في مبادرة كريمة ورائدة تبنى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية استضافة مائة معوق من منسوبي دور الرعاية الاجتماعية بالمملكة لأداء فريضة الحج هذا العام على نفقة سموه الخاصة. وتأتي مبادرة سموه الكريمة امتداداً لعطاءات خيِّرة وأيادٍ بيضاء امتدت بها يدا سموه إلى آفاق واسعة من مجالات الخير والبر داخل المملكة وخارجها لمساعدة ودعم كل ما يحقق الخير والنفع للمسلمين إنسانياً وفكرياً واجتماعياً، ويمثل كرسي الأمير نايف للدراسات الإسلامية في جامعة موسكو واحداً من أزهى نماذج عطاءات سموه الخيّرة ذات النفع الكبير والدائم في مجال التعليم والثقافة والدعوة الإسلامية. وتجسد مبادرة سموه في استضافة المعوقين لاداء الحج نموذجاً عملياً لمنهج الإسلام في التضامن الاجتماعي القائم على أسس التراحم والتواد وركائز التكامل والرعاية ما بين أفراد المجتمع الاسلامي كله والذي يشكل في منظور الاسلام أسرة واحدة القوي فيها مسؤول عن الضعيف والقادر فيها مسؤول عن العاجز امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . ومجتمع التعاطف والتراحم والتكافل هو مجتمع الأمن والأمان,, فالأمن الشامل الحقيقي لأي مجتمع يرتبط بنمط الترابط والعلاقات التي تشد عناصره إلى بعضها والأمن الراسخ انما تصنعه أيدٍ قوية وعقول حكيمة وقلوب رحيمة,, وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رجل الأمن الاول في هذه البلاد المقدسة المعني بالأمن بشتى أبعاده: الأمن الداخلي والمدني كوزير للداخلية، والأمن الفكري كرئيس للمجلس الأعلى للإعلام، والأمن الاجتماعي كرئيس لمجلس القوى العاملة، وأمن الحجيج كرئيس للجنة العليا للحج هو نموذج فذ في حنكة القيادة وانسانية التعامل,, وما فتئ سموه يقدم دوماً المثل الصادق للمسؤول المسلم الذي ينطلق في أداء موجبات مسؤولياته من قيم الاسلام وشرعه وهداه. وتأتي لفتة سموه الكريمة نحو أبنائه المعوقين - والتي لامست شغاف قلوب المواطنين وضيوف الرحمن على السواء رسالة حب ترسم بسمة التقدير والامتنان والعرفان على شفاه هذه الفئة الغالية من أبناء هذا الوطن الحبيب,, رسالة تؤكد في جوهرها الحضاري رعاية الدولة وعنايتها بهم، وان ليس هناك محروم من معطيات الخير في بلد الخير السابغ والنماء المزدهر، الذي يرعى مسيرته خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وتحظى رعاية المعوقين، الذين يمكن ان نصفهم بذوي التحديات الخاصة Special Challanges بعناية واهتمام حكومة المملكة الرشيدة وأجهزتها المتعددة خاصة وان تقديرات الأممالمتحدة تشير إلى ان نسبة المعاقين في العديد من دول العالم تصل إلى 10% من السكان,, وتعتبر المملكة في طليعة دول العالم عناية بالمعوقين وتوفير سبل العناية والرعاية لهم وكذلك تأهيلهم علمياً ومهنياً من خلال برامج التدريب والتأهيل الخاصة لتزويدهم بالمعارف والمهارات الضرورية التي تمكنهم من ممارسة ادوار عملية ووظيفية في الحياة أخذاً بالفلسفة الحديثة القائلة ان الاعاقة لم تعد عائقاً امام التقدم وتساهم مستشفيات وزارة الصحة والقطاعات الصحية في وزارة الدفاع والطيران والحرس الوطني ووزارة الداخلية وغيرها في خدمة المعوقين من خلال مراكزالتأهيل والرعاية الصحية والتي وفرت لها الدولة أفضل الكوادر البشرية والأجهزة والوسائل الفنية لتقديم خدمات متطورة للمعوقين من مختلف الفئات. وقد شهد مجال رعاية المعوقين في المملكة خلال السنوات القريبة الماضية تطورات واسعة كان من أبرزها قيام مبادرات خاصة تستلهم توجيهات الاسلام الخاصة على التراحم والتعاطف والتكافل ومسترشدة بسياسة الدولة وتوجهاتها في خدمة المواطنين ودعم الجهود التطوعية والخيرية لخدمة كافة فئات المجتمع ومن أبرز هذه الجهود قيام الجمعية السعودية لرعاية الأطفال المعاقين والتي تبنت من ضمن أعمالها انشاء مراكز لرعاية الأطفال المعاقين في مدن المملكة الرئيسية وتوظيف احدث تكنولوجيات العصر المنطقية والفنية لتقديم أرقى الخدمات الصحية والتعليمية والتأهيلية للأطفال المعاقين، ويرعى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس ادارة الجمعية أنشطة الجمعية بكل عشق وحماس واخلاص مما مكّنها من تقديم نموذج حضاري ومشرف للعناية بالأطفال المعاقين، وقد بدأت الجمعية بإنشاء أول مراكزها في مدينة الرياض ثم في مدينة جدة وهناك مراكز أخرى قيد الانشاء في مدن أخرى بالمملكة. وجاء قيام مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية دفعة كبرى في هذا المجال، حيث جعلت الاهتمام بالانسان في طليعة أهدافها وكانت انطلاقة مشاريعها انشاء مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الانسانية وهي مدينة متكاملة على وشك الانتهاء لتقديم الرعاية الصحية والتأهيلية لشريحة واسعة من المرضى والمسنين والمعوقين. ويتابع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان أمين عام المؤسسة ببالغ الاهتمام مشاريع المؤسسة التي تشكل إنجازاً حضارياً متقدماً في مجال الخدمات الانسانية، يوظف أحدث ما وصلت إليه علوم العصر وفنونه للعناية بالانسان,هذه النماذج الوضاءة من صور العمل الانساني المجسد للقيم الأصيلة في مجتمعنا السعودي تجد صداها من خلال جهود مباركة ومخلصة لنخبة من طلائع العاملين والمتطوعين في سبيل خدمة إخوتهم المواطنين، والذين تنتظم جهودهم من خلال حوالي 150 جمعية خيرية في انحاء المملكة تحظى بدعم سخي من الدولة، وتمتد مجالات أنشطتها إلى انشاء وادارة مراكز لايواء ورعاية وخدمة المعوقين وكذلك توفير التأهيل والتعليم الخاص لهم, وبعد,, فإن مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز باستضافة مائة معوق من منسوبي دور الرعاية الاجتماعية بالمملكة لأداء فريضة الحج هذا العام 1420ه على نفقة سموه الخاصة ليست بالأمر المستغرب من سموه الكريم، بل هي امتداد لنهج سعودي أصيل أرساه المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيّب الله ثراه الذي عني بالضعفاء والأيتام والمحتاجين فأنشأ لهم دوراً للأيتام وأربطة ومساكن للعجزة والمسنين وأسبلة للخير والاحسان وسارت من بعده هذه البلاد قيادة وحكومة وشعباً على ذات النهج تضرب المثل في البذل والعطاء داخل المملكة وخارجها والذي عمَّ خيره القاصي والداني في دنيا المسلمين، فأفاء الله تعالى عليها كفاء ذلك خيراً وفيراً وأمناً شاملاً وبناءً شامخاً. والله نسأل أن يجزل لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز أجر هذه السنّة الحسنة والبذرة الصالحة إنه سميع مجيب. * وزير الحج