فإذا ما تجاوزنا المعاجم اللغوية الى بعض المعاجم الفنية، فسوف لا تبعد بنا كثيرا، ولكنها ستضيف الينا بعض المعاني الجديدة التي ستسهم في تحديد المفهوم بشكل ادق وافضل، وسنجعل حديثنا قاصرا على ثلاثة منها هي: أ ْ المعجم الفلسفي، للدكتور جميل صليبا: قال في حرف الثاء .1/379 : الثلاثيات عند علماء القرون الوسطى هي المرحلة الاولى من الدراسات الجامعية في كلية الآداب والعلوم، او كلية الفلسفة وتشتمل على النحو، والبلاغة، والجدل. وقال في .ص 373 تحت عنوان .الثالث المرفوع : مبدأ الثالث المرفوع من المبادىء الاولية، تقول: اذا صدقت احدى القضيتين المتناقضتين: كذبت الثانية، والعكس بالعكس، ولا ثالث بينهما, ويشترط في المتناقضتين ان يكون موضوعهما ومحمولهما واحدا، وألا تختلفا الا بالايجاب والسلب, فاذا كانت احداهما صادقة كانت الثانية كاذبة، ولا وسط بينهما. وينطبق مبدأ الثالث المرفوع على القياسات الاستثنائية المؤلفة من الشرطيات المنفصلة، فاذا استثنيت عين ايهما كان، نتج ذلك نقيض الآخر، مثاله: اما ان يكون العدد زوجا، واما ان يكون فردا، لكنه زوج، فينتج انه ليس بفرد، او فرد، فينتج انه ليس بزوج, واذا استثنيت نقيض ايهما كان، نتج عن ذلك عين الآخر، مثاله: اما ان يكون العدد فردا، واما ان يكون زوجا، لكن ليس بفرد، فهو اذن زوج, ولا وسط بينهما. ب ْ كشاف اصطلاحات الفنون/ محمد علي الفاروقي التهانوني ْ تحقيق الدكتور لطفي عبدالبديع .1/ مادة ثلث وزارة الثقافة بمصر/ 1382هْ 1963: ْ بتصرف ْ * الثلاثي ْ بالضم ْ عند الصرفيين: عبارة عن اسم او فعل يوجد فيه ثلاثة احرف اصول، بمعنى انه لا يوجد فيه زائد من هذه الثلاثة, ويسمى بالقطب الاعظم. ثم الثلاثي ان لم يوجد فيه هذه الاحرف الثلاثة، كزيد، وضرب، يسمى ثلاثيا مجردا، وان وجد فيه سوى هذه الاحرف الثلاثة ايضا، كأكرم، واستنصر، يسمى ثلاثيا مزيدا فيه، ومزيدا ايضا. وذو الثلاثة عندهم هو الاجوف، اي معتل العين. * والثلاثية عند المناطقة: قسم في القضية الحملية, قال التهانوني .2/114 : للقضية الحملية عدة تقسيمات: الاول: باعتبار الطرفين، فان لم يكن حرف السلب جزءا من احد طرفيها سميت محصلة، والا سميت معدولة. الثاني: باعتبار الجهة، فان كانت مشتملة على الجهة تسمى موجهة، والا تسمى مطلقة. الثالث: باعتبار الرابطة، فان ذكرت الرابطة تسمى ثلاثية، كقولنا: زيد هو قائم. ان لم تذكر سميت ثنائية، كقولنا: زيد قائم. ثم قال: فاذن مراتب القضية ثلاث: ثنائية لم يدل فيها على نسبة اصلا ْ وثلاثية تامة، دل فيها على النسبة الى موضوع معين، كالمذكور فيها رابطة غير زمانية. ْ وثلاثية ناقصة، دل فيها على النسبة الى موضوع غير معين، كالمذكور فيها رابطة زمانية، او التي محمولها كلمة او اسم مشتق. .انظر بقية المبحث في المرجع . * الثالثة: هي عند اهل الهيئة والمنجمين: سدس عشر الثانية، التي هي سدس عشر الدقيقة. التثليث: جعل ثلاث زوايا للشيء، وتقسيم الشيء الى ثلاثة اجزاء. وفي اصطلاح المنجمين: هو سقوط النجم الى البرج الرابع من النجم الآخر. * المثلث: اسم مفعول من التثليث. وعند الفقهاء: هو عصير العنب يطبخ قبل ان يغلي ويشتد حتى يذهب ثلثاه، ويبقى ثلثه، سواء كان بمرة او اكثر، فلو طبخ حتى ذهب ثلثه، ثم قطع عنه النار حتى يبرد، ثم اعيد الطبخ عليه قبل ان يغلي حتى يذهب ثلثاه صح, كذا في .البرجندي .شرح مختصر الوقاية ، ومثله في .