قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يرحب باعتماد الجمعية العامة قرار سيادة الفلسطينيين على مواردهم الطبيعية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    هيئتا "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يدعو الدول الأعضاء إلى نشر مفهوم الحلال الأخضر    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الحكم سلب فرحتنا    «خدعة» العملاء!    الخرائط الذهنية    جرائم بلا دماء !    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    عاد هيرفي رينارد    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    لماذا فاز ترمب؟    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    علاقات حسن الجوار    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    الصين تتغلب على البحرين بهدف في الوقت القاتل    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    هاتفياً.. ولي العهد ورئيس فرنسا يستعرضان تطورات الأوضاع الإقليمية وجهود تحقيق الأمن    فريق الرؤية الواعية يحتفي باليوم العالمي للسكري بمبادرة توعوية لتعزيز الوعي الصحي    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    مركز صحي الحرجة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للسكري"    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    انعقاد المؤتمر الصحفي للجمعية العمومية للاتحاد الدولي للخماسي الحديث    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    أجواء شتوية    مقياس سميث للحسد    الذاكرة.. وحاسة الشم    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرقية الشرعية لا تكون بغير الآيات القرآنية وما جاء في الأثر من السنة المطهرة
العزائم مجازة ما لم تشتمل على شرك وضعاف النفوس يبيعون المرض للناس
نشر في الجزيرة يوم 12 - 12 - 2003

الرقية الشرعية من أهم ما تستدفع به الأدواء، وهي عمل مبارك نافع بإذن الله تعالى، وكم نفع الله بها قديماًً وحديثاً في أمراض كثيرة قد استعصى بعضها على الطب بتقنياته، ومعداته ومكتشفاته، وقد كثر الحديث عن الرقية والراقين وما يستخدمه بعضهم من اساليب ربما اثارت لغطاً واحدثت تشويهاً لصورتها الناصعة، بل ربما احدثت ضرراً لطالبيها.
ولأهمية توعية الناس بحقيقة الرقية الشرعية، وتعريفهم بالأساليب الصحيحة في تلقيها وكشف اللثام عن الممارسات الخاطئة التي يقوم بها بعض المنتسبين لاهلها من غير المؤهلين او من الدجالين الذين يستغلون حاجة الناس وجهلهم بالصواب والخطأ في الرقية كان لابد أن تتضافر الجهود لبيان الحق وكشف الباطل، حتى لا يخدع الناس وحتى لا ينتشر التزييف وتضيع الحقيقة. ومن أهم ما يحقق ذلك إجراء الحوارات مع المشهود لهم بالصدق وحسن المعرفة من الذين لهم عناية بالرقية واطلاع على احوال الراقين وألاعيب الدجالين.
وقد يسر الله سبحانه وتعالى إجراء هذا الحوار مع احد المهتمين بالرقية الشرعية المنافحين عنها الحريصين على تنقيتها من الشوائب العائدين بها إلى صورتها الشرعية الحقيقية بعيداً عن الاختراعات التي افقدتها رونقها واضعفت من فاعليتها، انه الشيخ عبداللله بن محمد بن غميجان الذي تمنع كثيراً، واعتذر مراراً، وعلى مدى اربع سنوات كنا نلح عليه فيها بإجراء هذا الحوار وهو يعتذر بلطف بحجة وجود من هو اعلم منه وأولى بهذا الحوار، ولكن بعد الإلحاح واستشارته لعدد من المشايخ وافق على استحياء فكان هذا الحوار المهم الذي يضع النقاط على الحروف، ويقدم وصفة علاجية تفيد كل مريض.
ولقد جاء هذا الحوار ثرياً في معلوماته، وقوة معالجته وشموليته، وحسن توجيهاته، وسيجد فيه القارئ الكريم بمشيئة الله تعالى ما يشده إلى نهايته ويزيل عنه كثيراً من جوانب اللبس في هذا الموضوع، فيه حل لكثير من الإشكاليات التي تثار بين فينة واخرى، ونؤكد بلا حرج أن ما جاء في هذا الحوار يعتبر ورقة عمل مهمة لو التزم الراقون والمرضى بها لزالت كثير من السلبيات.وقد لمسنا في الشيخ عبدالله صدقه وتمكنه في هذا الامر ودرايته لكثير من جوانبه وحرصه الشديد على تدعيم إجاباته بالادلة الشرعية من القرآن والسنة، كما لمسنا فيه عزوفه عن الشهرة وتحرجه من التصوير، بل وجدنا انه يعتذر كثيراً من الرقية، نتمنى أن يجد فيها القراء الفضلاء ما يتطلعون إليه، وأن يستمتعوا بقراءتها، وإلى صلب الحوار.
* ما المقصود بالرقية الشرعية؟
- هي تكون بالآيات القرآنية والأدعية الشرعية وهي الخالية من الشرك والاعتداء، وبعض الناس توسع في ذلك فأدخل على الرقية ما ليس فيها مما احدث من الطرق العلاجية بحجة انها مجربة والدعاوى في هذا الباب كثيرة توجب الحذر والاكتفاء بالمشروع وترك ما سواه.
