* س: - ذكرتم فيما سبق أن القتل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: العمد، وشبه العمد، والخطأ، فهل القسامة تدخل في نوع من هذه الأنواع، وتعلمون أن المتهم مجرد تهمة قد يُدان بسبب ضعفه الشخصي أو خوفه أثناء التحقيق فهل القسامة لها أصل شرعي..؟ محمد محمد سيد مصطفى / مصر/ القاهرة * ج: - كنتُ قد تناولتُ هذا الموضوع في مناسبة علمية أنقل لك ما يهم السؤال لعله يفي بالغرض حسب جهدي قلت هناك: والمتهم فيما سنتحدث عنه هنا قاب قوسين او أدنى من الموت المحقق الذي لا شك فيه والموت بالقتل ضربا بالسيف أو ما يحل محله من ضروب القتل في هذه الحياة تكرهه النفس وتولي عنه دبراً والمتهم إزاء هذا لا محيد له من النجاة أو لا محيد له من الموت. ولو لم يحصل القتل بسبب تحقق التهمة فهو غير ناج من سوء الحساب، والشرع قد برأ المسلم من دم المسلم ،كما برأ الإنسان بالأصل الأول من دم الإنسان سواء بسواء وجعل الشرع ناظر القضية سداً حاجزا امام المدعي او امام المدعين حتى لا يقتل رجل بدعوى رجل أو بدعوى رجال، والقاضي في هذه الحال حال الدم وإزهاق روح معصوم أمامه البينة ليس غيرها ولا محيد عنها فيحكم ناظر القضية بنفسه أو مع غيره حسب البينة أو حسب البينات لا يقبل سوى ذلك، وحال الدم ليس امرها كأي حال تحصل بين الناس فيكون الحكم ثم التنفيذ ثم صمت الأبد بل وراء هذا ما وراءه من الهم والضيق في حال ثبوت الدم فكيف والحال تهمة تقوى أو تضعف وسؤال نورده يكفي إيراده عن كل سؤال في مثل هذا المقام، إذا وجد قتيل فكيف تكون الحال ولم يعلم قاتله وسواء وجد اللوث أو لم يوجد، فما موقف القاضي ناظر هذه القضية وكيف يعمل في دم جهل صاحبه المتسبب له بل كيف تكون الحال إذا جاءت التهمة، تقول الفاعل فلان أو فلانة، وجاء الأولياء ينشدون القصاص هنا جاء الإسلام بشيء قاطع لكل ريبة وراد لكل تهمة بل جاء مثبتا ما كان موجودا قبل البعثة جاء بالقسامة، ولا كلام أورد في هذا المقام فحوى ما جاء في صحيح مسلم قال: ورد عن رجل من الأنصار - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية قال: «وقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود». والقسامة: بفتح القاف وتخفيف المهملة مصدر أقسم قسماً وقسامة وهي الايمان على أولياء القتيل إذا ادعوا الدم أو على المدعى عليهم قال إمام الحرمين: القسامة عند أهل اللغة اسم للقوم الذين يقسمون، وعند الفقهاء اسم للأيمان وفي الضياء القسامة الإيمان تقسم على خمسين رجلا من أهل البلد أو القرية يوجد فيها قتيل لا يعلم قاتله ولا يدعي أولياؤه قتله على أحد بعينه، والأصل في القسامة وأن المتهم بسبب الدم لا يؤخذ به إلا ببينة كالشمس ما جاء عن سهل بن أبي حتمة - رضي الله عنه - عن رجال من كبراء قومه أن عبدالله بن سهل ومحيصة بن مسعود خرجا الى خيبر من جهد أصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبدالله بن سهل قد قتل وطرح في عين، فأتى يهود فقال أنتم والله قتلتموه قالوا ما قتلناه فأقبل هو أخوه حويصة وعبدالرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلم فقال رسول الله صلى الله كبر كبر يريد السن فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إما أن يدوا صاحبكم واما أن يأذنوا بحرب» فكتب إليهم في ذلك. فكتبوا إنا والله ما قتلناه، فقال لحويصة ومحيصة وعبدالرحمن بن سهل أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟. قالوا لا قال: فتحلف لكم يهود!؟ قالوا ليسوا بمسلمين فوداه النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث اليهم مئة ناقة قال سهل: «فلقد ركضتني منها ناقة حمراء» متفق عليه. لا أقصد من وراء إيراد القسامة في هذه الدراسة العلمية الشرعية الخاصة البحث الفقهي أو الدراسة الشرعية وبيان الأبواب والفصول، إنما أوردت هذا كله ليكون قاعدة عملية أسير عليها في بحث براءة ذمة المتهم بجهالة الدم بعد مروري فيما سبق على نقاط مهمة في أحوال البراءات الثابتة حسب البيان السالف ذكره ودلالة الشرع والفطرة والواقع على ما نقوله وقلناه، ولأن الدم مهم لكثرة حصوله أو ندرته فإني هنا أثبت هذه النقطة لتذكير وعظة كل من له يد من قريب أو بعيد أن يجعل بينه وبين غضب الله وقاية بالعدل والصدق، صدق النظر وصدق الحكم وصدق الحكم وصدق الوقوف حتى يكون الأمر واضحا كالشمس لا تشكل على العيون ولأنه عظيم فنظره والحكم فيه ومدارسته والجلوس له مهم، وقد استخرت الله في كتابة هذا المدون من هذه الدراسة العلمية الشرعية فوجدت انفتاحاً عظيما ودفعا لي يدفعني إلى بحثه وتقديمه للناس من له حق الحكم والنظر في الحقوق والاعراض والدماء ومن له يد في ذلك ولو مجرد كلمة تؤخذ لتضاف إلى سجل القضية في الحكم في القتل أو القصاص. وها أنذا أفصل القول في الدم تفصيلا مختصرا نظرت من أجله مطولات الحديث والفقه والأصول وعلم النفس وكتب الجريمة في الأرض ومن خلال نظري وما عرض علي من احوال شخصية فصلت فيها في البيت أو في المسجد وبداية تفصيلي قولي: أولاً: إذا وجد قتيل في البر أو في بيت أو في الحضر أو في مزرعة فادعى أولياؤه ان قتلته معروفون لكن لا موجب للتهمة أبداً فلا عداوة ولا وجود للبينة الموقفة فكيف يكون موقف الحاكم أو موقف من وكل إليه النظر والتحقيق في مثل هذا؟ أقول لا جرم فالمسألة عظيمة على هذا النحو المطروح في السؤال وعليه يكون الجواب مفضلاً على هذا الطريق. الأول: إذا وجد قتيل في مكان فزعم الأولياء أن القاتل رجل بعينه لكن لا موجب للتهمة حيث لا عداوة ولا بينة تؤخذ على المتهم بالدم هنا قال قوم منهم الشافعي ومالك وابن المنذر يقبل قول المتهم وتبرأ ذمته وقال بعض الأحناف كلا بل إذا كانت التهمة موجهة ضد أهل حي بعينه فيقسم منهم خمسون رجلا مدركاً أنهم ما قتلوا ولا علموا بشيء مما حصل وتجب الدية هنا لفعل عمر رضي الله عنه. الثاني: هناك عداوة أبدا فقال بعض الحنابلة يخلى سبيل المتهم للبراءة الأصلية. وقال آخرون منهم الشافعي يحلف المتهم بالقتل وهو مذهب بعض الشافعية وهو الذي يترجح لدي جداً لحديث «اليمين على المدعى عليه». ثانيا: إذا وجد القتيل في وضع قرية أو حي أو مزارع أو مرعى وكان هناك عداوة وشحناء فادعى أولياء المقتول أن قتله حصل