** مشروع تطوير مجمع الفقه الإسلامي الذي تقدمت به المملكة إلى مؤتمر القمةالإسلامي الأخير في ماليزيا.. أسعد كل مسلم.. ذلك أن الأمة الإسلامية.. أحوج ما تكون اليوم إلى العلم الشرعي الصحيح.. النابع من مصادر علمية عميقة وموثوقة.. تملك قدرة وخبرة ومصداقية. ** الاقتراح السعودي.. جاء في وقته.. وجاء ليعكس تحسس الدولة الإسلامية الكبرى «المملكة» لجراحات الأمة.. ومحاولة تقديم وصفات ملائمة لهذه الأوجاع. ** إن مشكلة المسلمين اليوم.. هي كما شخصها سمو ولي العهد أمام القمة الإسلامية في كوالالمبور.. وكما شخصها سموه أيضاً.. في كلمات لاحقة في ماليزيا وباكستان.. كلمات وضعت النقاط على الحروف.. وشخَّصت داء الأمة كما هو اليوم.. حيث أكد سموه مع النواب الباكستانيين.. أن المسلم الحق.. هو الذي لا يعرف الكهوف المظلمة.. ولا التجني.. بل هو الذي دوماً في مقدمة الصفوف.. يعمل ويعمل.. من أجل رفعة الإسلام ورفعة أمته الإسلامية.. ** وتطوير فعاليات وأداء ومهام مجمع الفقه الإسلامي.. هو مطلب إسلامي شعبي.. هو مطلب مليار ونصف المليار مسلم يبحثون اليوم عن الفتوى الشرعية الصحيحة الصادقة الأمينة. يبحثون اليوم عن العلم الشرعي من مصدره الحقيقي المأمون. ** وهذا أيضاً.. ما أشار إليه سمو ولي العهد حفظه الله عندما طالب القمة الإسلامية قائلاً: «انني أرى أن الأزمة التي تمر بها أمتنا الإسلامية.. تكمن في خلل فكري وخلل اقتصادي وخلل سياسي». ** ثم شخص سموه.. الخلل الفكري قائلاً: «إن الخلل الفكري نابع من الغلو وما يؤدي إليه الغلو من تطرف وما يقود إليه التطرف من ارهاب.. فدين الله بريء من الكراهية.. بريء من الإرهاب.. انه دين الرفق والرحمة والتسامح.. ويجب ألا نسمح لشرذمة قليلة منحرفة من الإرهابيين.. بالإساءة إلى الإسلام وتشويه صورة المسلمين». ** هكذا كان التشخيص الصحيح لمأساة الأمة اليوم.. وكان العلاج الفاعل.. هو إعادة بناء مجمع الفقه الإسلامي مجدداً.. وإعادة هيكلته ومنحه صلاحيات ودوراً أوسع.. ودعمه بالشكل الذي يجعله يقوم بدوره على أكمل وجه. ** اننا لا يمكن أن ننكر أبداً.. ذلك الدور الكبير الذي قدمه مجمع الفقه الإسلامي عبر مسيرته الطويلة.. فهو اليوم.. يرتكز على سجل حافل بالعطاء العلمي الشرعي في قضايا مختلفة «اجتماعية.. سياسية.. اقتصادية شاملة» قال فيها مجمع الفقه الإسلامي كلمة الفصل.. وقدَّم للأمة الرأي الشرعي الموثوق. ** المجمع.. مؤهل لقيادة الأمة علمياً.. ذلك أنه يضم نخبة من أبرز علماء الأمة الإسلامية وأكثرهم تأهيلاً وكفاءة وخبرة وقدرة.. وقد قدَّم بالفعل عملاً يستحق التقدير خلال مسيرته الطويلة.. وكانت نتائج اجتماعاته ومقرراته مرجعاً شرعياً لكل مسلم.. سواء على الصعيد الشخصي «كفرد» أو على صعيد المؤسسات والدول نفسها. ** اليوم.. مجمع الفقه تنتظره خطوة تطويرية كبرى.. وراءها حوالي ستين دولة إسلامية كلها آمنت بهذا الدور وقررت مجتمعة تطوير أداء المجمع.. وجعله يضطلع بدور أكبر وأشمل.. ويضع كل قضايا الأمة على طاولة مداولة يقول فيها الكلمة الشرعية النهائية. ** ثم إن تطوير مجمع الفقه الإسلامي.. لن يقتصر على اصدار الفتوى في النوازل والمستجدات فقط.. بل سيشكل وحدة إسلامية واتحاداً إسلامياً جديداً على صعيد العلم الشرعي.. ليتفق المسلمون مجدداً في كل قضاياهم ونوازلهم.. وليكن ذلك شكلاً من أشكال الوحدة التي طال انتظارها. ** لقد عانى المسلمون اليوم.. أشد المعاناة من تضارب الفتوى وخلاف «المفتين» شرقاً وغرباً.. وظهور من تسمَّى بالفتيا والإفتاء وهو جاهل أو حاقد ومغرض.. أو هو محرم مثل أولئك الذين أفتوا بالقتل والعنف والإرهاب وذبح المسلمين وسائر البشر. ** ثم إن الاقليات المسلمة.. التي تعيش في العالم وتنتشر في كل مكان.. هي الأخرى تعاني من اضطراب في الفهم الشرعي.. وتحتاج إلى ضبط وتوحيد مصدر الفتوى.. لتكون كل قضاياها صحيحة سليمة منضبطة بالعلم الشرعي. ** ولو أن الأقليات المسلمة حصلت على العلم الشرعي الصحيح من مصدر صحيح.. لما آلت أمورها إلى ما وصلت إليه من مشاكل وصدامات وخلافات وعنف في بعض الدول. ** تطوير مجمع الفقه الإسلامي.. مطلب إسلامي ملح.. تحتضنه المملكة اليوم وتسانده.. ويقف وراءها كل مسلم.