* هل للرقية كيفية محددة؟
- الرقية في عمومها تلاوة للآيات القرآنية ولجوء إلى الله بالأدعية الشرعية مع اليقين والثقة بالله عز وجل ونية الشفاء منه سبحانه، ثم ينفث بعد كل آية او سورة او دعاء او يتفل على المريض، وهناك كيفيات واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها انه كان يجمع كفيه ويقرأ فيها سورة الاخلاص والمعوذتين ثم يسمح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده ثلاث مرات، ومنها انه كان يرشد من به وجع أن يضع يده على مكان الألم ثم يقول: بسم الله «ثلاثاً»، وأعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد واحاذر «سبعاً»، ومنها انه صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى إنسان او كان به قرحة او جرح وضع سبابته بالارض - بعد بلها بريقه - وقال بسم الله، تربة ارضنا بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا باذن ربنا، ومنها فعل ابي سعيد الخدري - رضي الله عنه - حين رقى اللديغ حيث كان يقرأ الفاتحة ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل، وقد اقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
* ولكن الا يتعارض هذا مع قوله تعالى: {ومٌن شّرٌَ النَّفَّاثّاتٌ فٌي العٍقّدٌ} ؟
- ابداً، إذ المستعاذ منه في السورة نفث السواحر لاشتماله على الشرك،أما ما دلت عليه الاحاديث فهو نفث بالقرآن، واسماء الله تعالى، والدعوات الشرعية، وما فيها من التوحيد وصدق اللجوء إليه - جل وعلا - ولا شك أن لذلك بركة ونفعاً يجدها المريض بإذن الله تعالى.
* الا توجد شروط معينة للرقية حتى يكون الناس على بينة من ذلك؟
- بلى، ذكر العلماء للرقية شروطاً ثلاثة تميزها عن غيرها من الرقى البدعية، وهي:
1. أن تكون بكلام الله تعالى واسمائه وصفاته وما اثر عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رقى بغير ذلك فلا تقبل منه.
2. أن تكون باللسان العربي او بما يعرف معناه من غيره.
3- أن لا يعتقد تأثير الرقية بذاتها بل بتقدير الله - عز وجل -.
ومن هنا ينبغي للراقي أن يجهر بصوته حال الرقية حتى يطمئن القلب ان ما يرقي به خال من الشرك، ولا ينبغي عليه أن يتضايق اذا طلب منه ذلك، إذ يوجد من السحرة من يتزيا بزي الصالحين والرقاة المخلصين ثم يتمتم بأسماء شيطانية وكلمات شركية، نعم، ليس كل من اسر بالرقية ساحراً، ولكن الإسرار شبهة وذريعة،والراقي الصادق ينبغي له ان ينأى بنفسه عما يثير الشبهة حوله.
* ما الصفات التي ينبغي توافرها فيمن يمارس الرقية الشرعية؟
- يفترض فيمن يقوم بذلك ان يكون ممن يخاف الله ويتقيه، ومن اهل الصدق وحب الخير للغير، وان يكون لديه من العلم ما يعينه على القيام بها على الوجه الشرعي، ويتميز بالورع والرزانة والهدوء والرفق والبعد عن الريب والصلف، وعدم الانسياق وراء المظاهر الخادعة في المرضى.
* يقال بأن الرقية تخصصية لا يحسنها كل احد فهي حكر على فئة معينة؟
- هذا ليس على إطلاقه إذ كل احد قادر على رقية نفسه اذا عرف ما يرقي به من آيات وأدعية، ذلك أن الرقية سهلة ميسورة، فهي قراءة آيات من كتاب الله، واللجوء إلى الله بأسمائه وصفاته، والإلحاح في الدعاء بأن يكشف الله عنه الضر والسوء، فهي من هذه الناحية عامة ممكنة لكل احد.
* هل من الممكن أن تكون الرقية سبباً في التوهم؟
- احياناً نعم، خاصة مع القراءة الجماعية، واحياناً يحصل التوهم بسبب اسلوب الراقي، الذي يصدر حكماً قطعياً على المريض بأنه مصاب بكذا وكذا، لوجود بعض الظواهر والاعراض، وكثير منها اعراض كاذبة وملبسة حتى للراقي، مما يوقعه في الخطأ، وكثير من هؤلاء المرضى الذين اخطأ الراقي في تشخيصهم يظلون سنوات وهم يتنقلون من راق إلى آخر دون أن تتغير حالهم لان الذي فيهم ليس جناً ولا سحراً ولا عيناً وانما هو الوهم القاتل الذي لا يريد ان يعترف به.
* اذاً هناك اخطاء في التشخيص؟
- نعم، وكثيرة.
* ما سببها في نظرك؟
- العجلة في الحكم، المبنية على الجهل والاغترار ببعض الاعراض والظواهر التي تطرأ على المريض حال القراءة وبعض القراء لديه اندفاع نحو التشخيص وله ولع به، وحرص عليه أكثر من حرصه على شفاء المريض، بما قد يفاقم من حالة المريض، ومن اسباب ذلك السحرة والمشعوذون والدجالون الذين يستغلون وضع الناس وحالتهم المرضية فيوهمونهم بأن فيهم كذا وكذا طمعاً في مالهم او اضلالهم، وللاسف ان اكثر المرضى يصدقون ما يقولونه لهم في ذلك ولو كان كذباً.
