ظاهرة سيئة تشمئز منها النفوس وتبغضها وتمقتها وتنفر منها العقول ألا وهي ظاهرة التسول التي بدت في الآونة الأخيرة تظهر على السطح بشكل ملفت للنظر وخصوصاً عند المساجد وفي الأسواق والمحلات التجارية والشوارع والأماكن العامة من النساء والرجال بل وحتى الأطفال الأبرياء.. تلك تغطي يدها تسترا بالدين وتفرش عباءتها وذلك يمد يده لكل مار ويحملق فيه وثالث يلاحقك في الطرقات ويكاد يشق ثوبك ورابع يقف أمام المصلين بعد انتهاء الصلاة ودون أن يستأذن من الامام فيشرح قصته ويخرج أوراقه ويبدأ بصوت متقطع وحجرشة وقد تذرف عيناه دمعا لا يعلم حقيقته إلا الله عز وجل. هذه الظاهرة «أعني التسول» ليست بطيبة ولا تبشر بخير بل تدل على التخلف وقلة الدين والحياء واستغلال الناس المحبين للخير والصدقات. تركوا العمل المباح ولجأوا الى المسألة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:«لو يعلمون ما في المسألة ما مشى أحد الى أحد يسأله» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم» الى غير ذلك من الأحاديث التي تنهى عن المسألة وقد سئل فضيلة الشيخ محمد العثيمين رحمة الله عليه عن التسول فقال:«السؤال من غير حاجة حرام سواء للنساء أو للرجال أو غيرهم.. إلخ كلامه رحمه الله» فالمسألة مع الغنى محرمة ولكن ما نوع الغنى المقصود منه تحريم المسألة، يتبين هذا من خلال قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:«من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها حتى رضف جهنم، قالوا وما ظهر غنى قال عشاء ليلة»، وقال صلى الله عليه وسلم:«من سأل شيئا وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم، قالوا يا رسول الله ما يغنيه، قال ما يغديه أو يعشيه» والأحاديث في هذا الباب كثيرة، واعلم حفظك الله أنه ليس كل متسول محتاج بل ان البعض منهم اتخذها مهنة امتهنها وجند لها كل طاقاته وقدراته وبذل كل ما في وسعه لأجل الاستفادة منها واستغلالها وخصوصاً أيام المواسم كرمضان والحج.. الخ. ولعلي أوجه عدة برقيات: * وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم في النهي عن السؤال:«من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر»، فالسؤال من غير حاجة حرام سواء للنساء أو للرجال أو غيرهم. الوقفة الثانية: أوجهها لادارة مكافحة التسول والشرط والهيئات وإمارات المناطق والمحافظات، بل لكل مسؤول بأن يكثفوا الجهود للقضاء على هذه الظاهرة السيئة. الوقفة الثالثة: أوجهها للجهات المعنية بأن يؤسسوا دارا لمساعدة أمثال هؤلاء «تسمى دار مكافحة التسول» فمن كان منهم غنياً غير محتاج عنده كفايته وقوت يومه بأن يحال للجهات الأمنية ليعاقب ويمنع من السؤال، وأما من كان بحاجة وفقر فيحول للجهات الخيرية كالجمعيات الخيرية ومؤسسة الحرمين وغيرها من مؤسسات الخير وهي منتشرة في معظم أنحاء مملكتنا الحبيبة لمساعدته وكف يده عن السؤال لأن هذه الظاهرة أرى أنها تسيء للدولة والمجتمع. الوقفة الخامسة: أوجهها الى عموم الجمعيات الخيرية وفروع مؤسسة الحرمين وغيرهما من مؤسسات الخير بأن يقفوا مع هؤلاء ويقدموا لهم العون والمساعدة والنصح وذلك بعد التحري والبحث عن حالاتهم الاجتماعية عن طريق لجان متخصصة لدراسة حالاتهم فمن يبت فقرهم وحاجتهم تخصص لهم مساعدات تغنيهم عن المسألة، «والحقيقة أن هذا هو واقع الجمعيات ولكن للتذكير والذكرى تنفع المؤمنين»، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..» الحديث. والحمد لله رب العالمين. محمد فنخور العبدلي المعهد العلمي في القريات/ عضو جمعية البر بالقريات