من واحد من أهل هذه القرية أو هذا الحي إلخ. فقال قوم يقسم الأولياء خمسين يميناً وينالون بهذا دم المتهم من هؤلاء بعض الحنابلة على اختلاف بينهم في معنى اللوث عندهم، وللشافعي مذهب آخر في هذا لعله الصواب لقرب ما ذهب إليه إلى المعنى الواقع لمفهوم اللوث أقول بعد هذا فيما يخص ما قلت عنه: أولا، وما تفرع عنه. الأول. الثاني. ناظر القضية هنا أمام تهمة قتل وقد يكذبه أحد الأولياء بأن ينفي أن فلانا قتله أو قال: الذي قتله ليس هذه الحال والقاضي هنا أمام شبهة دارئة للحد، فلا تثبت القسامة على هذا قلت، وهذا بخلاف ما لو كان أحد الأولياء غائباً فتثبت القسامة عند حضوره وإقراره. ثانياً: إذا ثبتت القسامة وحصلت لكن تراجع ولي المقتول فقال أو قال لناظر القضية تجنيت على المدعى عليه، فإذا حصل هذا بطلت القسامة لبطلان موجبها ولازم الحاكم قبول هذا لأن ولي الدم مقر على نفسه فكان إقراره عليها مقبولا ولا يغير هذا من الحقيقة شيئاً. ثالثا: إذا كان بين القتيل وبين القاتل عداوة حسب دعوى الأولياء فقط فهنا تكون اليمين في حق المدعين أولا فيحلفون خمسين يميناً على المتهم بالدم أنه القاتل فإن رفضوا الحلف بعد مطالبة القاضي إياهم أن يحلفوا فيعمد ناظر القضية ويحلف المتهم بالدم خمسين يمينا، ويبرأ بهذا قلت والعداوة هنا دعوى قال بها على التهم أولياء الدم قلت الحلف أولا في حق الأولياء لأنهم في مقام المدعى عليه بالتهمة فهم ألصقوا الدم ببريء لا بينة أصلاً على ما يدعون. لهذا لا يخالف ما ذكرناه ما رواه مسلم من حديث. «ولكن اليمين على المدعى عليه». رابعا: المتهم حال التهمة بريء لكنه بسبب الاتهام الحاصل محط نظر حتى يدان وليس كونه محط نظر من باب التعذيب بل ذلك من باب حفظ الحقوق بحفظ موجباتها وأسبابها، قلت والمتهم بريء، لكن إذا لم يحلف أولياء الدم ولم يرضوا يمين المتهم لسبب من الأسباب فهنا فإن القاضي يبرئا المتهم بما تقرر بعدم ثبوت الدم اصلاً ونتيجة لهذه المقدمة فإن ولي أمر المسلمين يدفع الفداء من بيت المال وذلك لما ثبت من قصة عبدالله بن سهل - رضي الله عنه - حينما قتل بخيبر واتهمت اليهود به فإن أولياءه لم يحلفوا كذلك، ولم يقبلوا أيمان اليهود وعللوا هذا بأن اليهود ليسوا بمسلمين، فوداه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده، وهذه سنة متبعة لكن إذا لم يحصل الفداء من بيت المال لتعذر ذلك فكيف يكون الموقف المتهم امام القضاء قلت هذا يهون فإن المتهم لا يلحقه شيء وعليه اليمين أقول لأن الدم لم يثبت فلا يوجبه تعذر الفداء اصلا. خامسا: إذا كان المقتول كافرا فكيف يكون موقف الحاكم هل ينظر نظرة الدليل العام بالأخذ العام كذلك أو ينظر نظرة التقليد مع وجود الكلام المدون والخلاف. أو أنه يجتهد ما دام الأمر محل اجتهاد ونحن لا نجعل الاجتهاد مقصوراً إذا كان من ينظر ويحكم قد منحه الله الوقت والدراية الفطرية ومعرفة مواطن النص ووجود الاخوان ممن له باع ونظر وتجربة مكينة، الحق هنا ان الوقت الحاضر عطل المرء نفسه عن الاجتهاد ولو كان اجتهاداً لا يعد في معيار الاجتهاد المراد لكن الإنسان