مازلت أذكر في أيام الدراسة الأولى زميل لنا متميز «بالعبقرية»، وعلى القدرة الكبيرة في حل المسائل الحسابية المعقدة التي كانت صعبة على بقية التلاميذ، ورغم كل تلك النجابة فقد وجد «الكسالى» من التلاميذ «خصلة» لدى هذا التلميذ «العبقري»، وهي كثرة «هرشه» وحكه لجلده، فاتخذوا منه اسما خاصا به! وعلى العموم فإن الحكة كما تقول د. زينب الجندي «إخصائية الأمراض الجلدية بمستشفى الحمادي بالرياض» هي احساس خاص، يستدعي الحاجة إلى القيام بالحك وخدش الجلد، وقد يكفي مجرد التدليك لإخماد ذلك الشعور. وفي هذا الحوار تجاوب د. زينب الجندي على عدد من الأسئلة، مؤكدة على ان الحكة تصيب الجلد فقط، ولا تصيب الأغشية المخاطية أو الاحشاء. في البداية سألنا د. زينب الجندي عن مثيرات الحكة فقالت: مثيرات الحكة قد تكون في شيئين متعلقين بالمنبهات، هما كالتالي: منبهات فيزيائية: كالضغط الخفيف برأس مدبب كالإبرة أو الشعر أو الوبر أو الريش، ومنبهات كيميائية: وهي مواد تحرر في الدم كالهستامين والبروتياز والمورفين والبتيدات العصبة، أو البروستا غلاندينات، وقد تكون مثيرات الحكة غير محددة تماماً كما في اليرقان الصفراوي، إن أكثر مناطق الجلد احساساً بالحكة في منطقة الوصل بين البشرة والأدمة، ولذلك فإن الأمراض التي تصيب هذه المنطقة تتصف بشدة الحكة كالخزاز والجرب والتهاب الجلد الحلئي الشكل والشري. * وما هي علامات الحكة؟ نعتمد في تشخيص وجود الحكة على معطيات المريض، وقد نجد بالفحص آثار حكة كالتسحجات والاثلام الخطية وسماكة الجلد والتحزز فيما إذا استمرت الحكة لمدة طويلة من الزمن، كما قد تبدو آثار الحكة على أظافر المريض أو على الشعر. * وكيف يمكن تشخيص سبب الحكة؟ يجب التميز بين الحكة الموضعية والحكة المعممة، ويجب التمييز بين المرض الجلدي المسبب للحكة والآفات الناجمة عن الحكة، إن إجراء بعض الفحوصات المخبرية المتممة ضروريا كالخزعة الجلدية والاضداد، كما يجب البحث بالتفصيل في نمط الحياة وشروط العمل ونشاطات الراحة وتحديد تغير الحالة في حال التوقف عن العمل وفيما إذا كان ظهور الحكة بعد سفر أو غيره من النشاطات. وتحديد الأدوية الموضعية والعامة المستخدمة وخاصة بعض الأدوية التي قد لا يعتبرها المريض من ضمن المعالجات كالمنومات والملينات والمسكنات مع ملاحظة الظروف التي انطلقت فيها الحكة كالحر والبرد والتماس مع الماء، وتحديد وجود ضخامات عقدية أو حشوية أو اعتلال غدي، ويجب إجراء بعض التحاليل المخبرية المتعممة مثل تعداد عام للدم وسرعة التثقل والبيلروبين والفوسفات القلوية والكرياتين. * وما هي أسباب الحكة المعممة؟ للحكة عرض شائع جداً ويشاهد في سياق الإصابات الجلدية أو بسبب البيئة أو بأسباب داخلية أو نفسية، الحكة في الأمراض الجلدية قد تسبق ظهور المرض كما في الداء الفقاعاتي الفقاي، وهنا تشخيص باستقصاء الأضداد في الدم أو الخزعة الرمضانية «تألق مناعي» أو قد تكون الحكة ثانوية لأمراض سابقة حدث لها تأكزم كالميساء والقوباء، ومن الأدواء الجلدية الحكة يمكن ان نذكر: الاكزيما، الخزاز، الشري، الأدوية المناعية الفقاعية، وأدواء الخلايا البدنية (Mastocyt) الأدواء الطفيلية والحكاكات، وان تغيرات الحرارة والرطوبة ودور الجفاف والتعرض للعوامل المخرسة أو بسبب نقصان أو انعدام الزهم «وهو المادة المرطبة للجلد». * هل يمكن ان تذكري لنا عدداً من الأسباب الباطنية للحكة؟ من تلك الأسباب: أ القصور الكلوي المزمن: تحدث الحكة في القصور الكلوي المزمن وليس الحاد وخاصة لدى المرضى الموضوعين على الديال الدموي «غسل كلوي»، قد تتحسن الحكة بعد الجلسات وقد تزداد سوءاً في بعض الأحيان، لا تزال الآلية لحدوث الحكة غير مؤكدة قد تكون فرط فيتامين A في البشرة أو الجفاف الجلدي أو اضطراب الاستقلاب الكلسي الفوسفوري أو ارتفاع المغنسيوم أو الاعتلال العصبي المحيطي، والمعالجة هنا صعبة، وقد تفيد فيها الأشعة فوق البنفسجية UVB وفي بعض الأحيان بعض الأدوية قد تكون مفيدة مثل الكوليسترامين والليدوكائين واعطاء هيدروكسيد الالمنيوم فمويا، ولكن زرع الكلية قد يكون الحل الأمثل. ب حكة الاحتباس الصفراوي: كما في التشمع الصفراوي البدئي او التهاب الكبد بالحمات أو الركود الصفراوي الدوائي أو ترسب الصباغ الدموي ولا توجد علاقة بين شدة الاحتباس الصفراوي وشدة الحكة، إن معالجة هذه الحالات قد تكون بالكوليسترامين أو الفينوباربيتال ومعالجة السبب ما أمكن. ج الحكة المرافقة للغدد الصماء: كما في فرط الغدة الدرقية أو السكري أو متلازمة السرطاوي. د الحكة الدموية: كما في داء هودجكن والفطار الفطراني وداء سيزاري وغيرها، كما قد يكون فقر الدم بعوز الحديد سبباً في حدوث الحكة. ه الأدواء الطفيلية: سواء كانت داخلية جهازية مثل داء كلابية الذئب أو أدواء المثقبيات والبلهارسيا والدريقة الكبدية. و الحكة الحملية: وخاصة في الثلث الثالث من الحمل وتعزى إلى ركود صفراوي لا يرقاني عادة ويمكن للكوليسترامين ان ينقص من الحكة أحياناً، كما تحدث الحكة في الحلأ الحملي حيث تتأرفق مع حطاطات أو حويصلات وفقاعات وتشخيص بالخزعة الجلدية ودراستها بالتألق المناعي، كما قد تترافق مع اندفاعات حطاطية وعديدة الأشكال أو ما يسمى PVPP. ز الأمراض السرطانية: كما في سرطان الكولون والمعدة والموثة والرئة هذه الحالات قد تترافق مع حكة وتزول باستئصال الورم ومعالجته. أخيراً قد تكون الحكة بسبب عدم تحمل الأدوية كما قد تحدث الحكة في الايدز. * وكيف تعالج الحكة؟ يجب أولاً تحديد السبب ومعالجته بشكل مباشر إن أمكن بالإضافة إلى المعالجة العرضية أي تخفيف الحكة بمضادات الحكة، وخاصة مضادات الهيستامين، بالإضافة للمعالجات الموضعية الخاصة لكل مريض.