جامع الرموز ْ وكلها كتب حنفية ْ حيث قال: المثلث ان يطبخ بالنار او الشمس حتى يذهب ثلثاه. * وعند الاطباء: هو ما يتخذ فيه من العصير ثلاثة اجزاء، ومن الماء جزء واحد، ويغلى الى ان يذهب الثلث، كذا قال الايلافي، ويسمى بالفختيج ايضا, فعُلم من هذا ان ما ذهب اليه الاطباء من ان المثلث هو ماء العنب اذا اغلي واخرجت رغوته حتى يبقى منه الثلث ويذهب الثلثان غلط، ومنشأ غلطهم المثلث الفقهي، فخلطوا المثلث الطبي بالمثلث الفقهي، ويسمى المثلث بالشراب المغسول ايضا، كذا في .بحر الجواهر . * وعند اهل التكسير اي اصحاب الجفر: .علم الجفر: هو علم يبحث فيه عن الحروف من حيث دلالتها على احداث العالم، فهو على هذا ربما يدخل في باب الرجم بالغيب. كما يطلق هذا العلم على الشفرة، وهي عبارة عن رموز يستعملها فريق من الناس للتفاهم السري فيما بينهم، جمعها شفار، وشفر : هو .اي المثلث : مربع مشتمل على تسعة مربعات صغار، سمي بذلك لان احد اضلاعه مشتمل على ثلاثة مربعات صغار، ويسمى بالوفق الثلاثي ايضا، ويقال له: مربع ثلاثة في ثلاثة ايضا. * وعند المهندسين: هو سطح يحيط به ثلاثة خطوط، سواء كانت تلك الخطوط كلها مستقيمة، ويسمى مثلثا مستقيم الاضلاع، وهو الذي يبحث عنه في علم المساحة. * او كلها منحنية: كالمثلث المفروض في سطح الكرة، وهو قطعة من سطح الكرة يحيط بها ثلاثة قسي من الدوائر العظام، كل منها اي من تلك القسى، يكون اصغر من نصف الدور. * او بعضها منحنية: كما اذا قطع مخروط بنصفين على السهم، فيحصل من سطحه المستدير مثلث احاط به خطان مستقيمان، وخط مستدير، وهو نصف محيط القاعدة، ويسمى مثلثا غير مستقيم الاضلاع. * ثم المثلث المستقيم له تقسيمان: تقسيم باعتبار الضلع ْ وتقسيم باعتبار الزاوية. أ ْ فبالاعتبار الاول: اما مختلف الاضلاع، وهو الذي لا يكون احد من اضلاعه ْ اي من خطوطه المستقيمة ْ مساويا للآخر. واما متساوي الاضلاع: وهو الذي اضلاعه جميعها متساوية. اي لا يكون بعضها ازيد من بعض آخر. واما متساوي الساقين: وهو الذي يتساوى ضلعاه فقط. ب ْ وبالاعتبار الثاني: اما قائم الزاوية: وهو الذي يوجد فيه قائمة. واما منفرج الزاوية: وهو الذي يوجد فيه منفرجة. واما حاد الزاوية: وهو الذي لا يوجد فيه قائمة ولا منفرجة بل تكون جميع زواياه حادة. جْ: الموسوعة العربية الميسرة ص 137/ محمد شفيق غربال وزملاؤه/ دار الشعب بمصر 1959م. * الثلاثاء هو اليوم المعروف وخصه العرب بكوكب المريخ, اذ الاسبوع عبارة عن فترة زمنية اقصر من شهر، وتكون عادة سبعة ايام، لكن,, قدماء المصريين اعتبروها عشرة ايام، وقلدهم الفرنسيون ايام التقويم الفرنسي للثورة الفرنسية. وفي بعض المناطق يتراوح الاسبوع بين اربعة وثمانية ايام تبعا لمواعيد الاسواق .عند الرومان كانت تتكرر الاسواق كل ثمانية ايام . ونشأت فترة الايام السبعة في غرب آسيا، على اساس ان الكواكب المتحركة المعروفة حينئذ، كانت سبعة، تدور حول الارض وهي .الشمس، القمر، المريخ، عطارد، المشتري، الزهرة، زحل ، فاختص كل يوم من ايام الاسبوع بكوكب منها، فكانت: السبت لزحل، الاحد للشمس، والاثنين للقمر، والثلاثاء للمريخ، والاربعاء لعطارد، والخميس للمشتري، والجمعة للزهرة. * الثلاثي الادنى .ص 581 : تعبير كان يطلق في القرون الوسطى على العلوم الثلاثة الدنيا التي تضمها الآداب الحرة السبعة. * الآداب الحرة: .ص 67 استعمل هذا التعبير في القرون الوسطى ليعني الثلاثي الادنى: .القواعد، المنطق، الجدل والرباعي الاعلى: .