جعل الله رمضان دواء للنفوس والأرواح ليغذي بذلك قلوب المسلمين وليربي ضمائرهم وإننا لنرجو أن يتجلى الله علينا في هذا الشهر العظيم بأنواره القرآنية وبركاته القدسية. ولقد أمرنا القرآن قائلاً: {وّتّزّوَّدٍوا فّإنَّ خّيًرّ پزَّادٌ پتَّقًوّى" وّاتَّقٍونٌ يّا أٍوًلٌي الأّلًبّابٌ} وقال الحق سبحانه وتعالى: {يّا أّّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا كٍتٌبّ عّلّيًكٍمٍ پصٌَيّامٍ كّمّا كٍتٌبّ عّلّى پَّذٌينّ مٌن قّبًلٌكٍمً لّعّلَّكٍمً تّتَّقٍونّ} ويقول نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم «إذا جاء رمضان فتحت أبواب السماء ونادى مناد بين السماء والأرض أن يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر» فيجب على كل مسلم أن يعالجه الصيام ويهذبه القيام ويؤدبه القرآن فيكون من أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب. نحن أمة الاسلام نعيش هذه الايام موسماً عظيماً للطاعات والعبادات والمكرمات نعم إنه شهر القرآن شهر الصوم والرضوان فقد هل بنفحاته السماوية ولمحاته الاسلامية وتجلياته القدسية ليكون ميدان خير وبركة يستبق في ساحته خيار المسلمين، فمرحباً بك يا رمضان نورا وضياء، واشراقا وصفاء وبركة ونماء مرحبا بك يا رمضان روحاً وريحاناً، وأمناً وإيمانا، ومغفرة من الله ورضوانا، مرحبا بك يا رمضان وحياً وإلهاماً وسلاماً وإسلاماً، وليالي كريمة، وأياماً عظيمة، مرحبا بك، يا رمضان قرآناً وسنة وعلماً وحكمة، وهداية ورشاداً مرحباً بك يا رمضان كرماً وسخاءً، وانفاقاً وعطاءً، وبراً وإحساناً، مرحباً بك يا رمضان، فضلاً ورحمةً وشفقةً ورأفةً، ورفقاً وحناناً، ومرحبا بك يا رمضان كمالاً وجمالاً، وهيمنةً وجلالاً، ومثابرةً واحتمالاً، مرحبا بك يا رمضان طاعةً وعبادةً، وصلوات وتسبيحاً، ومسارعة الى الخيرات والمكرمات، مرحبا بك يا رمضان، صياماً وقياماً، وذكراً واستغفاراً، ودعاءً ورجاءً، مرحبا بك يا رمضان تراحماً وتعاطفاً، وتزاوراً وتآلفاً، وعمراناً للمساجد والمحاريب، مرحبا بك يا رمضان طباً ودواءً وترياقاً وشفاء. ووقاية للنفس من جميع الذنوب والآثام مرحبا بك يا رمضان عفةً ونزاهةً، وعصمةً وطهارةً، وحصناً للجسم من جميع الأمراض والاسقام، مرحبا بك يا رمضان مدرسةً للصبر، ومعهداً للحلم، وجامعة تدرس فيها الفضائل ومكارم الأخلاق، مرحباً بك يا رمضان قاهراً للشيطان، ومذلاً للهوى، وكابحاً للشهوات والرغبات، مرحبا بك يا رمضان، غذاءً للأرواح وبلسماً للجراح، وجلاءً للقلوب والنفوس، مرحباً بك يا رمضان، ربيعاً للمؤمنين ومرتعاً للصالحين، وغنيمة للخاشعين والقانتين، مرحباً بك يا رمضان لِتُعرفَ الإنسان عظم فضل الله عليه، وجميل إحسانه إليه، وكثرة نعمه وأياديه، مرحبا بك يا رمضان لتنبه الانسان من غفلته وتوقظه من رقدته وترجعه الى معقل الفضيلة، وحديقة الدين، مرحباً بك يا رمضان لتبعث المروءة الراكدة وتوقظ الإنسانية الخامدة، وتقوي فيه صوت الضمير. مرحباً بك يا رمضان مهذباً للغرائز، ومروضاً للطباع، وصقالاً للمشاعر والأحاسيس، مرحباً بك يا رمضان لتذكر المسلمين بمجدهم التالد، وعزهم الخالد، وماضيهم المجيد، مرحبا بك يا رمضان مقدمة للفوز في الدنيا، وسبيل النجاة في الآخرة، وموصلاً الى نعيم الجنة، ومعراجاً بعد ذلك كله الى محبة الله وطاعته، مرحبا بك يا رمضان مفتاح السعادة لمن أرادها، وواهب العزة لمن شاءها، ودليل الفلاح لمن أراده وابتغاه، مرحباً بك يا رمضان