ومن الكبائر التي يرتكبها هؤلاء - المصلحون المفسدون - اللعن، سواء كان قولاً أو إقراراً، يلعنون من لم يلعنه الله عز وجل ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، يتمنون أن يطردوا من رحمة الله من لم يطرده الله عز وجل، ولم يخبر بطرده منها رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا شك من عمل المفسدين وليس من عمل المصلحين. إنهم يلعنون أناساً بأعينهم، بل بأسمائهم، ولعن الإنسان بعينه من كبائر الذنوب، ولعن المؤمن كقتله والعياذ بالله، ففي الحديث المتفق عليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم (.... ولعن المؤمن كقتله) والمؤمن الصحيح الذي من صفاته الإصلاح لا يكون لعاناً، إنما هو أبعد الناس عن اللعن، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء). ومن المعلوم أنه يجوز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين، هذا ما دلت عليه نصوص كثيرة من الكتاب والسنّة، ولكن المحذور ما يقع به المصلحون المفسدون، وهو لعن معينين معروفين، وقد يكون أحد هؤلاء المعينين، ممكن يكون لعنه أعظم من لعن غيره نظراً لمكانته ولما يترتب على لعنه من مفاسد عظيمة، وأضرار وخيمة، فحري بأدعياء الإصلاح أن يحذروا من هذه الكبيرة التي قد تكون سبباً لطردهم من رحمة الله، ففي الحديث عند أبي داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا لعن شيئاً، صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، لتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمنياً وشمالاً، فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن، فإن كان أهلاً لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها). وروى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً)، وأنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يكون اللعانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة)، فالذي يخالف هذا التوجيه الكريم فيكون لعاناً، ثم لا يكون من الشفعاء ولا من الشهداء يوم القيامة، هل يكون من المصلحين؟