اعجبتني دراسة اعدتها الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية حول تحديد ساعات العمل في الاسواق والمحلات التجارية فقد جاءت اقرب الى الواقع منها الى التنظير، وكنت اتمنى ان تقوم الامانة العامة لمجلس القوى العاملة، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة بتفعيل مثل هذه الدراسات الهادفة والاستفادة منها لا ان تبقى حبيسة الادراج رغم الجهود الكبيرة المبذولة فيها!! كثيرة هي الدراسات التي تتم سواء في الجامعات او معاهد التدريب او الكليات المتخصصة كمتطلبات تخرج، او حتى في الغرف التجارية وفي النهاية لا نرى نتائج ملموسة لتفعيل مثل هذه الدراسات, فالامانة العامة لمجلس القوى العاملة تعتقد ان هذه مسؤولية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة العمل قد تعتقد انها مسؤولية وزارة التجارة، ووزارة التجارة تقول انها مسؤولية الغرف التجارية الصناعية، وفي النهاية يصل الامر الى طريق مسدود وتذهب كل الجهود المبذولة سدى لعدم وجود التنسيق بين عدد من الاجهزة والادارات الحكومية وكذا تلك الاجهزة والغرف التجارية الصناعية اننا في مطلع الالفية الثالثة وامامنا العديد من التحديات الاقتصادية التي يجب ان نقابلها بروح العصر لامن خلال الاجراءات البروقراطية الطويلة التي تتم احيانا في بعض الادارات الحكومية فبعض الامور لا تحتاج الى لجان ودراسات تستمر سنوات لتخرج التوصيات بعد ان تتغير الظروف، بل يحتاج الامر الى تفاعل سريع وسريع جداً مع كل الظروف والجوانب, فالظروف الاقتصادية العالمية تتغير من وقت لآخر, وعدد الخريجين الذين لا يكملون دراساتهم يزداد في سوق العمل. وفي المقابل نجد الالاف من العمالة الوافدة التي يمكن التقليص منها او ايقاف تدفقها فيما لو وضعت الخطط اللازمة لتأهيل بعض الفئات من المواطنين المتوفرين في سوق العمل!! تقول الدراسة التي اشرنا اليها ان سبب عزوف المواطنين عن العمل في الاسواق والمحلات التجارية يرجع الى ضآلة الاجور المعروضة وانعدام الامن الوظيفي وعدم وضوح المستقبل بالنسبة لهم وكذلك طول ساعات العمل واشارت الدراسة الى ان فكرة تحديد ساعات الدوام لقيت قبولاً عند طرحها من قبل رجال الاعمال واعتبرت من الاساليب المنظمة لاحتواء العمالة السعودية وايجاد وسائل ملائمة لظروف عملها تتواءم بين متطلبات الحياة وانفاق الساعات الطويلة في العمل ولذلك فانه يجب ان يتم التعامل مع العمالة السعودية في اطارها العام وبيئتها الخاصة لان الوافد يأتي متفرغاً لنفسه وعمله، والعامل السعودي مرتبط بأسرة قد يمنعه عمله من رؤيتها طوال اليوم وعدم توفير مستلزماتها ومتطلباتها بحجة الارتباط بالعمل. ودعت الدراسة الى ايجاد اوضاع مناسبة وخاصة بعمالتنا والا تقارن بينها وبين العمالة الاخرى ودراسة الظروف الاكثر ملاءمة لوضع العامل السعودي باعتباره مقيماً مرتبطاً باسرة وعليه واجباب اسرية وعائلية. ودعت الدراسة الى توظيف السعوديين من غير فئة العمال مثل الطلبة خارج اوقات الدراسة لساعات محددة سواء في الليل او النهار بنظام اجر الساعة وهو معمول به في امريكا واوروبا ودول العالم!! واقترحت الدراسة تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل لتعزيز الثقة فيما بينهما حتى يضمن صاحب العمل التزام العامل وسهولة احضاره ومحاسبته قانونياً في حالة تقصيره، وان يتم توظيف السعوديين عن طريق مكتب العمل ووجود ضوابط تصون حقوق الطرفين وتحتوي على نظام تقاعدي تكفله الدولة ويشارك فيه القطاع الاهلي. واكدت الدراسة على ضرورة عقد دورات تدريبية مجانية للسعوديين في المعاهد الحكومية حول سلوكيات البيع والتعامل مع الزبائن ومنحهم شهادات تساعدهم في الحصول على عمل في الاسواق واعداد برامج اعلامية لتهيئة المجتمع والعمالة على السعودة للتخفيف من الحواجز والعادات الاجتماعية حول بعض المهن. ونظراً لان هذه الدراسة قد مضى عليها اكثر من سنتين، فما مدى استفادة القطاع الأهلي من هذه الدراسة؟ هل تم تفعيلها لترى النور ام ان الامر في النهاية حبر على ورق!! البريد الالكتروني [email protected]