* هل هناك آيات او أدعية للرقية؟
- القرآن كله خير ومبارك ونافع - بإذن الله - ولكن هناك سور وآيات وأذكار ورد فيها النص، كالفاتحة وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين، وسورة البقرة التي تطرد الشياطين من البيوت، وكذلك الدعاء لما ورد في الحديث « لا يرد القضاء الا الدعاء»، ومن الادعية «باسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك من كل نفس او عين حاسد الله يشفيك باسم الله ارقيك»، ومنها ان يضع الإنسان يده على الموضع الذي يؤلمه ثم يقول: بسم الله «ثلاث مرات»، ويقول بعدها: اعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما اجد واحاذر «سبعاً»، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اتى الى فراشه نفث في كفيه ب «قل هو الله احد»، والمعوذتين، ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده «ثلاثاً»، ويقول ابن القيم في كتابه النفيس زاد المعاد:« لقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت اتعالج بالفاتحة، آخذ شربة من ماء زمزم واقرؤها عليها مراراً، ثم اشربه فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت اعتمد ذلك عند كثير من الاوجاع فأنتفع به غاية الانتفاع».
* ماذا عن الرقية في الماء، وكيف تكون؟
- اجازها العلماء، كما في قصة ابن القيم، وللرقاة ثلاث طرق فيما اعلم:
الاولى: قراءة واحدة ونفخة واحدة على قوارير كثيرة، وهذه طريقة غريبة لكنها للاسف منتشرة.
الثانية: قراءة واحدة مع النفخ في كل قارورة على حدة، وهذه هي الطريقة الاكثر استعمالاً وفق معرفتي.
الثالثة: يقرأ وينفخ في كل قارورة على حدة، فتكون القراءة متعددة والنفخ متعدد بتعدد القوارير وهذه متعبة جداً وقليل من يفعلها.
وقد اجاز فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - في لقائه ببعض الرقاة ان تفرغ القوارير في إناء كبير ثم يقرأ فيه مباشرة، ثم تعاد تعبئة القوارير منه، واحب أن الفت النظر الى ان كثيراً مما يباع في الاسواق ربما مضى عليه اسابيع قد تؤثر سلباً في خواص الماء والزيت.
* ما حقيقة الكتابة على الورق التي تسمى العزائم؟
- اجازها بعض السلف اذا كانت بخط عربي واضح، وبالآيات القرآنية والاذكار والادعية الشرعية، حتى لا تكون مشتملة على شرك او ما لا يعرف معناه، وان تكتب بما لا يضر كالزعفران، وكثير مما هو موجود غير واضح الخط للاسف، وقد استغل بعض ضعاف النفوس جهل بعض الناس وحاجتهم وتساهلهم فكتب آيات في ورقة بخط رديء وبالحبر ثم اخذ يصور ويبيع ليشرب الناس ويتداووا بالكربون وهذه مصيبة من الطرفين الكاتب والمريض.
* هل تقترح تنظيماً معيناً للقراء، واي الجهات ترى مناسبة اشرافها عليهم؟
- ارى أن يبتعد عن القراءة الجماعية، وان يوعز للرقاة بأن تكون الرقية في بيوتهم او بيوت من يطلبهم، وان يكتفوا بالرقية، وارشاد الناس الى وسائل تحقيق السعادة دون خوض في تشخيصات ظنية، ويكون مفيداً ان يرتب لقاء للرقاة في كل منطقة مع بعض العلماء لاستجلاء الجوانب الشرعية في هذا الموضوع وكذلك الالتقاء ببعض المتميزين في الطب النفسي وهم كثر كالدكتور طارق الحبيب، والدكتور محمد الصغير والدكتور ميسرة ظافر وامثالهم للتعرف على بعض الامور النفسية التي قد تخفى على المعنيين بالرقية وتوقعهم في تشخيصات خاطئة، وفي ذلك ما يعين على تضافر الجهود وائتلافها لا اختلافها، وألصق الجهات بهم هي الهيئات اذ هي اقدر على كشف المتلاعبين من الأدعياء.
* هل دخل الرقية من هو محل تهمة؟
- نعم للاسف دخل مجالها لعابون ودجالون وخرافيون وسحرة، يتزيون بزي الصالحين وليسوا منهم وربما زادوا في ادعاء الصلاح بقراءة آيات واظهار احوال يخفون بها حقيقتهم.
* وكيف يتعرف عليهم المريض؟
- ابتداء لا تذهب الا إلى من شهد له اهل العلم بالصلاح والعلم ثم تمعن في قراءته وطريقة تعامله مع المريض فإن سأل عن اسم الام او اعطاك حجاباً او طلب منك وضع شيء في بيتك او تبخيره او ذبح ديك او خروف بلون كذا وتلطيخ الجسد والجدران بدمه فاعلم انه ساحر، او تفحص جسد المرأة بيده او نزع حجابها او طلب الخلوة بها بأي حجة كانت فاعلم انه لعاب زير نساء، وكذلك التعرض للمردان والصغار والتفرد بهم ولذلك نوصي باصطحاب المحارم والاولياء وعدم الافراط في الثقة فان الشيطان حريص على إغواء المريض والراقي على حد سواء والمعصوم من عصمه الله. نسأل الله ان يعيذنا من الفتنة.
