في أحد المساجد العملاقة الواقعة في رياضنا الحبيبة.. وبعد ان انتهينا من صلاة العشاء، تناول «المايك» أحد الإخوان المتطوّعين، الذين يبذلون جهوداً كبيرة للنصح والإرشاد وفقهم الله جميعاً وسدّدهم وشرع أخي الفاضل في وصف الجنة جعلنا الله في رياضها جميعاً، وتكلّم وفّقه الله عن نعيمها وأحوال أهلها.. وكل ما قال رائع، لكنه غير جذاب، لأن أسلوب إلقائه كان جافاً ويعتريه صراخ.. والصراخ يا عزيزي الملقي يقلل من ترغيب المتلقي دائماً ويغلق أبواب الحوار.. وترغيب المتلقي وحواره يحتاج عادة إلى هدوء لا صراخ.. فلماذا تصرخ؟!. كانت الحياة في الماضي هادئة قليلة إزعاجاتها، فكان الإنسان لا يمانع من بعض الصرخات ويستوعبها أو يطيقها إلى حد ما.. وأما اليوم فطار النوم.. بسبب الضوضاء والإزعاجات التكنولوجية التي تهاجمنا من كل صوب، ففي المدينة أبواق سيارات متوحشة تصرخ، وداخل منازلنا محطات إخبارية مزعجة تصرخ، ورؤساء في العمل متسلطون يصرخون، وأجهزة اتصال ثابتة ومتنقلة أصواتها نغصت علينا الحياة وسلبتنا الهدوء.. وأطفال أبرياء أسرتهم التكنولوجيا وعلَّمتْهم الصراخ والشقاوة والعنف.. وزوجة حنونة سليطة لا ترحم هي الأخرى وتستمر تصرخ.. فنهرب منها لبيت الله طالبين الهدوء والخشوع لنلقاك تصرخ.. فلماذا تصرخ؟!... لماذا؟!.. أشكرك على تطوعك وإخلاصك لإخوانك، وأشهد لك بالعلم، لكني أعاتبك على صراخك خصوصاً وأنت تصف الجنة.. فوصف الجنة يا أخي يتطلب خشوعاً فيه استحضار لخيال المتلقي.. واستحضار الخيالات يحتاج هدوءاً منتهى الهدوء.. وذا يعني ان المتلقي يحتاج منك قولاً ليناً.. لا تكن فظاً، سينفضُّون من حولك.. لم أقل ذلك، قاله ربيِّ وربُّك.. فيا صديقي الملقي.. كن هادئاً، كن مطمئناً.. كن مبتسماً.. وأرجوك لا تصرخ.. واعذرني، صرختُ قليلاً.. شكراً لك، ولا تعد تصرخ. [email protected]*