متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبد الله هزاع العتيبي مدينة جميلة مدينة جميلة تتمثل في شكل عمراني متميز ومتكامل مع الحياة الاجتماعية والثقافية ومركز للثقافة والفنون الإسلامية، والأهداف من ذلك مدينة تعكس الثقافة الإسلامية المحلية وتطور الطابع والشخصية العمرانية التي تتناسب مع عاصمة المملكة والمحافظة والتعامل مع المظاهر الطبيعية والخصائص البيئية وتعبر عنها، وتحقق انسجاماً عمرانياً يتضح من خلال توزيع متناسق وعملي ووظيفي للمناطق العمرانية وعناصرها، وبما يسهل من قراءة وفهم المكان وسهولة الانتقال على المستويين المحلي والحضري. مدينة توفر التنوع المكاني على المستويات العمرانية للأنشطة الاجتماعية والمناسبات العامة والاحتفالات، وجعلها من ضمن هيكل المدينة العمراني وجزءاً من حياة السكان، وتحقق بيئة عمرانية جيدة من خلال توفير ممرات مشاة آمنة ومحببة توفر المناخ المناسب وتقلل من مسببات الازعاج «مثل الرؤية، الضوضاء، التلوث» وتطبيق أفضل مستويات التصميم المعماري والعمراني في تصميم الأماكن العامة والخاصة بما يحسن من مكانة العاصمة، وتحقيق الاستمرارية والتنوع في الطرز المعمارية المحلية وتؤكد الرموز الثقافية والعناصر التاريخية في البيئة المبنية على المستوى المعماري والعمراني «سلسلة من الفراغات العامة ترتبط بشبكة مشاة آمنة وجميلة» وتستوعب ما يستجد من اتجاهات التنمية المعاصرة، كل ذلك في تخطيط عمراني يحقق شكلاً مترابطاً عالي الجودة، وبيئة عملية وجذابة تشجع السكان على توسعة انشطتهم خارج مساكنهم على مستوى الأحياء والمدينة، مدينة يتوفر بها عدد كبير من الأماكن الترفيهية في صورة منتزهات عامة ومحميات طبيعية «وادي حنيفة». مركز إشعاع ثقافي وعلمي مدينة رائدة في الخدمات التعليمية والصحية ومركز للمعرفة، ذات دور قيادي في الأبحاث العلمية والتقنية وبتركيز خاص في مجالات الطاقة والدراسات الصحراوية. حيث إن الهدف من ذلك مدينة رائدة في المجالات التعليمية والصحية وعلى اتصال بشبكات عالمية لدعم البحث والتطوير والابتكار. وتستثمر في البحث العلمي والتقني والابتكار في مجالات الطاقة والمناطق الصحراوية. مدينة تطبق نماذج في التصميم والتخطيط والتنمية العمرانية التي تجسد أفضل تطبيقات الادارة البيئية باستخدام دراسات مبتكرة محلياً في مجالات الدراسات التقنية. من المهم! من المهم وضع تصور يترجم هذه الصيغ العامة إلى مستويات متدرجة نحو التطبيق الفعلي المرحلي، وذلك كجزء من المرحلة الأولية ومن المرحلة الثانية من مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، مع الأخذ بعين الاعتبار إلى النتائج التي توصل إليها تقرير الإنسان والعمران، ومن ثم تقدم التوصية بالأهداف المتفق عليها إلى مركز المشاريع والتخطيط والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، لتبنيها كسياسة وكإطار مقبول لعمل التخطيط الإستراتيجي الذي ينبغي اتباعه. تتناول الأهداف التي سبق تحديدها وكذلك مفهوم الرؤية المستقبلية الذي اشتقت منه الأهداف، نواحي تتعلق بمستقبل الرياض وسكانها والتي تشمل، المستوى المعيشي وتطلعات سكان المدينة والنواحي الوظيفية لعاصمة البلاد والقضايا الاجتماعية والبيئية والنشاط الاقتصادي والتصميم العمراني والنواحي الجمالية والابتكار في مجال العلوم والتكنولوجيا. إن كثيراً من تلك القضايا يقع خارج مجال «التخطيط العمراني» بمفهومه الفني الدارج من حيث ان هذا المصطلح يفهم دائماً على أنه التعامل مع شكل المدينة واستعمالات الأراضي والأنظمة التي توجه وتتحكم بعملية التنمية بها، وبدلاً من ذلك تثير الأهداف قضايا تحتاج إلى تناول من قبل كثير من المجالات الحكومية وتنفيذها بطرق مختلفة. إدارة فعّالة سيتم تناول هذه القضايا من خلال «إدارة عمرانية» فعّالة يقصد بها الأنشطة المتكاملة للجهات الحكومية التي تسهم بطريقة