* يشتكي كثير من الناس نوبات من الضيق والحزن والقلق، فهل للسحر والعين والمس علاقة بها؟
- بعضها صحيح، ولكن الا ترى معي اننا نحاول او نبرئ انفسنا من الخطأ ونهرب من المسؤولية، لماذا لم نفكر فيما اقترفناه من مخالفات شرعية، ألم تُضيع الصلاة، الم تُقتحم المنكرات من كثير من الناس، ألم تنطو كثير من القلوب على الا حقاد والضغائن والغل والحسد والشحناء وضيق الخلق، لقد اصبحت اهتمامات كثير من الناس منصبة على شهوة البطن والفرج، لقد غدا تفكير البعض متجهاً نحو كيفية استغلال لحظته في متع نفسه، وملذاتها دون تفريق بين ما يحل وما يحرم، لقد غزت المادة القلوب بوحشتها وقلقها وارقها ونارها وامراضها، والله جل جلاله يقول: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا اسًتّجٌيبٍوا لٌلَّهٌ ولٌلرَّسٍولٌ إذّا دّعّاكٍمً لٌمّا يٍحًيٌيكٍمً }، فمن اراد الحياة الحقيقية فعليه بهذه الاستجابة حتى ولو عاش في كوخ، واما من استكبر وطغى واستغنى وبغى فان مصيره كما اخبر الله عز وجل: {ومّنً أّعًرّضّ عّن ذٌكًرٌي فّإنَّ لّهٍ مّعٌيشّةْ ضّنكْا ونّحًشٍرٍهٍ يّوًمّ القٌيّامّةٌ أّعًمّى"}، ان كل شقاء وعناء انما حل بسببنا قال تعالى:{ومّا أّصّابّكٍم مٌَن مٍَصٌيبّةُ فّبٌمّا كّسّبّتً أّيًدٌيكٍمً ويّعًفٍو عّن كّثٌيرُ}، ان الغاية التي خلق الله الثقلين من اجلها هي العبادة قال تعالى: {ومّا خّلّقًتٍ الجٌنَّ والإنسّ إلاَّ لٌيّعًبٍدٍونٌ } ، لما استشعرها الموفقون وقاموا بها على وجهها اضاءت دنياهم آية النور {وعّدّ اللَّهٍ الذٌينّ آمّنٍوا مٌنكٍمً وعّمٌلٍوا الصَّالٌحّاتٌ لّيّسًتّخًلٌفّنَّهٍمً فٌي الأّرًضٌ كّمّا اسًتّخًلّفّ الذٌينّ مٌن قّبًلٌهٌمً ولّيٍمّكٌَنّنَّ لّهٍمً دٌينّهٍمٍ الذٌي ارًتّضّى" لّهٍمً ولّيٍبّدٌَلّنَّهٍم مٌَنً بّعًدٌ خّوًفٌهٌمً أّمًنْا يّعًبٍدٍونّنٌي لا يٍشًرٌكٍونّ بٌي شّيًئْا ومّن كّفّرّ بّعًدّ ذّلٌكّ فّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الفّاسٌقٍونّ} ، وهب عليهم نسيم آية الانعام: {أّوّ مّن كّانّ مّيًتْا فّأّحًيّيًنّاهٍ وجّعّلًنّا لّهٍ نٍورْا يّمًشٌي بٌهٌ فٌي النَّاسٌ كّمّن مَّثّلٍهٍ فٌي الظٍَلٍمّاتٌ لّيًسّ بٌخّارٌجُ مٌَنًهّا كّذّلٌكّ زٍيٌَنّ لٌلًكّافٌرٌينّ مّا كّانٍوا يّعًمّلٍونّ}، فذاقت قلوبهم حلاوة آية النحل:{مّنً عّمٌلّ صّالٌحْا مٌَن ذّكّرُ أّوً أٍنثّى" وهٍوّ مٍؤًمٌنِ فّلّنٍحًيٌيّنَّهٍ حّيّاةْ طّيٌَبّةْ ولّنّجًزٌيّنَّهٍمً أّجًرّهٍم بٌأّحًسّنٌ مّا كّانٍوا يّعًمّلٍونّ} وحين نسينا هذه الغاية او تناسيناها حلت بنا آية الروم {ظّهّرّ الفّسّادٍ فٌي البّرٌَ والًبّحًرٌ بٌمّا كّسّبّتً أّيًدٌي النَّاسٌ لٌيٍذٌيقّهٍم بّعًضّ الذٌي عّمٌلٍوا لّعّلَّهٍمً يّرًجٌعٍونّ } ، وكثيرمن الناس لا تهمه الا نفسه وحظوظها دون اعتبار لمصالح الآخرين يطلب الذي له ولا يؤدي الذي عليه، وهذه أنانية بغيضة وهت بسببها الروابط الاسرية والعلاقات الاجتماعية.
* الا تلاحظ كثرة المشاكل عند كثير من الناس؟
- من أسباب ذلك ضعف الوعي وسلبية التفكير وغلبة اليأس والإحباط وفقدان الصبر والاحتساب ففي الحديث «إن الله اذا احب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط» وحيث انتشر التسخط فطبيعي ان تكثر المشاكل، ومن اسبابها أن كل إنسان لا يعترف بخطئه بل يرى نفسه دائماً على صواب، بل بعض الناس يدرك في قرارة نفسه انه مخطئ، لكن لا يريد الإقرار بذلك اما بغياً وعدواناً او كبراً واحتقاراً للآخرين، او قلة عقل وعقد نفسية يرى بها الإقرار بالخطأ ووجوب الاعتذار للآخرين منقصة وهزيمة، ولذلك لابد من الصدق مع النفس والاعتراف بإنسانية الآخرين وحقهم في الإنصاف والعدل وحسن المعاملة والاحترام لذواتهم بغض النظر عن قربهم او بعدهم وسماتهم الخلقية او الجنسية ذكورة او انوثة، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:« لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه» فلابد من الاحترام المتبادل ورعاية الحقوق ومراعاة المشاعر ثم لابد في هذه الدنيا من المشاكل صغرت او كبرت، وبعض الناس يجعل من الحبة قبة ويقف عند كل صغيرة وكبيرة يؤاخذ ويخاصم على اتفه الاشياء والعاقل هو الذي لا ينظر الى صغائر الامور ولا يلتفت الى ما يعيق سعادته بل يسعى الى تحجيم كبار المشاكل ويحرص على تجاوزها ولا يسمح بأن تسرق منه موقفه الايجابي ونظرته المتفائلة، ولا أن تكدر عليه حياته.
