وهب الله أرض القريات مزايا وصفات قلَّ أن تتوفر في منطقة أخرى؛ إذ جمعت ما بين السهل والتل، والفياض والحره، وتعددت أعشابها وحشائشها وأشجارها. وقد حظيت القريات بشهرة (الفقع)، وهو النبات الفطري الذي يتباشر به الناس عند لقطه، خاصة بعد سقوط المطر (الثروي)، أو كما يسمى (الوسم)، والذي عُرف عن مطره نبات الفقع كما تمنَّى هذا الشاعر: ياالله طالبك وسميه منها الزبيدي يلقطونه ربيعها ما ذكر زيه والعشب متخالطا لونه وفي هذه الأيام تباشر الناس في القريات واستعدوا لموسم ربيع هذا العام الذي أخذت خيراته بالتوافد على الأسواق، خاصة (الفقع)، والذي له سوق رائجة بالقريات التي ينبت الفقع بالعديد من المناطق القريبة منها؛ مثل: (القرينية) و(الكتب) و(الحنو) و(محمية الحره) و(الطبيق). وخلال هذه الأيام، يستعد الأهالي للخروج إلى هذه المناطق؛ منهم مَن يستمتع بالبحث عن (الفقع)، ومنهم مَن كان الفقع مصدر رزق له، مصورين قول الشاعر مطرد البلعاسي: لو تحصل لي سجةٍ قبل الابهاج ومشي مع فجوج الحماد الوسيعة مع خايع فيه الزبيدي تقل عاج يجذب على الميضاح بأبيض لميعه وهناك مَن يعتبر شوف (الفقع) (فضى بال) ينتظرون هذه الأيام على أحر من الجمر كحال هذا الشاعر: شوف الزبيدي يفضيّ البال في فيضة فايح طيبه ويحرص الكثير من الأهالي مع توفر (الفقع) على شراء كميات كبيرة منه وتخزينها عن طريق التبريد بالفريزرات المنزلية، ولذلك طريقة خاصة بحيث يتم حفظه لفترات طويلة، كذلك هناك مَن يقوم بتشطيبه وتجفيفه، وهو ما يسمى (وشيق). وللفقع أكلات عديدة، مثل طبخه مع (الكبسة)، وكذلك هناك سلقه وهرسه مع (الزبد) البلدي، كما له طعم خاص مع (المرقوق)، ويؤكل أيضاً عن طريق (الشوري). وتشكل للفقع بالقريات مكان خاص يعج بالحركة اليومية خلال موسمه من قِبَل البائعين والمشترين بساحة التمر. وهناك أحد أبناء القريات اشتهر بتجارة (الفقع) وعرفه الجميع في محله، ويتوفر لديه أنواع جيدة من الفقع قلَّ مَن لا يعرفه من أبناء القريات، المواطن محمد الطوش الشراري. والذي أكد لنا أن هذا العام موسم الفقع وفير -ولله الحمد- والأسعار معقولة نوعاً ما، وسوف ترخص خلال الأيام القادمة، كما أضاف لنا معلومة طبية عن الفقع، وهي استخدام مائه قطرة للعين لمرض الرمد ولتقوية الجفون. وأضاف الطوش أن لأنواع الفقع تعريفاً خاصاً لدى الناس قديماً؛ حيث يصنفونه بهذه العبارة: الزبيدي لأم أوليدي والغلاسي لراسي والجباه لأم البنات.