ما كنت أعرف لوعة الفاجعة بموت الأصحاب والأحباب والزملاء حتى تجرعت مرارتها عبر قراءتي الخبر يوم السبت الموافق 1/8/1424ه بموت الشيخ فالح بن عبدالعزيز السعدون طيب الله ثراه فلقد عرفته في المعاهد العلمية طالباً نجيباً وفي كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية شاباً ملتزماً بدين الله، طلق الوجه، متهلل القسمات، ألفته دائماً هاشاً باشاً يسع حلمه جميع الناس. لقد عمل المرحوم في حقل التدريس وفي التوجيه التربوي ورئاسة قسم التربية الإسلامية بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض. لقد كان خلال عمله التربوي قريباً من المعلمين عطوفاً عليهم يحب لهم الخير متواضعاً لهم سمحا معهم وكان رحمه الله يمنحهم من قلبه ووجدانه وصدق نيته وحسن نواياه مما يجعلهم يحترمونه ويقدرونه ويعلون من شأنه. كان نظيفاً نزيهاً في عمله لا ينافق ولا يجامل ولا يتهرب من المسئولية. آتذكر هذه المواقف معه يوم أن كنا طلبة وقد أصدرنا صحيفة حائطية وقد اختلفنا فيمن يقوم برئاسة تحريرها واشتد النزاع حتى وصل الأمر التشابك بالايدي فكان - رحمه الله - له موقف كريم في حل الإشكال الذي وقع بيننا ورضينا بحكمه واقتداره من معالجة المشكلة بالحكمة والرأي السديد والقول الصائب. كما أنني قد شاركت معه في لجان اختبارات الثانوية العامة بقسميها الأدبي والعلمي في ثانوية اليمامة بالرياض. وكان أكثر الطلبة من علية القوم ويرغبون الغش في الاختبار فما كان منه رحمه الله أن شد أزر الملاحظين والمراقبين وضبط سير الاختبار مما جعل الطلبة يتذمرون من موقفه وقوة شخصيته وضبطه سير الاختبار مما جعل لجان التفتيش من الوزارة تشهد له بالجدارة في العمل وفي قدرته في ضبط سير الاختبار وأيضاً: قوة شخصيته في توجيهاته التربوية عندما يزور المدارس وتخوف المدرسين منه فهو يقول: للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت وكان أسلوبه في العمل: العدل والصدق في تحمل المسئولية وكان يعتبر في إدارة التعليم رجل المهمات الصعبة فما من مشكلة معقدة تقع في المدارس إلا وتحال إليه ويعطيها حكماً دقيقاً يرضي الأطراف المتنازعة. إن الطيبة التي عاشها المرحوم الشيخ فالح السعدون والنزاهة التي حققها إنما هي نتاج إيمان قوي بالله سبحانه وتربية رائعة جعلت من غايتها محبة الناس والدعاء له. ولا يسعني والموقف مؤلم وحزين ومؤثر إلا أن أدعو الله سبحانه بأن يغفر للفقيد الغالي وأن ينور قبره ويضاعف أجره بمنه وكرمه وأن يمطر عليه من سحائب رحمته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان والحمد لله رب العالمين.