور منها: 1- قيادة السيارة من قبل صغار السن: ففي الرياض نجد أن 52.5% كما تشير إحدى الدراسات عام 1421ه سببها من قائدي السيارة قبل بلوغهم السابعة عشرة. 2- عدم وجود مدربي قيادة سيارة على مستوى عالٍ من التأهيل، وعدم وجود أجهزة محاكاة لقيادة السيارة تسبق تسليم السيارة للمتعلم. 3- نقص كفاءة السائق (تدني نسبة التركيز لديه إما لصغر أو كبر سنه أو لأسباب نفسية أو صحية أو اجتماعية تعيقه عن التركيز). 4- ازدياد عدد سيارات الأجرة ومطالبة سائقها بمداخيل يومية عالية مما يسبب في عمله أكثر ساعات ممكنة وهذا بدوره يضعف التركيز ويسبب الحوادث. 5- مجاملة أغلب منسوبي المرور لبعض مرتكبي المخالفات المرورية ودخولهم كوسطاء للصلح بين الطرفين بدلاً من تطبيق الأنظمة. 6- عدم وجود إلزامية للتأمين و عدم حرص بعض رجال المرور على تحميل المخالف كامل التكاليف وتطبيق نظام 50% على كلا الطرفين أو تحميل جميع التكاليف على من يحمل شهادة تأمين. 7- القيادة في ظروف مناخية غير مناسبة. 8- عدم تركيز السائق على الطريق أو الانشغال بالراديو أو المسجل أو الهاتف الجوال. 9- انشغال السائق بالركاب الذين معه إما بالمزاح أو كثرة الأسئلة أو أمور أخرى. 10- القيادة لمسافات طويلة دون التوقف لأخذ قسطٍ من الراحة. ما يتعلق بالسيارة يؤكد المحاضر إن حالة السيارة المستخدمة قد تكون عاملاً رئيسياً في وقوع الحوادث، للأسباب التالية: 1- عدم سلامة أجزاء من السيارة (الإطارات- المكابح - التوازن- الإضاءة- بمعنى آخر عدم خضوع السيارة لفحص دوري جيد)، ومشاهد أجزاء الإطارات المقطعة مألوفة لدينا في الشوارع. 2- عدم توفر وسائل الأمان والسلامة فيها مثل الوسائد الهوائية. 3- قدرة السيارات الحديثة على السرعة العالية التي تغري الشباب بالطيش والمجازفة، وقد قال بعض الناس إن أخطر آلة على حياة الإنسان في هذا العصر هي السيارة. ما يتعلق بالطرق فيرى المحاضر أن تصميم الطرق السريعة التي تربط بين المدن، أو الشوارع داخل المدن قد تكون هي السبب في وقوع الحادث: أ. وجود الحفر التي قد تؤدي إلى اختلال توازن السيارة وبشكل عام: عدم مطابقة هندسة الطريق للمواصفات الهندسة الصحيحة. ب. تراكم الرمال على الطرق السريعة. ج. عدم وجود حواجز حماية من الحيوانات وعدم وجود اللوحات التحذيرية. كما أن انسيابية الطرق عامل مهم في التخفيف من الحوادث ورجال المرور هم العامل الرئيسي في توفير تلك الإنسيابية وذلك عند استجابتهم مباشرة حادث ما. فإنهم سوف يتم تعديل اتجاه حركة السيارات إلى الاتجاه الآخر وما يتخلف عنه من انقلاب للسيارة أو ضيق في مسارات السير أو سرعة إزالة مخلفات الحادث من زجاج وبترول كفيل بتوفير انسيابية في الطرق. أثر الحوادث المرورية البشرية والمادية استند المحاضر على مجموعة من الدراسات في هذا الجانب، حيث أشار إلى أن التقرير الإحصائي عام 1419ه أوضح أن عدد الحوادث المرورية (622264 ) حادثاً بزيادة قدرها (110.599) عن عام 1418ه نجم عن هذه الحوادث (31.059 ) حالة إصابة بزيادة (2915 ) مصاباً عن العام السابق. كما بلغت الوفيات (4290) حالة أي بزيادة (816) حالة عن العام السابق. أي بمعدل (724) حادثاً يومياً (86) مصاباً 12 متوفى. بمعنى آخر (30) حادثاً يومياً (3.5 ) مصاب كل ساعة، ومتوفى كل ساعتين، وهذا بالطبع نتيجة للمخالفات المرورية. وفي دراسة أخرى حيث معدل الحوادث على الطرق المفردة يزيد معدلها عن الطرق السريعة حيث يصل المعدل إلى (5.27 ) حادث لكل (100 ) كيلومتر نظراً لتصميمها