* هناك اسلوب حديث في الرقية يسمى العلاج بالتخييل؟
- احذر منه، سواء كان بعد القراءة او قبلها او في اثنائهايقرره ولأنه مخالف لامر الله بالاستماع والإنصات حال سماع القرآن، ومشكلة البعض انهم يصرون على اخطائهم ويدافعون عنها، وكذلك يصرون ويدعون معرفة ما في المريض، مع ان هذا ليس شرطاً في حصول العافية، بل ان الاكتفاء بالرقية المجردة دون اسئلة وتشخيصات انفع، وهذه الطريقة نوع من الايحاءات، ولها مثيلات وهذا باب من ابواب الشر والفتنة، والحق ان توصي المريض قبل الرقية بالثقة بالله والتدبر في الآيات وتحريك القلب بصدق اللجوء الى الله، وحديث سهل بن حنيف ليس فيه مستمسك لدعاة التخييل او الاتهام، فان النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:« من تتهمون» لم يقصد أن يغمضوا اعينهم ويستعرضوا الصور في اذهنهم او ان يستعملوا التخمين ولكنه صلى الله عليه وسلم سألهم عما رأوه امامهم وسمعوه حقيقة وهو ما اخبروا به عما سمعوه من قول ذلك الرجل لما رأى بياض جلد سهل «ولا جلد مخبأة» فلبط سهل مكانه في الحال وامام اعين الحاضرين اما ما يحصل لكثير من الناس انهم لا يعرفون من اصابهم وربما اصيب احدهم في مناسبة فيها مئات الناس فلا يدري ايهم الذي عانه ولا قرينة ظاهرة صحيحة تعين احدهم فالرشد حينئذ ان يصرف ذهن المريض عن الاتهام حتى لا يكون نهباً للوساوس واتهام الابرياء بما قد يدفعه الى تصرف ارعن معهم، ومثلها الاعتماد على ما يراه في النوم.
* كيف؟
- يكون بعض الناس مصاباً بمرض عضوي او نفسي فيرى رؤيا فتؤل له بأن من رأيته هو الذي عانك او سحرك، فيبني عليها سلوكاً او تصرفاً معيناً قد يصل حد القتل مع ان من اولها قد يكون مخطئاً في ذلك. لذلك اهيب بالاخوة المؤولين ان ينتبهوا لذلك حتى لا يتسببوا في فتح باب شر على الناس، وكم سمعنا ان فلاناً اول رؤيا لاحدهم بأنه مسحور وان سحره تحت بلاط الغرفة او المجلس او في البيت المجاور فيسارع هذا المسكين الى تكسير بيته او ازعاج الآخرين بحجة استخراج السحر الموضوع لديهم ولا تسأل عن الاحراج والمشاكل التي تنشأ عن ذلك، خاصة ان بعض الناس لا يتحلى باللباقة اللازمة بل يتصرف بحماقة وعنجهية وصلف.
* هل هناك ما يبرر الخوف من السحرة والعائنين؟
على الإنسان الا يخاف الا الله، وليتوكل عليه ويتحصن بالاذكار الشرعية {ومّن يّتّوّكَّلً عّلّى اللَّهٌ فّهٍوّ حّسًبٍهٍ} {أّلّيًسّ اللَّهٍ بٌكّافُ عّبًدّهٍ ويٍخّوٌَفٍونّكّ بٌالَّذٌينّ مٌن دٍونٌهٌ ومّن يٍضًلٌلٌ اللَّهٍ فّمّا لّهٍ مٌنً هّادُ} {ومّا هٍم بٌضّارٌَينّ بٌهٌ مٌنً أّحّدُ إلاَّ بٌإذًنٌ اللَّهٌ } ، وبعض الممارسات في الرقية واحاديث الناس تزيد من حدة الخوف من الجن والسحرة والعائنين واغلب ما يكون للناس هلع لا مبرر له الا الجبن الذي استحكم في النفوس وضعف العقل والتصديق بالخرافات وحمل الاخبار كلها على محمل الصدق.
* ماهي المجالات التي تنفع فيها الرقية؟ او الامراض التي تختص بها؟
- الرقية كما سبق القول دعاء والتجاء إلى الله وتقرب اليه في كشف الضر، فهي تنفع - باذن الله - من كل ما ألم بالإنسان سواء أكان جسدياً ام نفسياً وبقدر صدق الإنسان في التجائه وقوة يقينه وتمام ثقته بالله جل وعلا يكون الانتفاع.
