أكد المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة المدينةالمنورة الشيخ عبدالرحمن بن علي المويلحي أن معرض وسائل الدعوة إلى الله - والذي تحتضن المدينةالمنورة محطة الخامسة - صورة ناصعة من جهد الوزارة في خدمة الدعوة والدعاة، مشيراً إلى أن المعرض الذي يرفع شعار (كن داعياً) فيه تحفيز وإثارة لغيرة كل مسلم على دينه ليكون داعياً إلى الله في حدود طاقته وقدراته. وأضاف مدير عام فرع الوزارة بالمدينةالمنورة في حديث صحفي أن نجاح المعرض في تحقيق أهدافه من التعريف بأحدث وسائل الدعوة وما يميز كلاً منها يتضاعف ويؤتي ثماره في استقطاب الشباب والناشئة بتكثيف الحملات الإعلامية في جميع وسائل الإعلام وتضافر جهود جميع المؤسسات الحكومية والأهلية والتعليمية ورعاية الشباب وغيرها ليصبح شعار المعرض (كن داعياً) واقعاً ملموساً في خدمة الدعوة إلى الله وفيما يلي تفاصيل الحوار: الشيخ عبدالرحمن المويلحي * بداية نسأل: الدعوة إلى الله هي أشرف الأعمال وأفضلها لقول الله سبحانه وتعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وللدعوة هدف وهو تبليغ رسالة الله، ووسائل الدعوة إماب القول مباشرة أو بالمحاضرة والكلمة الوعظية، أو عن طريق وسيط (المذياع) أو التلفاز أو إنترنت أو المطبوعات من كتاب وصحيفة ونشرة ومطوية وغير ذلك) نود أن نتعرف على مميزات هذه الوسائل في الحقل الدعوي؟ - بما أن أركان الدعوة إلى الله هي: الداعي، والمدعو، والوسيلة، ثم المدعو إليه. فالوسائل هي الطريق التي يسلكها الداعي الماهر في الوصول إلى المدعو ويحقق الهدف المنشود من هذه الدعوة. والوسائل متعددة وعمدتها وأعظمها وسيلة الدعوة بالقول لأنها طريق الأنبياء والمرسلين والصالحين، لذا قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} سورة فصلت (33) وقوله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ} سورة هود (116). والدعوة بالقول مجال رحب للداعي والمدعو للمناقشة والتفهم والتفهيم والإجابة على الأسئلة المعضلة، وبالقول يعلم الداعي هيئة وحاضر المدعو النفسية والزمانية والمكانية فيختار بالقول الطريقة المناسبة. ووسائل الدعوة تتفاوت بتفاوت الناس المتلقين للدعوة، فمنهم من ينتفع بالشريط كالسائقين في الطرق الطويلة أو الموظف وهو ذاهب بسيارته إلى عمله أو التاجر في متجره أو المزارع في مزرعته أو الإنسان في منزله وأثناء استراحته وهو وسيلة سهلة في متناول اليد، ومن الناس من ينتفع بالمطوية والنشرة والكتيب لضيق وقته وكثرة مشاغله وأيضاً لخفة حملها وتلخيصها وإيجازها. ومنهم من ينتفع بالكلمة الوعظية المركزة والمختصرة خاصة إذا كانت لها مناسبات ونوازل، وأحسن وقتها بعد الصلوات المكتوبة في مواقع العمل في المؤسسات والشركات والإدارات الحكومية. ووسيلة التلفاز من أهم الوسائل، بل أخطرها وأكثرها فائدة إذا تم اختيار الموضوع والأسلوب، وكان التقديم من مشايخ وعلماء ودعاة لهم خبرتهم وحنكتهم، حيث إن هذه الوسيلة تدخل كل بيت ويشاهدها كل أفراد الأسرة وتعلق الناشئة والمراهقين والنساء بها شديد. والقنوات الفضائية من أهم الوسائل إذا استغلت الاستغلال الجيد من قبل الدعاة لتبصير الناس بأمور دينهم ورد التهم والأباطيل والأفكار المغلوطة عن الإسلام ولو عن طريق شراء وقت مستقطع في هذه القنوات حتى لا تترك حكراً على أعداء الدين والعقيدة السلفية الصحيحة ينشرون سمومهم وأفكارهم. وكذلك المذياع فهو وسيلة