يا أخي والأخ العزيز علينا، ان نفسي تأبى أن توجه إليك اتهاما بالنقص، فكيف هان عليك أن تصم صديقك بأنه لا إرادة له ولا قدرة؟.. كيف تهمش صاحبك وأنت تشهد له بالإرادة والإباء والعزم؟.. ذلك أنك غاضب، وتريد أن أكون كبش فداء، ربما لترضي نفسك بعوض حتى لو كان خياليا؟.. أهكذا يهين الصديق صديقه بلا جريرة وانما سوء ظن أو اختلال تقدير وحسابات، سامحك الله وقديماً قالوا: يا ويلك من زلة عاقل!؟ * إن الأخوين الكريمين الدكتور عبد الله الغذامي، والدكتور سعيد السريحي، أكبر من أن يسخرا أمثالي ليؤدي ما يريدان، لأن لكل منهما مركزه الأدبي السامق والقدرة على انتاج أدب ذي قيمة، أدب إنشاء، وأدب وصف، وأنا أكبر الرجلين، وقد عرفتهما وخبرتهما، فهما ذوا نفوس كبار، ولن يهبطا الى الدرك الذي رميتهما به.. ذلك أننا نريد ألا يكون نادينا في مؤخرة الركب، حين نجاري حركات التجديد السائرة، لئلا نتخلف حين نجمد ونعطل قدراتنا، فيحسب علينا ركودنا وتقاعسنا، وكل ذلك نأباه، لأنا ننشد الارتقاء بدافع قلق في نفوسنا.. وصدق الله العظيم القائل: {وّلا تّقًفٍ مّا لّيًسّ لّكّ بٌهٌ عٌلًمِ إنَّ السَّمًعّ وّالًبّصّرّ وّالًفٍؤّادّ كٍلٍَ أٍوًلّئٌكّ كّانّ عّنًهٍ مّسًئٍولاْ} . * إن الذي يتعبك، وربما يشقيك يا صاحبي، حساسيتك المفرطة، وهي سبب عنائك.. وأزجي إليك رأي أخ مخلص، ان شعرك الوجداني إذا كان ذا قيمة، فإنه باق، ذلك أن الشعر الحي والحق لا يمحوه الزمن، ألا ترى قول المتنبي: ذَّل من يحسد الذليل بعيش رب عيش أخف منه الحمام وقوله: لئن تركنا ضميرا عن ميامننا ليحدثن بمن ودعتهم ندم وقوله: من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميّت إيلام وقوله: إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون همُ وقوله: وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظلم وقوله: ومراد النفوس أصغر من أن نستعادى فيه وان نتفانى غير ان الفتى يلاقي المنايا كالحات ولا يلاقي الهوانا وإذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تكون جبانا وقوله: لك يا منازل في القلوب منا زل أقفرت انت وهن منك أواهل وقول أبي العلاء المعري: خفف الوطء ما أظن أديم ال أرض إلا من هذه الأجساد وقبيح بنا وان قدم العه د وهوان الآباء والأجداد سر ان استطعت في الفضاء رويدا لا اختيالاً على رفاة العباد ودفين على بقايا دفين في طويل الأزمان والآماد تعب كلها الحياة فما أع جب إلا من راغب في ازدياد وقول ابي تمام: فقسا ليزدجروا ومن لك حازماً فليقس أحياناً وحيناً يرحم وقول أحمد شوقي: صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوّم النفس بالأخلاق تستقم والنفس من خيرها في خير عافية والنفس من شرها في مرتع وخم وقول العقاد: عداتي وصحبي لا اختلاف عليهما سيعهدني كل كما كان يعهد