يعتبر السعال المصاحب ببلغم دموي من الأعراض الهامة لأمراض الجهاز التنفسي، وعادة ما يسبب هذا العرض خوفاً شديداً لدى المريض عند مشاهدته الدم في البلغم، ويظن أن الأمر خطير جداً، وقد يكون كذلك، ولذلك فلابد من التعامل بحرص شديد مع هذا العرض، فقد يكون بسيطاً جداً وقد يكون لا قدر الله دليل مرض خطير ويتم تصنيفه حسب شدته إلى نوعين: النوع الأول (البسيط)، وهو عبارة عن نزف بسيط أو ظهور خطوط دموية ملتصقة بالبلغم، أما النوع الثاني (الشديد)، فهو الذي تزيد كمية الدم فيه عن 600 مللم في خلال يومين، ويصادف السعال المصحوب ببلغم دموي في كثير من الأمراض الصدرية مثل التهاب الشعب الهوائية، وخراج الرئة، والدرن الرئوي، والالتهاب الرئوي، وتوسع القصبات، وكذلك أورام الجهاز التنفسي، وأمراض الجهاز الوعائي مثل تضيق الصمام التاجي والصمة الرئوية، والتشوهات الوعائية والأمراض المناعية مثل داء الذئبة الحمراء، كما أن هناك بعض الأدوية أو السموم التي تؤدي إلى هذا العرض مثل الكوكايين، ومميعات الدم، وفي أحيان أخرى يكون هذا العرض دون سبب واضح . ولكي يتم تشخيص المرض المسبب لهذا العرض، فلابد من أخذ القصة المرضية بشكل مفصل للتأكد من أن مصدر الدم هو الجهاز التنفسي وليس الجهاز الهضمي (قيء دموي) أو البلعوم الأنفي. وكذلك لابد من الفحص السريري بدقة وعناية، وأيضاً يفضل تقدير كمية الدم الخارجة، وذلك عن طريق تجميعها على مدار اليوم. وتأتي الخطوة التالية في التشخيص باستخدام الفحوصات اللازمة مثل أشعة الصدر، ودراسة البلغم من حيث الصبغ والزراعة وتحاليل الدرن والخلايا السرطانية، ودراسة غازات الدم، وكذلك فحص البول. أما الخطوة التالية فهي عمل منظار للشعب الهوائية للمرضى الذين لديهم عوامل خطورة للإصابة بالأورام السرطانية (حتى وإن كانت كمية الدم قليلة وأشعة الصدر سليمة). وعوامل الخطورة للإصابة بالأورام السرطانية عديدة وتشمل: (1) الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً. (2) المدخنين باستمرار ولسنوات عديدة. (3) استمرار البلغم الدموي لأكثر من أسبوع. (4) ظهور تغيرات غير طبيعية بالأشعة العادية للصدر. وعلاج هذا العرض يعتمد على معرفة السبب الحقيقي، وكذلك على كمية الدم المصاحب للبلغم، ففي حالة النوع الأول (البسيط) يكون عادة بعلاج السبب المباشر من التهابات وغيره. أما في حالة النوع الثاني (الشديد) والذي تزيد كمية الدم فيه عن 600 مللم في خلال يومين أو الكمية التي تؤدي إلى ضعف أو فشل الوظيفة التنفسية، فهنا يجب التأكد من كون الممرات التنفسية سالكة وغير مسدودة، والحفاظ على نسبة الأكسجين في الدم مثالية، وتحت المراقبة المستمرة في غرفة العناية المركزة، وإعطاء الأدوية المهدئة، والمثبطة للسعال، وإذا حدث هبوط في ضغط الدم، يتم تعويض المريض بالسوائل ونقل الدم، وعندما تستقر حالة المريض، يتم إجراء الفحوصات اللازمة (منظار شعبي... وخلافه) أو التدخل الجراحي العاجل إن لزمت الجراحة. وفي النهاية ينصح جميع المرضى بعدم الخوف أو الذعر لدى رؤيتهم الدم في البلغم، ومراجعة الطبيب المختص فوراً، وكذلك ينصح جميع المدخنين بالإقلاع عن التدخين فوراً، لسلامتهم، وسلامة من حولهم. د. عماد الدين مرسي * * طبيب مقيم بقسم الأمراض الباطنية