سبق أن تطرقت من خلال هذه الزاوية إلى ذلك التحرك الإيجابي الذي أفصح عنه رئيس اللجنة العقارية الوطنية بمجلس الغرف السعودية المتمثل بإعداد التنظيمات الملائمة ووضع العقد الموحد الكفيل بتنظيم وحفظ حقوق كل من المؤجرين والمستأجرين وذلك في ظل الفوضى التي يعيشها القطاع العقاري لدينا والناتجة عن تمادي البعض من عديمي الذمة من المؤجرين والمستأجرين، وإذا كنا قد استبشرنا بقرب إقرار تلك التنظيمات التي ستنعكس ايجاباً على القطاع العقاري بالمملكة، فإنني أتمنى ألا تأتي تلك التنظيمات منصبة فقط على حماية حقوق المؤجرين من تجار العقار دون الأخذ في الاعتبار حقوق المستأجرين التي قد تتأثر نتيجة مغالاة بعض المؤجرين أو نتيجة لقيام بعض المؤجرين بتغيير بعض شروط عقد الإيجار دون علم المستأجر. ففي اللقاء الذي أجرته صحيفة الاقتصادية مع رئيس اللجنة العقارية الوطنية بمجلس الغرف التجارية السعودية، تضمنت احدى الإجابات بأنه لن يكون هناك متلاعبون في الإيجارات وأنه سيتم حصر المستأجرين وتحجيمهم، كما سيتم وضع القوائم الخاصة بالمتهربين من المستأجرين مما يبعث الطمأنينة لدى المؤجرين بالحصول على حقهم في أسرع وقت، وإذا كنا نؤيد رئيس اللجنة العقارية فيما ذهب إليه، إلا أننا نؤكد أهمية المعاملة بالمثل بالنسبة للمؤجرين وبالتالي التأكيد على أهمية وجود قوائم سوداء بأسماء المكاتب العقارية والمؤجرين الذين لا يترددون بالمساس بحقوق المستأجر من خلال فرض قيود والتزامات عليه لم يتضمنها العقد الإيجاري. كما تضمن نفس اللقاء مع رئيس اللجنة العقارية أنه وبموجب العقد الموحد الجديد سيتم توجيه الجهات التنفيذية بعدم قبول أي شكوى من المستأجر إلا بعد التأكد أن هذا المستأجر قد أوفى كامل الحقوق المالية المستحقة عليه للمؤجر ثم بعد ذلك يمكنه رفع الدعوى وفقاً لما يرى. وقد لا نتفق مع هذا التوجه الذي ذهب إليه رئيس اللجنة العقارية، حيث إنه توجه يوحي بأن العقد الموحد سوف يتم صياغته صياغة (اذعانية) تأخذ في الاعتبار مصلحة وحقوق المؤجرين دون الاهتمام بمصالح وحقوق المستأجرين، فلماذا يلزم المستأجر بدفع كافة المستحقات المالية للمؤجر إذا كان المؤجر قد أخل ببعض الشروط المتفق عليها في عقد الإيجار. ثم ألا يكفي المواطن ما يفرض عليه من عقود إذعانية من قبل كل من شركة الكهرباء وشركة الاتصالات حيث يتم الزام المواطن بموجبها بدفع كافة المستحقات المالية لتلك الشركات ومن ثم يكون له الحق برفع شكواه.. وللخروج بحل منصف لكلا الطرفين (المؤجر والمستأجر). في هذا الخصوص فإنه يتوجب أن يكون هناك وضوح في نصوص التنظيمات العقارية والعقود الموحدة بين المؤجرين والمستأجرين مع أهمية وجود آلية للتنفيذ في وقت محدد دون مماطلة غير مبررة قد يتضرر منها المؤجر أو المستأجر. ختاماً، لا بد من التأكيد أن المشروع التنظيمي الجديد بين المؤجرين والمستأجرين قد جاء بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وعندما وجه سموه بتشكيل لجنة مختصة لدراسة هذا الموضوع، فقد قصد سموه تأكيد أهمية حفظ حقوق كل من المؤجرين والمستأجرين على حد سواء وليس حقوق المؤجرين فقط. ولذا فإنه يتوجب على اللجنة العقارية وهي التي تتكون من مجموعة من رجال العقار وكذلك اللجنة الأخرى والمشكلة من الجهات ذات العلاقة أن تنطلق توصياتها من أرضية تأخذ في الاعتبار حماية حقوق كل من المؤجرين والمستأجرين وليس فقط حقوق المؤجرين.