ضيفاً كريماً على المسلمين، وشهراً من أكرم الشهور على الله {شّهًرٍ رّمّضّانّ الذٌي أٍنزٌلّ فٌيهٌ القٍرًآنٍ هٍدْْى لٌَلنَّاسٌ وّبّيٌَنّاتُ مٌَنّ الهٍدّىوّالًفٍرًقّانٌ فّمّن شّهٌدّ مٌنكٍمٍ پشَّهًرّ فّلًيّصٍمًهٍ وّمّن كّانّ مّرٌيضْا أّّوً عّلّى" سّفّرُ فّعٌدَّةِ مٌَنً أّّيَّامُ أٍخّرّ يٍرٌيدٍ اللَّهٍ بٌكٍمٍ اليسًرّ وّلا يٍرٌيدٍ بٌكٍمٍ العٍسًرّ وّلٌتٍكًمٌلٍوا العٌدَّةّ وّلٌتٍكّبٌَرٍوا اللَّهّ عّلّى" مّا هّدّاكٍمً وّلّعّلَّكٍمً تّشًكٍرٍونّ}. فليت المسلمين يستقبلونه كما يجب، أو ينفذون تعاليمه كما ينبغي، أول يمنحونه حقه من التعظيم والتكريم، ليتهم يعلمون أن رمضان أول شهر التقت فيه السماء بالأرض والملائكة بالأنبياء، والرسالة بالناس، ليتهم يعلمون ان الله يتجلى فيه على عباده بفضله وكرمه، ويغمرهم فيه بآلائه ونعمه، ويشملهم فيه بما شاء من النفحات والبركات. ليتهم يعلمون انه شهر تصنع فيه القلوب وتبنى فيه الضمائر، وتربى فيه العزائم والنفوس، ليتهم يقلعون فيه عن أهوائهم وشهواتهم ويرجعون عن غيهم وضلالهم، ويبعدون فيه عن كل منكر وقبيح، ليت العصاة يطرقون فيه باب التوبة والإنابة، أو يحملون شعار الخوف والخشية، أو يمدون أيديهم الى الله فيه، ويسألونه الصفح والغفران ليتهم يصححون فيه أخطاءهم ويكملون فيه نقصهم ويتجملون فيه بكل جميل ومعروف، ليتهم يعالجون فيه قلوبهم من أمراضها، ويداوون فيه نفوسهم من عللها ويبرئون فيه ساحاتهم من كل النقائص والعيوب ليتهم يملؤون فيه قلوبهم بمحبة الله وعظمته، ويفعمون صدورهم بجلاله وهيبته، ويتفانون في طلب رحمته ورضاه، ليتهم يحيون فيه ما مات من كتاب الله وسنته في نفوسهم، ويتذكرون فيه ما نسوه من دينه وشريعته، ويجددون فيه مع الله مارث من العهود والمواثيق، إذن والله لشادوا، وسادوا، وتقدموا وحلموا، وانتصروا وسيطروا وتم لهم كل ما يتمنون من عزة وسلطان. {يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا إن تّنصٍرٍوا پلَّهّ يّنصٍرًكٍمً $ّيٍثّبٌَتً أّقًدّامّكٍمً } فيا أخي الصائم هذا هو رمضان شهر خير وبركة يغشانا الله فيه فينزل الخيرات ويصب البركات ويحط الخطايا ويضاعف الحسنات ويكفر فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات ويستجيب فيه الدعوات. يقول الله سبحانه وتعالى في حديث قدسي على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به والصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق. وإن سابه أحد أو قاتله فليقل أني صائم، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه». وقال الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان وأول يوم من رمضان فقال: «أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيام نهاره فريضةً وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة في غيره، ومن أدى فيه فريضة، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان ذلك كفارة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا. وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار من خفف عن مملوكه فيه كان كفارة لذنوبه، فاستثكروا فيه من أربع خصال خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غناء بكم عنهما فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الله الجنة وتستعيذون به من النار، ومن سقى فيه صائماً شربة ماء سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخله الجنة».