غير المناسب حيث لا يفصل بين اتجاهيها سوى خط دهاني لا يمنع دخول المركبات على بعضها البعض عندما يفقد السائقون السيطرة على مركباتهم، مشيراً إلى أهمية تطوير شبكة الطرق يجب أن يتركز على توسيع وتحسين الطرق المفردة والمحافظة على صيانة الطرق المزودجة السريعة الحالية. نشر الوعي المروري دور رجال المرور نشر الوعي المروري لمن يقودون السيارات ومن سيقودها مستقبلاً هو الهدف الرئيسي. كل فيما يخصه، والشريحة المستهدفة أكثر، هم من سيقدمون على قيادة السيارة لأول مرة، وهم طلاب المدارس والعمالة الوافدة لغرض ممارسة عمل سائق في المنازل أو لدى شركات النقل الخاصة والعامة. فهناك عدة محاور للقيام بحملة التوعية وهم رجال الأمن و من يعتمد عليهم بعد الله لتطبيق وتفعيل الأنظمة واللوائح والتشريعات التي تصدرها إدارة المرور ومن ثم متابعة تنفيذها على أرض الواقع بعيداً عن المجاملات والتجاوزات، لذلك يجب أن يعطى رجل الأمن التدريب المناسب والكافي عن طريقة تواصل وتخاطب رجل المرور مع الآخرين سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، ومعرفة بعض مواصفات المركبات المستخدمة في المدينة لكي يكون قادراً على إعطاء تقرير كافٍ عن قدرة المركبة والسيارة على التجاوب السريع مع متطلبات الموقف وكذلك يكون قادراً على تقديم العون والمساعدة الإسعافية في حالة التعرض لحادث أو في حالة العطل. فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بموضوع التأكد من سلامتها من قبل رجل المرور أثناء التفتيش الأخذ بالأمور التالية: اسم قائد المركبة، ونوعها، والإضاءة الأمامية والخلفية، وعدد الركاب المصرح بهم، ونوعية السيارة هل هي خاصة أم نقل، وحالة الإطارات، ضغط الهواء في الإطارات، وصوت المحرك، وكمية الأدخنة والأبخرة الناتجة عن السيارة، والمظهر العام للسيارة ونظامية السيارة. إذا تأكد قائد السيارة أن رجل المرور سوف يعاقبه في حالة إهماله نقطة من النقاط المذكورة سابقاً فإن نسبة وقوع الحوادث ستكون أقل فيما لو أهملت صيانتها. دور الدولة لاشك أن الدولة هي من تسن وتفرض القوانين والأنظمة المرورية والتي لاشك ستكون معتمدة اعتماداً كلياً على التوجيه الكريم من القرآن والسنة المحمدية لذلك هي من يجب عليها أخذ الحيطة والحذر والحزم في تطبيق التشريعات بدءاً من أنظمة استخدام الطرق وأقصد بذلك الأنظمة المرورية. وكذلك تشييد الطرق الحديثة وفق معايير أمنية صارمة بعيداً عن مجاملة التاجر الذي يستورد السيارات وضرورة توافر أنظمة السلامة الكفيلة بالمحافظة على أرواح البشر التي هي أغلى ما نملكه، وكذلك الحرص على تنفيذ الطرق والشوارع حسب ما تقتضيه الحاجة ويوفر السلامة للمواطنين وكذلك توفير الصيانة الدورية لتلك الطرق وفي مختلف فصول السنة. كما يجب على الدولة التأكد من أن جميع المركبات العابرة للطرق تتوفر فيها جميع الشروط والمعايير اللازمة لحفظ أرواح الناس فالإطارات المتآكلة هي سبب رئيسي لمعظم الحوادث، كما أن توازن السيارة في أثناء السير يوفر السلامة للراكب وكذلك لا يسبب آثاراً سلبية على الطرق. وكذلك الحمولات الزائدة لكل مركبة سبب رئيسي في القضاء على الطرق قبل بلوغها العمر الافتراضي لطبقة الإسفلت المستخدمة. يجب أن يحرص رجل المرور على تطبيق نظام عدد الركاب في كل مركبة حسب مواصفات السيارة. وهذا بكل أسف من الأنظمة التي لم تُفّعل فتجد سيارة مخصصة لخمسة ركاب تحمل أكثر من ضعفي العدد الذي صنعت من أجله السيارة. استخدام كل سيارة فيما صنعت له فإذا