سهلة ميسرة لكل أحد رخيصة الثمن سهلة الحمل لا تحدها حدود ولا يقف في وجهها زمن وبها فائدة عظيمة وليس أدل على ذلك من (إذاعة القرآن الكريم من الرياض) فهي تبث برامجها على مدار الساعة لجميع أنحاء العالم وينتفع بها كثير من المسلمين بالمتابعة والمراسلة والتسجيل لبرامجها. ووسيلة الإنترنت وسيلة عظيمة سهلة ميسرة فبضغطه زر يصبح العالم كله بين يديك تدخل على ما تشاء وتضع فيه ما تريد بلا رقيب ولا حسيب إلا من الله سبحانه وتعالى، لذا لا بد من استثماره في الدعوة لبيان سماحة الإسلام والرد على المغرضين والمشككين ودحض الأكاذيب، لذا قال سماحة المفتي في معرض تعليقه على ندوة عقدت بعنوان (الغزو الفكري والتحذير من أخطاره) في جامع الإمام تركي بن عبد الله بمدينة الرياض : (إن شبكة الإنترنت من الوسائل العظيمة التي استخدمت في هذا العقد للاتصال ونقل المعلومات). وقال سماحته أيضاً: (إن هذه الوسيلة من أعظم القنوات الإعلامية وهي سلاح ذو حدين فلو استخدمت في الخير أفادت ولو استخدمت في الشر بفعل أعداء الإسلام أضرت وأساءت). ووسيلة المراسلات بالفاكس وسيلة نافعة جداً خاصة إذا تمت مراسلة الكتاب والعلماء والوزراء من غير المسلمين وباللغة التي يجيدونها لدعوتهم للإسلام وبيان محاسنه وتزويدهم بما يحتاجونه من كتب وعناوين للمشايخ ووسيلة الكتاب من الوسائل المهمة جداً حيث هو المرجع وهو الحكم ولا غنى عنه لكل باحث ودارس ويمكن إهداؤه لغير المسلمين لشرح الإسلام وبيان أهدافه ومقاصده، وقد نشرت جريدة المدينةالمنورة في عددها (14271) أن قسيسة إندونيسية أسلمت بعد أن أهدت لها زميلة لها مسلمة كتاب (لماذا اخترت الإسلام) لقسيس ألماني هداه الله للإسلام. * المسلم في كل زمان ومكان مطالب بأن يقوم بالدعوة إلى الله بالوسائل الشرعية المباحة قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} الآية.. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) ماذا يتوجب على المسلم تجاه الدعوة إلى الله؟ - المسلم لا يخلو من حالتين: إما داع أو مدعو، وفي كلتا الحالتين عليه حقوق وواجبات تجاه الدعوة، فالواجب على الداعي المسلم أن يبلغ الدعوة إلى كل من يستطيع توصيل الدعوة إليه من المسلمين وغيرهم سواء بالقول أو العمل أو إنفاق المال كبناء المستشفيات والمدارس وتعليم القرآن الكريم وطبع الكتب المفيدة وكفالة الأيتام ومساعدة المحتاجين إلى ما هناك من أعمال البر والإحسان التي تدخل في نطاق الدعوة، ثم إن الدعوة لا تقتصر على عالم وغير عالم ولا على الرجال دون النساء، بل هي عامة في حق كل مسلم حتى مسلمي الجن والطيور، فقد حمل كتاب سليمان عليه السلام هدهد وألقاه على الملكة وأنكر عليهم عبادتهم غير الله سبحانه وتعالى. وتاريخنا الإسلامي حافل بالداعيات المسلمات وقد دخل الإسلام بلاداً كثيرة كان دخوله لها عن طريق التجار والفاتحين المسلمين حتى من غير العرب. والدعوة من أشرف الأعمال وأجلها وأكثرها أجراً وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين والصالحين إلى يوم القيامة، لذا قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً)، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (بلغوا عني ولو آية). * يأتي المعرض الخامس لوسائل الدعوة إلى الله في المدينةالمنورة في سلسلة متصلة من المعارض التي بدأت الوزارة تنظيمها منذ العام (1422ه) في الدماموجدةوالرياض والقصيم، ما الدور المنتظر لهذه المعارض؟ وما هي اقتراحاتكم حولها؟ - إن المعرض تحت شعار (كن داعياً) فيه تحفيز وإثارة لغيرة كل مسلم على دينه وحرصه على إخوانه المسلمين وعلى سلامة المجتمع المسلم وأنه مسؤول وفيه أيضاً تشويق للاطلاع على محتويات المعرض. ودور هذه المعارض مفيد جداً وتظهر جهود الوزارة المباركة الدعوية ويستفيد من هذه المعارض كثير من الناس على مختلف فئاتهم ومستوياتهم وخصوصاً الشباب والناشئة في التعرف على وسائل الدعوة وأساليبها المختلفة ويتوقف نجاح ذلك على ما يلي: 1- الحملة الإعلامية الجيدة والمدروسة في الصحف ووسائل الإعلام والتي تسبق إقامة أي معرض للتعريف به وبأهدافه وعلى ماذا يحتوي. 2- اختيار الوقت المناسب كالعطل والإجازات. 3- الإعداد والتخطيط والتنظيم في طريقة عرض الوسائل بأسلوب شيق. 4- إيجاد المسابقات الدينية والهدايا والجوائز لرواد المعرض. 5- الاستفادة من المشايخ والدعاة المعروفين في إلقاء محاضرات وندوات في هذه المعارض وتخصيص قاعات للنساء لحضورها. 6- تخصيص بعض الأيام للنساء لتعريفهن بوسائل الدعوة وأنهن معنيات بأمر الدعوة وقضاياها. * للدعوة إلى الله ضوابطها والأسباب التي تحقق لها النجاح.. وهناك صفات يتوجب على الداعية أن يلتزم بها عند الدعوة إلى الله، نأمل أن تحدثونا تفصيلاً عن هذه الضوابط، وما هي صفات الداعية؟ - قبل الدخول في إجابة هذا السؤال وهو حول ضوابط الدعوة والأسباب التي تحقق لها النجاح وصفات الداعية. يجب أن ننطلق من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} . وأهم ضوابط الدعوة في نظرنا ما يلي: - المبادرة بالدعوة قبل حلول الأجل بالمدعو أو الداعي إلا إذا رأى في تأخيرها مصلحة. - التدرج في الدعوة، فيبدأ بالأهم فالمهم والأقرب فالأقرب أو العكس إذا رأى أن المصلحة تقتضي ذلك. - درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. - عدم التشهير والتصريح والتجريح والتعميم وإطلاق الأحكام جزافاً سواء بجماعات أو أفراد أو دول، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول دائماً: (ما بال أقوام). - أن يعرف الداعي حال وصفة المدعوين وفئاتهم ويختار الأسلوب المناسب لكل حالة وفئة وكذلك الزمان والمكان المناسب لقبول الدعوة. - أن يبتعد الداعي بالدعوة عن الحزبية والأفكار والمذاهب التي تفرق ولا تجمع وتشتت ولا تؤلف. - أن يبتعد الداعي عن المتشابه أو ما يشكل فهمه على العوام ويخاطبهم بما يعرفونه. أما أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية فيمكن تلخيصها في: - أن يكون مسلماً عاقلاً صحيح العقيدة مخلصاً النية لله سبحانه وتعالى في القول والعمل. - أن يكون مؤهلاً تأهيلاً شرعياً، ذا فطنة، حاضر الذهن، متوقد الذكاء، على دراية بجلب المصالح ودفع المفاسد. - أن يكون ملماً بالواقع وحجم التحديات والمشكلات والثقافات والحركات المعاصرة والمذاهب والنحل والفرق القديمة والحديثة. - أن يكون قدوة في مظهره وخلقه وقوله وعمله ويقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان خلقه عليه الصلاة والسلام القرآن الكريم. - ألا يخالف قوله فعله ولا يطلع منه العامة على خلة أو ما يسيء إلى سمعته. - أن يتجرد من الهوى ويكون ولاؤه للكتاب والسنّة وينبذ كل ما يخالفهما. - أن يكون حليماً حكيماً صبوراً محتسباً للأجر والمثوبة من الله في كل ما يلاقيه. - أن يكون عالماً بالأساليب الدعوية المتعددة بما يناسب كل حالة أو كل فئة.