الحساب، الهندسة، الفلك، الموسيقى , اما في العصر الحديث فقد مال الاستعمال الى اعتبار الآداب الحرة تلك الفروع التي تشمل الدراسات الانسانية في الدرجة الاولى في مقابل الدراسات العلمية او المهنية. * ص 581/ ثلاثي الطبقة: يعني في الموسيقى: اللحن الواحد اذا سمع بالمطابقة في ثلاث طبقات مختلفة بالتبديد، في آن واحد، وكذلك النغم المخلوط من ثلاثة ألحان مختلفة الطبقة، فهي ثلاثية التصويت. * مثلث: .ص 1646 : اسم الوتر الثاني في العود، فأول الاوتار اثقلها، وهو ما كانوا يسمونه .البُم ويليه المثلث، ويسميه المحدثون في وقتنا هذا: وتر العشيران. * المثلث في الرياضة .1646 : شكل مستو يحده ثلاثة مستقيمات تسمى اضلاعا، وهي متقاطعة في ثلاث نقط تسمى رؤوس المثلث. * ويمكن اعتبار اي ضلع قاعدة للمثلث، وحينئذ يسمى البعد العمودي بين تلك القاعدة وبين الرأس المقابل لها باسم الارتفاع. * ومساحة المثلث تساوي نصف حاصل ضرب القاعدة في الارتفاع المناظر لها. .قلت: او القاعدة في نصف الارتفاع، او الارتفاع في نصف القاعدة . ويطلق على الخط الواصل من اي رأس في المثلث الى منتصف الضلع المقابل له اسم: المستقيم المتوسط. ولكل مثلث ثلاثة مستقيمات متوسطة تتلاقى في نقطة، وثلاثة ارتفاعات تتلاقى غالبا في نقطة اخرى. * وتنقسم المثلثات الى انواع مختلفة تبعا لمقادير زواياها, فالمثلث المتساوي الاضلاع تكون زواياه متساوية, والمثلث المتساوي الساقين نجد فيه زاويتين متساويتين, والمثلث العام مختلف الاضلاع والزوايا. اما المثلث القائم الزاوية فنجد احدى زواياه قائمة .تسعون درجة . وبما ان مجموع زوايا المثلث يساوي قائمتين فيترتب على ذلك عدم وجود اكثر من زاوية قائمة واحدة في اي مثلث، وكذلك لا يوجد اكثر من زاوية منفرجة واحدة. وفي الهندسة يتطابق المثلثان اذا ساوت اي ثلاثة اجزاء من احدهما الاجزاء الثلاثة المناظرة لها في المثلث الآخر: .قلت: فاذا لم يحصل هذا التساوي فالمثلثان متباينان . وهذه الحقيقة تجعل في المستطاع ْ في حساب المثلثات ْ معرفة مقادير زوايا اضلاع اي مثلث اذا عرفنا ثلاثة منها. * وللمثلث اهمية خاصة في الهندسة المستوية، لانه ابسط انواع الاشكال الكثيرة الاضلاع، فهو يحتوي على اقل عدد ممكن من الاضلاع، ويمكن تقسيم اي شكل كثير الاضلاع الى مثلثات عن طريق توصيل الاقطار المختلفة. وتبعا لذلك فان اي نظرية كاملة لحل المثلث وقياسه، تؤدي الى نظرية كاملة لقياس جميع الاشكال المتعددة الاضلاع. * المثلث المدرج: وهو من خشب او لدينة، مختلف الاحجام، على حافته تدريج، كتدريج المسطرة، ووسطه مفتوح، يقاس به الزوايا، ويستعمله المهندسون في رسم خرائط البناء وغيرها، ويعتمدون عليه في علم المساحة. * ايها القارىء الكريم، ارجو ألا اكون اثقلت عليك ببعض هذه النقولات، التي اكثرها متصل بعلوم قديمة، قد يرى بعضهم انه لم يعد لها مكان في منظومتنا الثقافية الحديثة، وانا اقول: ان الحديث لا ينبغي ان تقوم بينه وبين القديم قطيعة، بل على العكس نحن نسعى الى مد تلك الجسور التي هي من طبيعة الاشياء، والتي يجب ان تكون بالفعل قائمة، فكل ما اوردناه له علاقة مسيسة بالحاضر، فالطب والمنطق والاصول، والجفر، والنحو والصرف والجدل، كلها ما زلنا نحياها وتحيا فينا، وان تحولت بعض الموضوعات منها الى تاريخ، لان العلم الحديث قد يكون تجاوزها، فنحن ندرس تاريخ العلوم كما ندرس العلوم نفسها، فرب مغلق تفتحت لنا ابوابه من خلال هذه المدارسة، ورب ملتبس او مشكل تجلى واتضح. وبقليل من التأمل نلمس العلاقة الواضحة بين الدلالة اللغوية التي اسلفنا الحديث عنها فيما سبق، والدلالة الاصطلاحية او الفنية، اذ النقل لا يتم في واقعه الدلالي إلا من خلال وجود تلك العلاقة.