عطل عقله أو هو في الطريق الى ذلك لكن الأمل في الله قوي. فالمقصود من هذا كله أنه يلزم البحث والنظر في الحالات هذه وما ماثلها ونحن في مسألتنا هذه بالذات نريد ان نقف على أمر القاضي وعلمه إذا كان المقتول كافراً فكيف تكون الحال، لا ريب أن هذا مما وقع فيه الخلاف بين عامة العلماء وقد تركت النوم اسبوعاً كاملا إلا غفوة قليلة قبل الأذان الثاني مع القيلولة كل هذا من أجل نظر هذه المسألة، وأدلتها والأقوال فيها وما ورد من تعليل ونظر عقلي فإني قد نظرت كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلية وآراء الرجال المتفرقة من المنقول عنهم في المطولات وملخص ما أذهب إليه واجتهدت فيه: أن قتل التهمة من مسلم يتهم بقتل كافر فيه القسامة لامرين: الأول: سد للذريعة. الثاني: القتل وإن كان حصل في حال كفر فهو قتل آدمي يوجب كفارة القتل فكانت القسامة على هذا. وكون هذا القتل لا يوجب القصاص ليس معناه انتفاء القسامة وسد الذريعة قاعدة عظيمة موجبة للنظر السديد في مثل هذا الزمن خاصة، وحال المتهم في مجلس القضاء سواء كان مسلماً أو غير مسلم يلزم به جريان ما قضى به الشرع بالدليل الصحيح وناظر القضية عليه مقول الحكم بعد الاستخبار والبحث والاستقصاء وإن طال الوقت. سادساً: إذا جرح إنسان إنساناً آخر وكان هذا الجرح موجبا لموت الثاني فقال قبل موته: الذي أصابني فلان فكيف تكون حال المتهم في مجلس القضاء الحق أن مثل هذه الحال ترد في النازعات العامة بين الناس في البادية وبعض الحاضرة وهي حال تحتاج الى سعة البال وعمق الإدراك وبعد النظر العقلي سواء كان ناظر القضية واحدا أو كثر فإن مرد فقه الحوادث ووعيها إلى الفطنة والاستنتاج والانقداح والعقل السليم المدرك بالتجربة والتقوى مما يحصل بين الناس. هذه الحال التي اطرحها لاشك ان قول المجروح قبل موته يجعل المعين موضع التهمة لكن هل يدان بمجرد القول يؤخذ بتلفظ المتوفى قبل وفاته بسبب هذا الجرح البالغ. الذي أعلمه أن هذه الحال لا يؤخذ فيها قول المجروح لعدة أمور: الأول: قول المتوفى قبل وفاته أو موته جرحني فلان وهو سبب موتي هذه دعوى قد يكون باعثها العداوة مع إمكان حصول ما حصل من غير المتهم ولم لا؟ الثاني: ما ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم» وإن كان لفظ الحديث يدل على الدعوى من رجال أصحاء فإن هذه الحال تدخل ضمن مراد هذا النص فلا قسامة هنا، وإن حصل اللوث لعموم ما تقدم ولا أدري بما استدل مالك على مذهبه في هذا. الثالث: لم أقف على دليل خاص في هذه المسألة أن المجروح يؤخذ بقوله فيكون الأصل على هذا عدم المؤاخذة. أ ه. فالصبر وعدم المؤاخذة بالظاهر الداعي الى الشك هو محط القول في هذا ولا تأتي السوابق دليلاً مساندا بل هي قرينة لا يؤخذها بها المتهم، لكنها تبقى عنوان ربط السبب بالنتيجة نحوه، فيما اتهم فيه ولعلها أعني السوابق دليل قوي على حصول التهمة لكنها ونكرر ليست ولا عشرمعشار ما يجب به المؤاخذة أصلا لرد السوابق بالأصل والنصوص الواردة والحاكم تجاه السوابق ليس إلا صير في ذهب يميز تمييز حق وعدل. والحاكم ناظر القضية