كانت سيارة نقل يجب أن تخصص للنقل، وإن كانت مخصصة للركاب يجب أن تخصص للركاب ويجب أن يكون نفس العدد الذي ذكره الصانع. فهذه سيارة أجرة مخصصة لأربعة ركاب يركب بها أكثر من 8 ركاب، كما أن هذه سيارة مخصصة للنقل الصغير يركب بها عمال أو أطفال وفي الخلف وتمر أمام رجل المرور ولا يحرك ساكناً. دور المدرسة المدرسة هي المنطلق الأول الذي يجب أن تساهم وتشارك في الارتقاء بوعي المواطن، لان الأعداد التي بالمدرسة وعلاقتهم بأسرهم يشكلون النسبة الكبرى من السكان لذلك لابد من إعادة النظر واستخدام التكنولوجيا الحديثة لمشاركة المدرسين في إعطائهم التدريب المناسب، مثل استخدام الحاسب الآلي بتعريف الطلاب على المواقع التي تهتم بالتوعية المرورية، وتعرض بعضاً من الصور الواقعية والمأساوية والأرقام الإحصائية للخسائر في الأنفس والأموال، وكذلك الاتصال على مركز المرور وتوجيه الأسئلة إلى ضابط وأفراد المركز، أو زيارة بعض المصابين في حوادث السير، ولن ينسى الأطفال كلام مصاب بحادث مروري يحدثهم وهو نادم ولكن بعد فوات الأوان. دور الإعلام رسائل وسائل الإعلام المختلفة، الراديو، التلفزيون، الإنترنت، الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والفصلية، و المطبوعات والملصقات، عناصر فعالة ومؤثرة في حياة الفرد. حيث أصبحت تلك الوسائل تدخل كل بيت سواء في المدينة أو القرية تاركة تلك الرسائل الموجهة أثراً جيداً على الطلاب إذا أعدت وأجريت بطرق فنية جذابة يراعى فيها الاختصار والألوان الجذابة. كما أن تقديم الجوائز والحوافز المادية للطلاب والطالبات على ما يقدمونه من مشاركات جيدة في تلك الوسائل أو المطبوعات سوف يؤتي ثماراً متميزة. دور الجمعيات الخيرية والأندية الرياضية الجمعيات الخيرية عليهم البحث والتحري عن أسماء الشباب الذين يقومون بعمليات الإزعاج والتفحيط والاتصال بهم وتوجيههم وتحفيزهم إلى فعل الخير، كما يجب على تلك الجمعيات دراسة أحوال تلك الفئة لأن ما يقومون به إنما هو ناتج عن عدة ضغوط نفسية ومادية واجتماعية، والبحث عن الحلول المناسبة التي قد تؤدي إلى مساعدة الشباب عن الكف على الأعمال التي قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. كما أن الأندية الرياضية لها دور اجتماعي كبير لا يقتصر على توفير الأماكن لممارسة الألعاب الرياضية بل يجب أن يتعدى ذلك إلى توجيه اللاعبين لديهم إلى القيام بزيارة المدارس وأماكن تجمعات الطلاب ومن ثم القيام بالتوجيه والإرشاد والمطلوب. دور المسجد المسجد المدرسة الأولى في الإسلام، فلهذا لابد من أن يكون جزء من المحاضرات التي تقدم في المسجد ذات علاقة وثيقة بحياة المسلم الصغير والكبير رجلاً كان أو امرأة وبالأخص هذه الأيام فقد وصلت رسالة المسجد إلى معظم البيوت المجاورة للمسجد مع وجود المكبرات الصوتية. إن تقديم النصح في حق الطريق على المسلم وحق المسلم على المسلم وضرورة مساعدة عابر الطريق وعدم إيذائه عناصر يجب ألا يغفل عنها أئمة المساجد، وليكن ذلك بصورة ملاحظات سريعة وقصيرة لا تجلب الملل، كما أننا ندعو بعضاً من المختصين في المرور لإلقاء محاضرات وندوات متخصصة في المحافظة على ممتلكات الوطن التي أوصى بها ديننا الحنيف. دور الأسرة الأسرة هي المدرسة الأولى للطالب فمتى ما رأى الطفل والديه على قدر كبير من الأخلاق والصفات الحسنة فإنه بلا شك سوف يأخذ منهما الكثير. أما إذا رأى والديه واخوته لهم تصرفات مشينة أو لا تتفق مع ما هو مطلوب فهو بلاشك سريع التأثر بهم ويسعى