مع الإجلال والتقدير إلى أمي الغالية - رعاها الله - التي تعطِّر أوقاتها بدعاءٍ صادقٍ توجهه إلى الله أن يحمي بلاد المسلمين عامةً، وبلاد الحرمين خاصةً، من كيد الكائدين. أمَّاه ما هانَ عند الأمِّةِ الحرمُ وهل تهون على عُشَّاقها القِممُ؟ بيتٌ عتيق وساحاتُ مطهَّرة وكعبة حولها رُكْنٌ وملتزمُ للطائفين بذكر الله جلجلةٌ والذِّكْرُ أطيب ما يُطوَى عليه فمُ وللمصلِّين إيمانٌ به صعدوا إلى السماء، فلا خوف ولا سأمُ مآذن البيت يا أُمَّاه صادحةُ يُشْفَى بأصدائها الميمونِة الصَّممُ أين الأباطيلُ، أين المرُجِِفون بها أين الذين على باب الردى سجموا؟ أين الذين سروا، والعين مُغْمَضةٌ فأخطأوا موقع الرجلين واصطدموا؟ عاشوا مع الَّلاتِ والعزَّى بلا هدفٍ وقلَّبوا حولها الأقداحََ واستَهَمُوا؟ أين التفاخُرُ بالآباء، لو نطقتْ لأنكرته على أصحابهِ «الرِّممُ» رياح أسئلةٍ هبَّ القصيد بها جوابُها واضحٌ في ذِهْنِ مَنْ عَلِمُوا جوابُها عند خيرِ الناس حين تلا آياً من الذكر فيها النون والقلمُ جوابُها عنَد مَنْ ساروا بمَنْهجهِ وأشرقت من حِرَاءِ الخير شمسُهُمو كلُّ الأباطيلِِ لا يَبْقى لها أثرٌ إذا انجلت عن جبين المشرقِ الظُّلَمُ هُناك في أفق العلياءِ، لاَح لكم وَجْه البَشير، فَحَيُّوا الوجهَ وابتسمُوا كأنني بقريشٍ ثار ثائُرها في موقع الحَجَرِ الميمونِ تَخْتصمُ كاد الخلافُ يُثير الحربَ ساخنةً وكادتْ النَّار بيَن القوم تضطرمُ لما بدا وجهُ خير النَّاسِ مبتسماً قالوا: إلى مثل هذا الشهم نَحْتكِمُ تألق الرُّكنُ لما لامستْهُ يدا محمدٍ، زانَها الإحسانُ والكرمُ عادتْ قريشُ بآمالٍ تراودها في أن ترى عِقْدَها بالحبِّ ينتظمُ هذا الأمين بنى صرح الوئام لها من بعد ما كاد هذا الصَّرحُ ينهدمُ يا سادةَ القومِ هذي قِصَّة كُتِبَتْ لكم، ليستيقظ الإحساسُ عندكمو مَن أسكَنَ الحجرَ الميمونَ موقِعَه هو الجدير بأن يُمْحى به الألمُ بدايةٌ عَظُمتْ لو أنَّ من شهدوا أحداثَها فتحُوا الأذهانَ أو فَهِمُوا مَنْ أَصْلَح البيَن أَوْلى أن تقوم به شريعة، بهداها تَصْلُحُ الأممُ أمَّاه، مكُة أرضُ الأمن، مَنْذُ علا فيها أذان بلال، واختفى الصَّنمُ من أرضها، ودَّع المختارُ أُمَّته على بلاغة قولٍ، كلُّه حِكَمُ في خُطْبةٍ حُرِّمتْ فيها الدماءُ فما يجوز من غير حقٍ أن يُراقَ دمُ بلاغةٌ أنصتَ الكونُ الفسيحُ لها واستوثقتْ بمعانيَ وَصْلها الرَّحِمُ هذي الوشائجُ، ما قامتْ على وهنٍ ولا يقومُ بها في الأرضِ مَنْ وَهِموا هَذي الوشائجُ بالقرآن قد وصلتْ وبالحنيفية الغرَّاءِ تَلْتزمُ أَبعْدَ أنْ نَشَر الأمنُ الظلالَ على خير البقاعِ، نرى أهل الهوى نجمُوا؟! لو أََنَّ نافذةً من خلفهم فُتِحَتْ ليُبْصِروا في زَمانِ الخَوْف مَنْ حُرِموا كانتْ قوافلُ حَجِّ البيتِ خَائفةً تمشي بأصحابها والرَّعبُ حَوْلهمُو تَجْري اللصوصُ على آثارها طمعاً حتى إذا خيَّمتْ ظلماؤها، هَجَمُوا وأُوقِفَتْ لم تنل من حَجِّها هدفاً لا العيرُ سارتْ، ولا أصحابها سَلِمُوا كم أخفتْ البيدُ من قَتْلى، وكم شهدتْ كُثْبانُ رمل الصَّحاري بالذي اجترمُوا حتى إذا سخَّر المولى لكعبتِه وبيته مَن أقاموا الأمنَ واحترَمُوا وشيِّدتْ رايةُ التَّوحيد دولتها فتيةٌ بكتابِ اللَّه تَعْتصمُ سار الحجيج إلى البيت الحرام على أرضٍ تمهِّدها الأخلاقُ والشِّيمُ يا قاصدين رحابَ البيتِ، أعينُكم ترى، وساحاتُ هذا البيتِ تبتسمُ قُولوا لمن رَكِبُوا مَتْنَ الجنونِ، أَمَا ترون؟ أم أنهم عمَّا نراه عموا؟! أما تَروْنَ قوى الأعداء زاحفةً تطوي البلاد بلا حقٍ وتلتهمُ؟ أما تَروْنَ غُلاة الملَّتيْن طغوا ومزَّقوا شَمْل أقصانا، وما رَحِمُوا؟ *** أُمَّاه، أمَّاه، يا أغلى يدٍ مَسَحتْ رَأْسي، ويا ثروةً بالبرِّ تُغْتَنمُ يا باب جنَّةِ عَدْنٍ، فازَ داخلُها يا مَنْ بها، ولديها يورق الحُلمُ أمَّاه، كعبتُنا الغرَّاءُ شامخةٌ نظامها تتهاوى دونَه النُّظمُ في ساحة الحرم المكِّي منتَجعُ للمسلمين، وفيها الخير والنِّعمُ فكيف يغَفلُ من مدَّ اليدين إلى لمع السَّراب، ومنَ زلَّت به القدمُ؟ يا راعيَ الأمنِ في خير البلاد، أقمْ ميزانَ عدلٍ به الإرجافُ ينهزمُ فالعدلُ أثبتُ ركنٍ يستقرُّ به أمنُ، وأعظم ما تُحْمَى به القيمُ ألقِمْ بتثبيت أركان الهُدى حجراً مَنْ في ضمائرِهم من حِقْدهم وَخَمُ يا راعي الأمنِ، أنت المستقِرُّ على أرض يميِّزُها عن غيرها الحرمُ لا تخشَ إلا الذي هذا الوجودُ له ومَنْ بقدرته تُستَنْهضُ الهِممُ كلُّ الوحوشِ التي احتدَّتْ مخالبها تموت حين يلاقي عُنْفَها الشََّمَمُ