أمام التهمة الأخرى التي قلت فيها: إذا وجد القتيل في مكان ووجدت العداوة الشحناء ماذا يكون موقفه لا جرم فهذه المسألة، تخالف المسألة قبلها فهناك لا وجود للعداوة ولا للشحناء، وهنا وجد ذلك وهو سبب ولا ريب يجعل التهمة قوية لكنها غير ثابتة بالنص المقرر الصحيح، والعداوة معلوم أمرها إذا كانت حاصلة كعداوة القبيلة لقبيلة أخرى وكعداوة ما بين أشخاص بسبب دين أو زواج فشل الزوجان فيه بسبب الأهل. وكما حصل من العداوة بين المسلمين واليهود والمسلمين والمشركين والمسلمين والمنافقين الظاهر امرهم، وقس على هذا مثله وكن فطناً. ولما كانت هذه النقطة مهمة وذات عمق تصوري لها ولأسبابها ونتائجها رأيت الطرح على أساس التفصيل المختصر فأقول: أولاً: إذا لم يتفق أولياء المقتول على دعوى حقيقة القتل وذلك بأن يرجع بعضهم عما قاله أو أن يكذب بعضهم بعضا في مجلس القضاء مشافهة أو تحريراً كأن يقول أحدهم قتله: فلان ويعرفه ويدل عليه أو لا يدل عليه إنما يعرفه باسمه المعروف به ثم حصل ولا محيد له عن النظر في هذه الواقعة فكيف تكون حال القاضي لا شك أن تصدر الحكم هو الدليل والمتهم ليس إلا متهماً وكفى، وهذا يعني في التحليل الأخير أنه مبرأ غير مدانٍ والقاضي هنا عليه الأخذ بالآتي: أولاً: طول الصبر وسعة البال. ثانياً: سؤال الله العون والهداية إلى الحق وتكرار هذا على كل حال. ثالثا: تهيئة الجو الكريم للمتهم حال التهمة وربط قلبه بالعدل معه وإحساسه أنه متهم لكي يستحضر ما يقول. رابعا: المشاورة وطلب الرأي والاستقصاء. خامسا: استعمال العقل في طلب الحق بدليله. وحال المتهم أمام الحاكم بمفرده ناظراً للقضية أو كان معه غيره لإكمال نصاب الحكم قصاصا أو حداً ولا محيد في هذا أبداً عن أمرين: الأول: براءة الذمة بالشبهة ليست بشيء على ما بيناه سلفا دون مصاحبة القرينة. الثاني: رد دعوى المدعين فلا حقيقة لها بما حررناه من البراءة الأصلية ولورود الآتي من النصوص: 1 لو أعطي الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه). 2 البينة على المدعي واليمين على من أنكر). 3 «سن النبي صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه». قلت وقول: عمر السالف بيانه إن صح فهو محمول على أن القوم اعترفوا بالقتل خطأ وقد أنكروا أنهم تعمدوا فحلفهم عمر - رضي الله عنه - وحال المدعي أو المدعين أنهم دائما يريدون الحق أن يكون بجانبهم، هكذا فهم يطالبون ويكررون، فيلاحظ الحاكم هذا فقد يغلب على الظن صدقهم وقد يغلب على الظن أيضا قربهم من الحق فيما يدعون بسبب هذا، أو بسبب البلاغة المقولة أو المكتوبة، وقد يكون المتهم ضعيفا فلا ناصر له ولا ولي فتتكالب الأمور هكذا ضده ولو لم يحكم بقتله لعدم وجود البينة فإنه في حال مثل هذه الحال قد لا يسلم من طول الانتظار، وهو هنا يعيش العذاب فالبت القاطع مطلوب من الحاكم عمله إما للمتهم أو عليه، وكنت قد ذكرت سلفا أن القضاء من لازم الفلاح فيه الدهاء وقوة الشخصية وقد نظرت سير الأولين فوجدت الأقوياء غالباً ما يكونون ممن منحوا البصيرة وقطع الأمور بشجاعة وعزيمة والقصد من هذا العدل.