جاهداً ليحاكي ما يقومون به سلباً أو إيجاباً. لذا يجب على الأسرة أن تكون قريبة من أبنائها واضحة في تعاملها معهم تلبي حاجاتهم، ولكن ليس بالطريقة المفرطة التي تؤدي إلى انفلات الأخلاق. إن حوادث المرور خسارة كبيرة على كل المستويات، على المستوى النفسي: الكل يعلم ما نجم عن تلك الحوادث من آلام لأسر الضحايا نتيجة وفاة المصاب أو إعاقته إعاقة دائمة وما يسببه ذلك من ضغط نفسي يصعب تصوره، وعلى المستوى الاجتماعي تسبب هذه الحوادث مشكلات كبرى بعد تخلي المفقود أو المعاق عن مسؤولياته الشخصية والأسرية، وعلى المستوى الاقتصادي الوطني فقد خسر الوطن عضواً منتجاً وربما عبقرياً يكتشف أو يخترع أو يقدم أي عمل يرقى بوطنه وأمته نحو العلا والتقدم، ويلحق بالمستوى الاقتصادي الخسائر المادية من سيارات وأشجار ومحلات وغير ذلك. الحملات المرورية رأى المحاضر مواصلة الحملات المرورية لتصل إلى أفراد المجتمع. حيث إن هذه الحملات تهدف إلى تغييرات معرفية ثم اتجاهية ثم سلوكية؛ فالاستراتيجية التي استخدمت في الكثير من الحملات الإعلامية الناجحة يجب أن يتم تنفيذها حسب الاستراتيجية التنفيذية المعروفة،Three's.) Engineering.Education and En (forcement، أي النواحي الهندسية أولاً في الطرق والمركبات ثم التوعية عن طريق الإعلام بمختلف وسائله والاتصالات الميدانية كالمعرض والندوات والمحاضرات وغيرها، وأخيراً وجود نظام فعال يسعى لتطبيق النواحي العقابية. إن هذه الاستراتيجية ضرورية جداً لضمان نجاح أي حملة توعية تهدف إلى إحداث تغيير في السلوك الخاطئ. ومن ثم الارتقاء بالوعي العام للحد من الحوادث المرورية. وفي ختام المحاضرة طرح المحاضر توصية للحد من حوادث المرور حيث قال:إن كل ما ذكر سابقاً من عوامل مؤدية إلى الحوادث يجب أن نسعى حثيثاً إلى إيجاد الحلول المناسبة لها سواء كان ذلك على مستوى الدولة وجميع منسوبيها من رجال أمن لهم علاقة بالمرور وغيرهم ممن لهم علاقة بسلامة المواطنين سواء كانوا أطباء أو مدرسين أو مسؤولين اجتماعيين أو حتى الأسرة والأصدقاء والأقارب الذين بلا شك تقلقهم الفواجع والخسائر البشرية والمادية التي تحدث على مدار الساعة. ولن يكون ذلك ممكناً ما لم يكن مدعوماً بسلطة قوية قادرة على تطبيق جميع الأنظمة الكفيلة بردع المستهترين ووضع حد لتلك الفوضى التي تمارس على مدار الساعة في شوارعنا ويذهب نتيجتها نخبة من أبناء هذا الوطن لا ذنب لهم إلا أنه عابر طريق. إنني هنا ومن على منبر من منابر العلم والثقافة والتنوير منبر جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية أبعث برسالة حب وتقدير إلى سموه الكريم وهو رجل الأمن الأول وإلى نائب وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وإلى مقام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وإلى أصحاب المعالي وزراء الداخلية العرب وإلى جميع ضباط الوزارات الداخلية أبعث هذه المقولة المأثورة (إن الله يزع بالسلطان مالا يزعه بالقرآن) هنا أوجه صرخة مدوية إليك. لابد من تطبيق أنظمة المرور بحزم وشدة بعيداً عن المجاملة والمحسوبية. إن قدرتكم على تطبيق الأنظمة والقوانين أكبر وأقدر مما نتوقع، وأكبر دليل على ذلك عندما تُطبق ربط حزام الأمان على الجميع وجدنا أن هناك جدية ومصداقية من أجل تنفيذ هذا الأمر. فلماذا لا تُطبق الأنظمة الأخرى بنفس الحزم والقوة والجدية، إنه مجرد سؤال يحتاج إلى إجابة وأنتم أقدر عليها، فإذا تم تنفيذ هذا المقترح فإن جميع التوصيات سوف تندرج تحته.