وفي رمضان استضيم المسلمون في قتل ابن عم رسول الله أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي كرّم الله وجهه غيلة بالكوفة قتله عبدالرحمن بن ملجم المرادي حين دخل المسجد وله ثلاث وستون سنة وقد ولي الخلافة يوم قتل، عثمان رضي الله عنه بالمدينة فرحل الى الكوفة فاستقر بها وتأخر عن بيعته قوم من الصحابة، ولا شك في إمامته، وأمه فاطمة بنت أسد المهاجرة التي اضطجع رسول الله في قبرها قبل دفنها وقال انها أمي بعد أمي. وقد قتل أهل النهروان من الخوارج ونعم الفتح قد بشر به رسول الله وقال له انك تقاتل قوماً يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وقال أيضا: أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين من يضربك يا علي فيخضب هذه في هذه. وكان ابن ملجم ووردان وشبيب الأشجعي اشتملوا على سيوفهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي رضي الله عنه، فلما خرج وقال الصلاة الصلاة ثار عليه شبيب فضربه فوقع في الطاق فضربه ابن ملجم على قرنه فسال دمه، على لحيته ونادى رضي الله عنه: عليكم به وهرب وردان فأدركه رجل حضرمي فقتله ونجا شبيب ومسك ابن ملجم الذي أراد ثأر أهل النهروان في قتله وصلى بالناس جعدة بن هبيرة وحمل علي الى منزله وحمل إليه عبدالرحمن بن ملجم فأوقف بين يديه وهو مكتوف، فقال أي عدو الله ألم أحسن إليه؟ قال بلى، قال فما حملك على ما فعلت. قال: شحذته أربعين يوماً وأردت ان أقتل أشقى خلق الله، فقال علي بن أبي طالب؟ ما أراك الا مقتولاً به ولا أراك إلا شر خلق الله، ثم قال: ان مت فاقتلوه وان عشت فأنا أعلم بما أصنع، ثم جعل يكثر من التهليل وكان آخر ما تكلم به هو قوله تعالى: {)فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)(7) (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (8)}. وقد أوصى ولديه وغسلاه مع عبدالله بن جعفر وصلى عليه الحسن بتسع تكبيرات وفي الرد على عمران بن حطان جاء: يا ضربة من شقى ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش كفرانا رضي الله عن الإمام الشهيد، نختم به هذه العجالة المقتضبة لأن أحداث رمضان كثيرة وإنما أتينا بعيونها إسهامه لئلا يذهب القول ضرباً في هباء ولم يكن المقصود إسهاباً واستقصاء.