أو بأخرى في التطوير الحضري عن طريق سياسات الانفاق المالي، توفير المرافق والخدمات العامة، توفير الخدمات الإنسانية، وضع وإدارة التشريعات، إدارة أو تنظيم أنشطة القطاع الخاص. وعندما يعمل جميع اولئك المساهمين في التطوير الحضري باتجاه تحقيق الأهداف والغايات المشتركة ضمن اطار تخطيطي استراتيجي متفق عليه. فإن فرص تحقيق التصورات العريضة والأهداف الموضوعة ستكون أفضل من عدمها. مرونة وتفاعل وهذا يعني أنه لكي ينجح مشروع الاستراتيجية كمخطط استراتيجي لمستقبل مدينة الرياض، فإنه يجب أن يتفاعل على أنشطة الجهات الحكومية، ولا ينحصر ذلك فقط على دور كل من مركز المشاريع والتخطيط أو وزارة الشؤون البلدية والقروية أو الأمانة. والأمر الضروري الآخر انه يجب أن تتسم الطريقة التي يتم بموجبها تطوير المدينة بالمرونة، وان تطلب ذلك استخدام طرق مختلفة لتحقيق الأهداف الخاصة بالرؤية. إن مفهوم الرؤية المستقبلية والأهداف توفر الاطار لتحديد الوقت والكيفية المناسبة لجني تلك الفوائد. وسيكون من المهم أن توفر الرؤية المستقبلية والأهداف ايضاً الاطار العريض والمسوغات لاتخاذ القرارات.. ويمكن أن تكون عملية اتخاذ القرارات مركزية جداً، وتتقرر كافة التفاصيل عن طريق أعلى المستويات الحكومية أو أن تكون مفوضة «غير مركزية» مع تدرج صلاحية اتخاذ السياسات أو القرارات وتنفيذها من أعلى المستويات الحكومية إلى المستويات الأقل ضمن إطار تشريعي موحد. أما بالنسبة للمدينة فالاختيار يكون لأفضل طريقة تحقق الأهداف المرجوة لها، علماً بأن وجود تنوع أكبر في اختيار البيئة السكنية ينظر إليه كغاية رئيسية وإحدى الطرق لتحقيق هذه الغاية قد تكون في منح سلطة أكبر للبلديات الفرعية لاعتماد مقترحات التطوير المحلية. قد تتحمل البلديات الفرعية المسؤولية عن تخطيط وتطوير المنتزهات العامة ضمن إطار مخطط هيكلي متفق عليه بالنسبة لإحدى المناطق، أو اعتماد مخططات المشاريع السكنية والتجارية المحلية وذلك ضمن خطوط إرشادية عامة وليست تفصيلية يتم تطبيقها على المدينة بكاملها. اختيار وتنوع أما المسؤولية عن اعتماد مخططات المشاريع ذات الأهمية التي تزيد عن كونها محلية، مثل مراكز التسوق أو المباني المكتبية الكبرى، فربما تتحملها الأمانة في حين ان عملية اعتماد مخططات المشاريع الكبرى تقع ضمن مسؤوليات «الجهات الحكومية الرفيعة» ويمكن لنظام من هذا القبيل أن يخلق مرونة أكبر ومجال اختيار أوسع مع تنوع أكثر في التطوير، وبالتالي تلبي بعض نواحي الرؤية المستقبلية لمدينة تحقيق الرغبات الإنسانية بشكل أكبر وتتجاوب مع احتياجات وتطلعات سكانها. تقوم الحكومة بتنفيذ وتشغيل العديد من العناصر الرئيسية التي تشكل المدينة، خصوصاً المرافق والخدمات العامة، أما في المستقبل بعد اتباع الحكومة لسياسات تشجيع مشاركة القطاع الخاص بصورة أكبر في النشاط الاقتصادي والسعي وراء تحقيق فعالية أكبر في استخدام الموارد، فإنه بالامكان خصخصة بعض الوظائف كلياً أو جزئياً. نظام متعدد وبالنسبة لمسؤوليات معينة يمكن أيضاً تعديل الهياكل التنظيمية للتوصل الى تنسيق أفضل داخل المؤسسات الحكومية، حيث يكون هنالك نظام متعدد الجهات يتعامل مع نواحي التطوير الحضري «مصادر المياه، الصرف الصحي، تصريف مياه السيول والأمطار، الطرق، الطاقة الكهربائية، الهاتف» كل بمخططه الخاص ومصادره المالية ومسؤولياته، ولكن هناك ضرورة لأن تعمل هذه القطاعات ضمن خطة منسقة فيما بينها داخل إطار مخطط استراتيجي شامل. نجد في بعض المدن ان القطاعات المسؤولة عن الادارة العمرانية يقل فيها مستوى التنسيق نسبياً أو العمل ضمن إطار عام كما هو الحال في مدن واشنطن وأتاوا وكانبيرا ، إلا أن الإدارة العمرانية الناجحة لا تزال تعتمد على الالتزام بتحقيق الرؤية، وعلى تقدير الحكومة للفوائد التي ستحصل عليها المدينة والأمة ككل من جراء ذلك التغيير، مع الفارق بين