عنّ لي يوما من الأيام أن أحدد هوية الكتابة.. ذاتية أم اجتماعية طالما أن دمها يسري في قلمي.. واعذرونا (إذا ما تنرجسنا) على حد قول صفحات شواطئ المتألق الأستاذ عبدالله الكثيري في زاويته الرائعة.. نعم ليعذرنا القارئ إذا ما عرضت في مشاركاتي كلمات نرجسية ذاتية.. وإذا ما علم القارئ أن الكاتب يكتب من معاناة كما هو الشاعر.. وقد تتحدد صياغة تعبيره منذ بداياته إذا أثارت كتابته منذ ولادتها قضايا أو صراعات داخل الكاتب.. كما حدث معي.. عندما قابلت في بداياتي صراعات ومصادمات لإثبات حقيقة بنات أفكاري وأسلوبي.. فطرحت مشاركات أخاطب بها الكتّاب.. على مدى بعيد.. لإثبات أنها أفكار ذاتية وما هو إلا ذلك الأسلوب الذي ما كان ليتولد سوى من بعض الكتب التي قرأتها وخلفتها ورائي قطفت بها زهرة العمر.. ولكن ثمة آراء قد تعكس واقع بعض الكتّاب إذا ما تلقيناها من قرائنا الأعزاء في بعضها تساؤل عما إذا كان طرحنا لمحات حياتية حقيقية وتنتمي إلى عالمنا الخاص.. أم هي من نسج الخيال.. والحقيقة ما أشدها من مهمة نكلف بها نحن الكتاب إذا ما كانت كتاباتنا يومية.. فنحن مجبرون أن نقدم أطباق كلماتنا وإيحاءاتنا على مائدة تتنوع فيها أصناف الأطباق.. وبألوان متعددة وذلك يتطلب صفاء ذهنيا علنا بذلك نرسم خطوطا مستقيمة قوامها الصدق وأمانة القلم.. أو نرسم لقرائنا لوحة حالمة بتعابير صادقة تصور بالكاد حال مجتمعنا.. وإذا ما كتبنا كتابة اجتماعية.. فهذا بلا شك يتطلب منا الغوص في أعماق نفوس البشر.. ولن يتأتى ذلك إلا بقربنا منهم.. لتكون كلماتنا واقعية الطرح.. ولنكتب لكم كلمات هي جزء من أنسجتنا الفكرية ومرآة لما في قلوبنا وما تكنه عقولنا.. ** وما كنت لأتوقف هنا فيما ذكرته سابقا عن علاقة الكاتب بالناس فيما يسطره.. ولكن لتتعدى كلماتي إلى اللغة وليكن لها حضورا فيما تبقى من نزف القلم.. إذ يتعين على كل كاتب أن تكون كتابته سليمة ومعبرة تعبيرا واضحا عن أغراضه فيصبح ما يكتبه مثمرا في مضمونه ومؤثرا في غرضه.. فنحن حينما نكتب نخاطب غائبا لا حاضرا.. لا نراه ولا نرى إشارات الأيدي وتعابير الوجه.. ولذا فلغتنا المكتوبة هي حلقة الوصل بيننا وبين هذا القارئ ونعتمد عليها كثيرا في نقل أفكارنا إلى ذلك القارئ الغريب.. لذا يتطلب علينا أن ننقل اللغة في أجمل صورها وأوضح تراكيبها. وإذا ما نال القصور من كتاباتنا الكثير.. فذلك مرجعه إلى عدم تمييزنا بين طبيعة الحديث.. وطبيعة التفكير.. وطبيعة الكتابة..!! إذ يجب علينا حينما نكتب أن نفرق بين اللغة التي نفكر بها واللغة التي نكتب بها !! إذ نحن مطالبون بأن نحافظ على رسمنا في الألفاظ.. لأنه لابد من تحديد دلالات الألفاظ المقصودة من حيث ميلها إلى العمومية أو إلى الإيجاز.. وأن تكون واضحة لا لبس فيها ولا غموض ليخرج القارئ بمقصود الكاتب.. ** إن الكاتب إذا ما كتب فهو يفصل ويمثل حتى يقنع القارئ بأفكاره وآرائه كما أنه بحاجة أيضاً إلى ترتيب هذه الأفكار ليسهل على القارئ الانتقال من فكرة إلى فكرة.. دونما أن يحس.. بانقطاع تفكيره لذا فالكتّاب يتوجب عليهم أن يضعوا خطة وإطارا لما يريدون الكتابة عنه أو وصفه وعليهم أن تكون مناقشتهم لموضوعاتهم سليمة مقنعة للقارئ.. وإذا ماستطاع الكاتب أن يحوز هذه الأساسيات في كتاباته سهلت عليه الكتابة والتعبير عما يجول بخاطره.. ** ولكن لا تنس أن الكتابة موهبة منَّ بها الخالق جل وعلا على من يشاء من عباده سواء أكانت أدبية أو علمية.. وها نحن نرى لكل كاتب أسلوبه المتميز به..وطريقة عرضه كما نلحظ ونستشف شخصيته من خلال كلماته.. وختاماً جدير بي التأكيد على أهمية القراءة وأن كل ذلك لا يتأتى إلا بمداومة القراءة.. وفي كافة الموضوعات وبذلك تبرز الموهبة وتتفتّق.. وحينها تتألق بيننا أيها القارئ كاتبا متميّزا..!! المذنب ص. ب 25 الرمز 51931 [email protected]