* حتى الخبيثة؟
*ر83ر* فّاسًتّجّبًنّا لّهٍ فّكّشّفًنّا مّا بٌهٌ مٌن ضٍرَُ } وقصة اللديغ الذي رقاه ابو سعيد الخدري بسورة الفاتحة، لكن يغلب على من يصاب بهذه الامراض اليأس والقنوط من الشفاء فتنهار معنوياته مما يعجل بتدهور حالته الصحية مع ضعف إيمانه ويقينه وعدم صدقه في اللجوء إلى الله، والبعض لا يريد أن يلجأ إلى الله بنفسه فيطلب من يفعل ذلك عنه ويدعو له، ويكتفي بعضهم باحضار راق يرقيه مرة او مرتين والرقاة في الغالب لا يستطيعون الاستمرار معه حتى الشفاء لانشغالهم وعدم قدرتهم على تلبية رغبات المصابين بهذه الامراض، لذلك أنصح كل مريض بالالتجاء بنفسه الى الله والصدق في ذلك والتفاؤل والثقة التامة في الله سبحانه ورفع المعنويات وعدم اليأس مع تجاهل اعراض المرض وعدم تحديث النفس بها ولن يموت احد قبل يومه، وأن يمارس حياته الطبيعية كأنه لم يكن به بأس والله شافيه، ومثل هذه الامراض يحتاج المصابون بها الى تأهيل نفسي يقوي فيهم جوانب الامل والتفاؤل.
* معنى ذلك أن هذه الامراض بسبب العين؟
- قد تكون بسبب العين، وقد تكون لاسباب اخرى، اما حصر الاسباب في العين او السحر فلا اظن ذلك مقبولاً، ولسنا مطالبين - في مجال الرقية - بأن نبحث عن اسباب الإصابة بالمرض فضلاً عن تكلف ذلك.
* سمعنا أن هناك علامات للعين واخرى للسحر وثالثة للجن، فما مدى صحة ذلك؟
- لا يمكن الجزم بشيء منها والامر لا يعدو أن يكون غلبة ظن، خاصة مع كثرة الامراض النفسية بسبب سوء التربية، وسطحية التفكير، والاستسلام للخرافات وتصديق الاقاويل والاحاجي، وكذلك وجود حالات تمثل دور المسحور او المعيون او الممسوس، وهي خالية من ذلك تماماً، وكذا ازدياد اعداد المتوهمين، فلا نشغل الناس بذلك، وقد اشتغل كثير من الناس بالتشخيص اكثر من اشتغالهم بالمرض ذاته وارادة الشفاء من الله.
* هل جاءتكم حالات اصحابها ممثلون او متوهمون؟
- نعم لكن اعداد الممثلين ليست بتلك الكثرة اما المتوهمون فحدث ولا حرج.
* وهل اقتنعوا بأنهم متوهمون وهل استفادوا؟
- الذين اقتنعوا استفادوا فائدة كبيرة وتحسنوا كثيراً ولله الحمد والمنة، وهم كثير، اما الذين اصروا على شكواهم ولم يقبلوا بأن ما هم فيه انما هو وهم فهؤلاء غالباً لا يتحسنون بل ربما ساءت احوالهم وقد ترى كثيراً منهم يترددون على الراقين لسنوات عدة.
* وما سبب التمثيل؟
- من اسبابه محاولة الهروب من أوضاع لا يستطيع مواجهتها.
* وكيف تعالج مثل هذه الامور؟
- لابد من الصراحة والوضوح ولابد من التجرد من الآباء والازواج ومن المدعين للمرض ولابد من الصدق في حل المشكلة وتلمس اسبابها والبعد عن العناد والتعصب للرأي ولو كان خاطئاً واستشارة اهل العلم وذوي الاختصاص والموثوقين من الاطباء النفسيين، ثم لابد من النزوع إلى التطاوع والبعد عن الاختلاف والنظر في العواقب وما يعود على الإنسان من الخير او الشر لفعله او قوله لنعط اولادنا واهلينا حظاً من اهتمامنا ولنعمل على حسن تربيتهم والتعامل معهم بالرفق والحكمة والصبر وعدم تركهم لجلساء السوء ورواد الشوارع والمقاهي والاستراحات.
* ماهي أسباب الإصابة بالعين؟
- الإصابة بالعين ناتجة عن حسد على نعمة ينعم بها المحسود، اما في جسده هيئة وشكلاً وصحة او ماله واعماله، او عقله واخلاقه، او صِلاته الاسرية او علاقاته الشخصية ونحوها، فإذا نظر إليها شخص نظرة حسد ولم يدع بالبركة وكان المحسود غير متحرز بالاذكار والاوراد الشرعية لم تكد تخطئه العين الا ان يشاء الله، وبعض الناس يعرض لنفسه لسهام العائنين من حيث لا يشعر.
* كيف يتم هذا؟
- اولاً : بإهمال الاوراد والاذكار الشرعية التي تكون لصاحبها وقاية من كافة الشرور ومنها العين.
ثانياً: إطلاع الآخرين على ما تيسر له من بيت او سيارة او اثاث او مقتنيات وغيرها مما لا علاقة للآخرين به.
ثالثاً: المبالغة في التزين والتجمل بما يلفت الانظار ويبهر الابصار حتى تجاوز كثير من الناس - والنساء على وجه الخصوص - ما هو مباح الى ما هو محرم، كتفنن كثير من النسوة في تزويق ملابسهن وبناتهن بصورة اخرجت اللباس عن كونه ستراً وحشمة إلى صورة من التهتك ابرازاً للمفاتن وكشفاً للسوءات، وكأنك في صالة عرض للأزياء، ويظهر ذلك جلياً في الافراح والمناسبات.