تلك المدن من حيث نظمها الإدارية والاقتصادية عن نظيراتها في المملكة. يتوقف تأثير السياسات التخطيطية التي تم تبنيها للمدينة محدودة كانت أم مفصلة على تحقيق الرؤية المستقبلية والأهداف. ولعل وضع اطار تخطيطي شامل يحدد نوعية الخطط المطلوبة عند كل مستوى حكومي ويحدد الجهات المسؤولة، يضمن تحقيق ادارة افضل لعملية تطوير المدينة على المدى الطويل، وبالتالي توفير فرصة لتحقيق تنمية مستديمة ذات صفة انسانية بدلاً من نظام تخطيطي مقصور على تنظيم استعمالات الأراضي في جميع أنحاء المدينة وعلى خطط المشاريع الخاصة. يعتبر نظام التشريعات والقوانين والمراسيم عاملاً أساسياً في ادارة المدينة، فحيثما تكون التشريعات محدودة، وحيثما يكون تنفيذ القوانين والأنظمة غير صارم، فإنه وفقاً لاستنتاجات دراسات المرحلة الأولى، فإن طبيعة تطوير المدينة ربما يختلف كثيراً عما تعتزمه الحكومة ويتطلع اليه السكان. إن الأنظمة التي تحكم عملية تطوير المدينة مهمة جداً، إذ ربما تكون تلك الأنظمة إلزامية تماماً وغير مرنة أو أن تكون موجهة الأداء بصورة أكثر وتحدد النتائج التي يجب تحقيقها، ولكن دون تفعيل كافة الطرق الممكنة لتحقيق تلك النتائج، وربما ينتج عن ذلك تطوير أكثر تنوعاً ومرونةً وسرعةً في الاستجابة. من ناحية أخرى قد تكون الأنظمة المرنة غير مرغوب فيها تماماً، في بعض أحياء المدينة التي يشكل جوهر دورها كعاصمة للبلاد، ولهذا قد تكون ثمة حاجة لضوابط إلزامية وشديدة جداً لحماية الأماكن التاريخية ذات الأهمية بالنسبة للأمة، ويترك الخيار إلى الظروف الخاصة ضمن الإطار العام للرؤية الشاملة والأهداف. مشاركة المجتمع تتميز اجراءات الاعداد أو التغيير للخطط والأنظمة الخاصة بمدينة الرياض بأهميتها، فإذا كانت الاجراءات غير رسمية، فعندئذ سيكون من الصعوبة بمكان ضمان مشاركة المجتمع في تطويرها وتغييرها بطرق صحيحة وواضحة، أما إذا كانت رسمية وتتبع اجراءات واضحة ومفهومة بشكل جيد ومتاحة للمشاركة العامة، فربما يتم تحقيق نتائج أكثر دقة. يضاف إلى ذلك، ان تحقيق هدف ايجاد مدينة تحقق الرغبات الانسانية تستجيب لاحتياجات المجتمع، بطريقة قابلة للاستمرار في أداء وظيفتها حيث تعطي الاهتمام اللازم بالبيئة المحيطة بهم، يتم من خلال بلورة مراحل الاجراءات التخطيطية التي تقوم فيها بدور رئيسي. تعد الأنظمة المالية المتعلقة بتمويل عملية التطوير مهمة لضمان توفير الموارد الملائمة، إما من القطاع العام أو من القطاع الخاص، .. إن القيود القائمة على الموارد المالية الحكومية قد تؤدي إلى عدم توفر الاعتمادات المالية الكافية لمواكبة الاستثمارات، والتي تكون مهمة لتلائم نمو المدينة بطريقة مستديمة أو بطريقة تتحقق معها المدينة الجميلة. خطة قوية إن إدارة التطوير الحضري والتغيير ليست ببساطة مسألة تخص الجهات المسؤولة عن التخطيط الحضري وادارة نظام التخطيط الحضري، بل إنها عملية يجب أن تضطلع بها العديد من الجهات الحكومية وتقوم بدور فعال فيها تحت مظلة تنظيمية كالهيئة العليا.إن تحقيق الرؤية المستقبلية والأهداف قد يعني إجراء تغييرات ليس فقط على الخطط الخاصة بالمدينة والأنظمة التي تنسجم معها، وإنما يعني أيضاً الطريقة التي تعمل بها الجهات الأخرى وطبيعة السياسات الحكومية بوجه عام والهياكل التنظيمية ضمن المؤسسات الحكومية وكثير من أوجه النشاط الحكومي التي ينطبق بعضها على الأمة ككل وليس على الرياض فقط. إن تحقيق تلك التغييرات سيستغرق بعض الوقت، وبالتالي سيكون من المهم التعبير عن الرؤية المستقبلية من خلال خطة استراتيجية قوية، مع توفر طاقة لمراقبة ومراجعة وتقييم التقدم الذي يحصل بمرور الوقت على تنفيذ الخطة، وسيمكن تسجيل التقدم بعدها من مراجعة فعالية التدريبات المتخذة لتحقيق التنفيذ واعداد التوصيات حول اجراء المزيد من التغييرات، والتي قد تؤدي بشكل مباشر إلى تحقيق الرؤية المستقبلية.