اعتاد المعماري المتشوق لتجديد الفن اضافة خنفشارات وشطحات معمارية وراءها فلسفات مندفعة من الصعب مقاومتها لقوة حجتها ورجاحة منطقها. عندما بدأ المعماريون الرواد اقناع الناس بأن الزجاج يعطي شفافية للمبنى، ويسمح بدخول أشعة الشمس الضرورية التي يحتاجها الانسان، بدأ ينتشر مصطلح ومفهوم المباني الشفافة الذي يهدف لجعل واجهات المبنى كافة زجاجية، سواء كان هذا المبنى في منطقة حارة أو باردة، وسواء كانت تلك الشمس خفيفة أو قاسية.. وللشفافية حدود. جاء بعد هؤلاء المعماريين، معماريون أكثر منطقية وأثبتوا خطأ تبني مثل تلك الأفكار وتأثيرها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية، وهناك مرض يسمى الخوف من المرتفعات، يصاب به سكان المباني الزجاجية المرتفعة.. وهناك طاقة كهربائية كبيرة تهدر.. وسيستمر الجدل في القضايا المعمارية الى ما شاء الله.سبق وان حضرتُ محاضرة في مدينة برلين الألمانية لأحد المعماريين الألمان المشهورين عالميا بترويج أفكار المباني الشفافة، وقد بلغ هذا المعماري مرحلة متقدمة من الشفافية فقرر أن يكون بيته زجاجيا بجدرانه وأرضياته وأسقفه، وسلمت دورات المياه من الشفافية.. وكل معماري حر في حياته وفكره، بشرط ألا يُدخل مهنة العمارة في مشاكل وجدل مع جمعيات ومنظمات حقوق الانسان والحيوان والطيور والأسماك، لأنه وصلت شكاوى ضد بعض المعماريين مصممي ناطحات السحاب الزجاجية من بعض جمعيات حقوق الطيور، ومفاد تلك الشكاوى ان ناطحات السحاب المغلفة بالزجاج تقوم بعكس السماء عندما يكون الجو صحوا فيعتقد الطائر أن واجهات المبنى استمرارية للسماء الصافية، فيأتي ذلك الطائر المسكين «مدرعماً أو فاهياً» ويصطدم بالزجاج، فينكسر أنفه، ويهوي الى الأرض لاقيا حتفه الذي تسبب فيه المعماري الشفاف ومعاونوه المهندسون المخلصون. [email protected]