* اذا كان الكبار الراشدين يستطيعون اتقاء العين ونحوها بالاذكار الشرعية لادراكهم لاهميتها وفائدتها فماذا يفعل الاطفال الذين لا يدركون خطورة مثل هذه الامور ولا يعرفون الوسائل الشرعية لاتقائها؟
- الواجب على اوليائهم تعويذهم بالآيات القرآنية والادعية الشرعية فقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين - رضي الله عنهما - بالمعوذتين، وليس الامر مقتصراً على المعوذتين، بل عام في الاوراد النبوية، ثم علينا أن نعودهم على قول هذه الاذكار وحفظ اسهلها وترديدها في الصباح والمساء وعند النوم ، ومن ذلك ستر محاسنهم والبعد عن المبالغة في تزيينهم وقد قيل:
ما كان احوج ذا الكمال إلى
عيب يوقيه من العين
وبعض النساء تستهويهن الإشادة وإعجاب الآخرين بلباسهن وهيئتهن فيندفعن نحو كسب مزيد من هذا الإعجاب بمزيد من التزيين حتى أن بعضهن ربما كشفن عن ملابسها واعضائهن الداخلية لهذا الغرض.
* انتشرت في السنوات الاخيرة دور الرقية بشكل لافت للنظر، يرتادها عشرات الاشخاص بل مئات، فهل الرقية لا تصح الا بهذه الامور، وهل كل هؤلاء على قدر من الثقة والمعرفة؟
- كما قلت - آنفاً - الرقية دعاء والتجاء إلى الله - جل وعلا - وهذا متاح لكل احد ومدار النفع - بعد تقدير الله - على التقوى والمتابعة والإلحاح وسؤال الله سؤال مضطر، والإنسان قادر على رقية نفسه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل وصحابته، وهذا ما أنصح به ، فان رأى انه محتاج الى رقية غيره له فليكن احد اهله او غيرهم من الثقات، فان ذهب الى غيرهم فليبتعد عن الرقية الجماعية لما فيها من السلبيات على المريض.
* وما هي هذه السلبيات؟
- كثيرة منها:
1. ظهور امر المريض بين الناس في زمن يجعل فيه كثير من الناس من الحبة قبة ويؤولون تأويلات بعيدة.
2. الوهم، فعند رؤية احدهم يسقط او يضرب نفسه بالارض او يحدث صراخاً يدخل على المريض ألوان من الشك بأن فيه مثل ما في هذا المريض، خاصة عند تشابه الاعراض.
3. الاتهامات الباطلة لأناس ابرياء استناداً إلى خبر كاذب من متوهم، او من شيطان تكلم على لسان مريض على مسمع من هذه الجموع المحتشدة، فيتناقلون بأن فلاناً او فلانة، هو الذي سحر فلاناً او فلانة، وقد يكون هؤلاء من بيت واحد وكم جرت هذه من قطيعة ونشأ عنها من خلافات مؤسفة.
4. في الرقية الجماعية يكون يوم للرجال وآخر للنساء، وفي موعد النساء يمنع الولي من مرافقة موليته، والمرأة ضعيفة مما يفقدها الامان، ويفتح الباب لاستجابتها النفسية لما ستراه وتسمعه، وقد تسقط وتنكشف .
5. الفزع والرعب الذي يصيب الحاضرين مما يبعث في نفوسهم تعظيم الجن والسحرة والخوف منهم مع أن الامر عكس ذلك لمن وفقه الله تعالى الى الاتكال عليه والارتباط به والمحافظة على أوراده، ويفترض في الرقية ان تكون مصدر امان واطمئنان وسكينة وراحة وهدوء.
6. اتخاذ الاعداد معياراً لأفضلية الراقي وصلاحه مع ما قد يوجد على البعض من المخالفة والبدعة والدجل.
* اذاً ما الوسيلة المثلى لتفادي هذه السلبيات؟
- أولاً: ان يستغني الإنسان بالله ثم بنفسه عن غيره من البشر بأن يرقي نفسه، فلا احد اخلص له من نفسه، وما عليه الا ان يلجأ الى الله بصدق، ويتلو الآيات بتدبر وحسن ظن بالله، ثم يدعو بما تيسر موقناً بالاجابة، وهذا احوط لدينه، واستر لعرضه ، وأدعى للقبول، وأحفظ لماله وعقله.
ثانياً: أن يرقي اهل البيت بعضهم بعضاً فغالب البيوت - بحمد الله - لا تخلو من الصالحين، ربما يكتب على يديه او يديها من النفع ما يحصل به المقصود.
ثالثاً:- إن كان ولا بد من راق فليكن ذلك بشكل فردي لا جماعي، واذكر ان فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله التقى بعض الراقين ونصحهم بالرقية الفردية.
* بعض الراقين يطلب من المريض عدم الذهاب إلى غيره، بحجة ان الرقية الثانية تنقض الأولى؟
- هذه من الأوابد ومن نتائج الجهل بحقيقة الرقية الشرعية، فلماذا تنقضها ما دامت الرقيتان بالقرآن والادعية الشرعية اذا دعوت الله ان يشفيك ورقيتك بالفاتحة مثلاً ثم رقاك آخر بها ودعا لك بالشفاء فهل يقول عاقل بأن ذلك يضر المريض ويفسد الرقية الاولى، الذي يظهر ان الذي يقول هذا الكلام يرى ان المرضى غنيمة لابد أن يستأثر بها هو، نعم التشخيصات هي التي تتناقض والتوجيهات هي التي تتضارب فهذا يشخص المرض بأنه كذا والآخر يشخصه بأنه كذا فقد اقول كلاماً ويذهب إلى آخر فيقول بخلافه وهذا يضر المريض نفسياً ويربكه.
