حصد الموت عشرات الآلاف ولا يزال كثيرون تحت الأنقاض في زلزال بام، وبعد ثمانية أيام وجدت عجوز تقارب مائة عام حية سليمة تحت الركام وأخرجت لتعود شاهدة إما على الحياة وإما على الموت أيهما كان أقدر على أن يمنحها فرصة واحدة من فرص شتى لكل إنسان ولدت كالطفل من جوف الركام شاهداً آخر في مأساة بام طوت الأيام لم تحفل بها بين زحف العمر أو زحف الحطام ربما استغنت عن النوم بما يشغل النائم عن طيب المنام ربما لم تستبن حاجتها لأنيس أو جليس أو كلام ربما لم تستفق حتى ترى فسحة النور ولا ضيق الظلام لم تشاهد نهماً مشتعلاً في تجاويف شراب وطعام واختصاماً في نفوس أشربت صخباً في الهجر أو نشر الخصام حملت أعوامها صامتةً وتوارت عن متاهات الزحام أوشكت أن تخلع القرن على مائة تنسل عاماً إثر عام وعلى الوجه نقوش ربما قلت هذا العمر .. أو هذا اللثام إنه العمر الذي أثقلها فتوارت بين أطباق القتام زحف الموت إليها ومضت نحوه تزحف عن دنيا اللئام وانثنى عنها وباتت وحدها