ممن التقصير ومن المقصر الفعلي وما السر في عدم الحد من الظاهرة أو تلك، هذه الأسئلة وغيرها تطرح عندما نواجه أي مشكلة تطفو على السطح بكل مبرراتها وتداعياتها ويبدأ مشوار الرواح والغداة بين من المسؤول ومن المتضرر وما مدى حجم الضرر ولكن يفوت الكثير من الباحثين عن الإجابة لا يعز الجواب الشافي على اللبيب ذي القلب الناهي، فلا البحث عن المتضرر مفيد ولا البحث عن المستفيد مفيد لأن الأساس في الحل انه ينبع في معرفة مولد الظاهرة قبل كل شيء ولك في ظاهرة تدني نسب الطلاب من خريجي الثانوية العامة سواء بعد أو قبل اختبارات القدرات خير مثال، فالناس لا تلقي بالاً في بداية الامر وعندما يصبح الوضع في اتجاه واحد غير قابل للدوران الى الخلف لتحسين الوضع أو للحاق بما تبقى يبدأ الأنين والونين والحسرات ولئن كان اختبار القدرات يحدد من كان سيكون مؤهلاً لعتبات الجامعة من غيره فهو في ذات الوقت اعطى دلائل غاية في الأهمية فقد تبين أو بالأحرى ميز بين من يعتمد على الفهم والإدراك المعرفي وبين من يتكىء على التساهل في تعامل مدرسية كما همس وغمز غير بعيد لبعض المدارس المتساهلة وإن كانت قلة على أي حال ولكن القصد أن من اختبارات القدرات والقياس يتبين أشياء كثيرة مفيدة وجديرة بالاهتمام وإن كانت تصيب بالصدمة أحيانا فما العلة في طالب الامتياز في الثانوية العامة يحصل على نسبة متدنية في القدرات. وبعودة سريعة لفحوى جزئيات الظاهرة أو المشكلة نجد ان المنزل والأسرة قد فرطا بالكثير من الالتزامات الاسرية الهامة والتي لها علاقة مباشرة بطريقة تلقي الطالب للتعليم والمعارف والتربية قبل ذلك فالاعماد على طريقة الحفظ فقط بالتعامل مع المواد الدراسية غير مجد والفهم بدون الحفظ غير مجد أيضا لأن الحفظ بمثابة التقييد للعلم والفهم بمثابة التطبيق للعلم وما يدرس من المناهج يتطلب الفهم والحفظ ولكن من الصعب على الطالب ان يحفظ بلا فهم طيلة سنوات دراسته ثم يأتي يطالب بالطب أوالهندسة او الحاسب الآلي لان هذه العلوم تعتمد على تركيز جرعات تلفي وحفظ تفوق ما كان يتسع له إدراك الطالب العادي في الثانوية والدليل ان نسب التحويل من هذه الأقسام تزايدت مع بداية الدراسة الجامعية وهذا يطرح عدة تساؤلات منها هل كان الإعداد كافيا لطالب القسم العلمي ليخوض غمار هذه العلوم وأسبارها بطريقته الاعتيادية والتي تعتمد على الحفظ فقط دون عمل الإدراك في النقص الحاد في العباقرة الملهمين وصيادي المعرفة والعلم وهل يكفي ان يتمنى الطالب ان يكون بارعاً في علوم الحاسب والنظم أو جراحاً او مهندساً حتى يطلب هذه الكليات بمعدله الابتدائي اليس في اختبار القدرات محك فاصل بين من يستحق وما لا يستحق؟ لربما كان يدور في خلد الطلاب وأولياء أمورهم أن الوضع الطبعي هو ان تتسابق الجامعات على قبول نسب الامتياز من خريجي الثانوية العامة بشغف ولكن هيهات فلابد من ان يمحص المتقدم للجامعة قبل ان يورط نفسه ويضيع سنين من عمره وهو يتنقل بين الأقسام ليبحث عن من يقبل به لا عن من يروق له منها كل هذا يدعو الى ضرورة أن يهيئ المجتمع نفسه بكافة أطيافه لمثل هذه التغيرات التي تنصب على تطوير فقه التعليم المتخصص بمجريات التحديث التي تناسب ما تحتاجه بنية المجتمع من التخصصات والعلوم وذلك بتناسبها مع الفروق الفردية للطلاب ومتطلبات التخصص الدقيق وهذه المتطلبات التي افضت وبشكل طبيعي إلى أهمية الفرز والتدقيق في كل منتسب لعلم او تخصص يجري عليه ما يجري مناحي الحياة الاخرى من ضرورة المناسبة والتناسب بين متلقيه وإدراكه وحجم إطاره المعرفي ليجد مسار الإبداع أوسع وافضل في كل يوم يتلقى معلومة او معرفية بسيطة في مجال تخصصه، على هذا فإننا عندما نسأل من المتسبب في الظاهرة وتدني نسب المتقدمين التي عمت غالبية الطلاب والطالبات للجامعات نجد ان عوامل الأسرة وبيئة التعليم المتوسط والثانوي على أقل حد قد نسجت جزءاً من هذا اللباس الذي جاء يرتديه الطلاب باحثين عن قبول يطفى ظمأ السنين الست أو الاثنتي عشرة على مقاعد الدراسة وتعب الوالدين والسهر والمشقة التي تكبداها.