* لكن بعضهم يقول بأن الرقية اذا زادت أضرّت بالمريض؟
- الرقية ليست علاجاً كيميائياً حتى يقال مثل هذا، الذي يتضرر بالرقية هو الجن إذا كان الإنسان مصاباً بمس، وما سوى ذلك فالرقية شفاء وراحة وطمأنينة بإذن الله، ومثل هذه التخبطات لم يسمع بها الا لما فشا الجهل الشرعي وخف الورع في الناس ودخل الرقية اناس لا حظ عندهم من العلم والوعي لا قليل ولا كثير.
* وماذا بشأن العدد في الرقية؟
- من الآيات والادعية ما جاء النص من النبي صلى الله عليه وسلم بتكرارها ثلاث مرات او سبع مرات، ومنها ما لم يحد له عدداً معيناً وبعض الراقين ينشر بين الناس ان هذه الرقية تنفع اذا كررتها سبع مرات او ثلاث وثلاثين مرة وهكذا، وهذا يوحي للمريض أن السر في العدد لا في المعدود، والواجب أن نقتصر على ما جاء به الشرع، وما ليس فيه تحديد عدد معين يترك مفتوحاً، بعض المرضى ترقيه بسورة الفاتحة مرة واحدة فينتفع بذلك، وبعضهم مرتين او ثلاث وبعضهم اكثر منذ ذلك وليس هناك عدد معين يحصل به الشفاء بحيث لا يزيد عليه ولا ينقص عنه نعم يوصى بالالحاح في الدعاء، وهناك امر آخر يقع فيه كثير من الناس، حيث يتناقلون ادعية واذكاراً يزعم انها نافعة من كذا وكذا ومجربة، فيقوم بعض الناس عن طيبة بنسخها وتوزيعها، وقد اطلعت على بعضها فرأيتها مشتملة على تلفيقات وخرافات وشركيات لو اعتقدها قارئها لهلك في الدنيا والآخرة.
* اذاً ما العمل حيالها؟
- الواجب على كل مسلم ان يتحرى الصواب ويلتمس الحق ولا ينخدع بالدعاوى ويسأل اهل العلم الثقات عما يشكل عليه، وكثير من الادعية والاوراد التي رأيتها مع كثير من الناس غير مفسوحة من الجهات المختصة وبعضها مطبوعة في دول لا تهتم بالتوثيق والصواب، وبعض الناس يظن أن العافية والاجر في الكثرة، وهذا ليس على إطلاقة فقليل مشروع خير من كثير مدخول.
* كثيراً ما تتحدث عن الحواجز النفسية ماذا تقصد بها؟
- هي تلك الممارسات الشعورية السلبية التي يحركها الإنسان في نفسه تجاه شخص او عمل او امر ما، فيؤثر سلباً في تقبله له، مثلاً كثيراً ما نسمع من يقول هذا الامر صعب او مستحيل او ما اقدر عليه هذه حواجز نفسية يبنيها قائلها في نفسه ويقويها بتكرارها حتى تسد الطريق امامه، والصعوبة نسبية، وكم من صعب صار سهلاً بتوفيق الله ثم بالعزيمة والاصرار والتحدي والعمل الجاد، الطالب اذا وضع في نفسه ان المادة الفلانية صعبة فتثق انه لن يستوعبها ولن يحبها بل سيكرها ويكره مدرسها بلا مبرر، الزوجة مع زوجها الموظف في وظيفته العامل في عمله لذلك لابد ان نفرغ صدورنا وافكارنا من هذه الحواجز ولنقبل على الاشياء بنفس منفتحة ولنمارس الامور بمتعة ولو كانت متعبة جسدياً او ذهنياً ولنعمل بجد على تخطي تلك الصعوبات.
* لكن بعض المحيطين بك قد يؤثرون فيك سلباً؟
- هذا صحيح لكن لماذا اقبل هذا التأثير السلبي؟ لماذا اكون العضو الاضعف؟ لست ملزماً ان افكر بأسلوبهم ولا ان اعمل مثلهم ولا ان اسلك سلوكهم حتى ولو كنت معهم فالصحبة شيء وحياتي وسعادتي وتصرفاتي شيء آخر، الا اذا كان الحق معهم فحينئذ لابد ان اقبله واذا التبس الامر عليك فاستشر ذا رأي وفه ممن يوثق به، وبعض الازواج مثلاً يعيش سعيداً مع اهله وفجأة تنقلب بحياته جحيماً بسبب قبوله لآراء صديقه او اخيه او صديقتها او اهلها في حياتهم الخاصة.
* وامر البيوت الخاصة او الاستراحات، ماذا بشأنها؟
- صحيح ان السلف - رحمهم الله - لم يؤثر عن احد منهم انه خصص مكاناً للرقية بحيث يقصد فيه لها - بحسب اطلاعي - الا انه قد يضطر البعض اليه، كما هو الحال لدى بعض الراقين اليوم فمن المعلوم ان الراقي اذا عرفه الناس ونفع الله به وفد الناس اليه وطلبوا رقيته بصورة تصل حد الازعاج له ولعائلته واولاده، وكما قيل: صاحب الحاجة اعمى، فقد يأتي المريض في وقت راحتك بل قد يأتي في وسط الليل او آخره دون موعد فيلجأ الراقي الى تحديد مقر بعيد عن بيته طلباً لراحة اهله وجيرانه، فمن هذه الناحية اتمنى ان يكون ذلك مستساغاً خاصة ان ذلك سيكون ايسر على جهات الرقابة والمتابعة على ان تكون في مكان بارز يحدد وقت فتحه واغلاقه، وان كنت شخصياً لا احبذ تخصيص دور للرقية كعيادات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.