السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشير إلى المقالة المنشورة في صحفة منوعات في عدد الجزيرة رقم 11249 الصادر يوم الخميس 17 من جمادى الأولى 1424ه، تحت عنوان «وعلامات»، بقلم الاديب والكاتب القدير الأستاذ عبدالفتاح ابو مدين، وكان موضوع تلك المقالة، «الجامعات وحركة الحياة»، وهي الحلقة الرابعة والاخيرة، وكانت امتداداً لخطاب موجه لمعالي مدير جامعة الملك عبدالعزيز، عن آلام وهموم المنتسبين من الجنسين، وقد ركز في ذلك الموضوع على قضية ضخامة المنهج المقرر- سنة اولى جامعة- انتساب- التيرم الاخير، وقام بعرض نماذج لتلك المواد التي وصفها بأنها عديمة الجدوى والفائدة لكي تدرس والعدد الكبير من الصفحات لكل مادة ومن ثم التطرق الى الاسئلة التعجيزية والوقت المخصص لكل مادة الذي لا يكفي ولا حتى لقراءتها دون الاجابة عنها، لأن المادة الواحدة تحتوي على 100 مائة سؤال والسؤال يتضمن عشر فقرات «فروع» وقدم ابسطها كمثال وقال: انه مستعد لعرض البقية لو لزم الامر لذلك.. الخ.. وظننت انه سيتوقف عن الخوض في هذا الموضوع ولكنه عاد من جديد عبر زاويته وذلك يوم الاربعاء 23 جمادى الاولى 1424ه مستعيناً بكتاب الحيوان للجاحظ للكشف عن نمط الاسئلة التي وصفها بركام من الاسئلة المعقدة التي يجنح اليها بعض المعلمين والمعلمات ونفى ان يكون ذلك جهلا وقال: انه من ركام دأبوا على صبه في ادمغة الطلاب والطالبات واورد سؤالا في مادة اللغة العربية كدليل على ذلك من تراكمات الاسئلة المعجزة، ولا ندري هل سيتوقف عند هذا الحد ويوافينا بموضوع جديد مشوق أم لا يزال للحديث بقية؟!!- فنقول: يا استاذنا، لا تعجب ولا تلومهم ولا تحمل عليهم دون ان تعرف الهدف، فربما انهم من واقع ثقافتهم وخبرتهم ارادوا، اختصار المسافة الزمنية وايصال المعلومات الى الطلبة من اسهل واقرب الطرق بدلاً من التدرج من الاسهل الى الاصعب، هذا من جانب، اما عن اوراق الاسئلة التي يرجع تاريخها الى الفصل الدراسي الاول 1420ه الخاصة باللغة العربية وقدمت في اختبار العام الدراسي 1423-1424ه فلعل هذا من باب الاقتصاد وعدم الاسراف في الورق؟!!- ان مثل هذا قد يحدث في بعض الجامعات ومرافق التعليم الاخرى- ومن المتعارف عليه ان الاسئلة لا تكون تعجيزية ويوضع سؤال لتمييز اصحاب القدرات، وصحيح ان هناك بعض الأخطاء التي تقع من غير قصد ويجدي التنبيه والتذكير بها، بينما نجد ان البعض يرتكب الأخطاء عن قصد ويصر على ذلك ولا يقبل من احد توجيه ولانقد هادف - فمثل هؤلاء في اساليبهم اعاقوا عجلة التقدم واعادونا إلى الوراء عدة عقود أو قرون!!؟ فيا أخي أبا مدين لا تشغل بالك ولا تتعب فكرك ولا تعذب قلمك، لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.. ان مثل هذه الظاهرة منتشرة عند البعض من المدرسين والمدرسات في جميع مراحل التعليم ولكنها تزداد ضراوة مع تجاوز كل مرحلة من مراحل التعليم وتبدأ تفرز معطياتها عند دخول الطالب أو الطالبة للصف الأول الثانوي فيستمر الامر كذلك، وابطالها، نسوا، أو تناسوا انهم قد مروا من هذا الطريق، واصبحوا يضعون العقبات والمعوقات للطلاب وبجسارة ويقيسون على مهاراتهم وعبقريتهم ان وجدت، والضحية الطلبة والطالبات، فيا ترى لو كان احد ابنائهم أو اقربائهم ضمن طلبتهم فهل ستكون المواد والاسئلة بهذا الشكل ام انه سيكون لها وضع آخر؟؟!!، وربما انهم لا يستطيعون الاجابة عن الاسئلة التي وضعوها، وياليت الامر يقف بهم عند هذا الحد فالبعض لا يرون للطالب أي اعتبار ولا يستمعون لشكواه ويعاملونه معاملة سيئة، وقبل هذا لا يغيب عن البال الصعوبات التي تواجه الطلبة بعد تجاوز الثانوية عن طلب التسجيل في الجامعات حيث ان الكليات لا تقبل الا من درجاته عالية أو لديه فيتامين «و»، فإذا قدر وحظي بالقبول فإنه سينتقل الى مرحلة عناء البحث عن الكتب والمراجع التي لا تتوافر في الغالب والمتوافر منها تكون اسعاره مكلفة قياسا على المكافأة وما يعرضها من افات، فاذا كان اهل الطالب من ميسوري الحال فإنه سيتوقف في عرض الطريق لأن المشوار طويل على مثله، فلا يجتاز نقطة النهاية الا عدد قليل من الذين تصل بهم الامور بعد التخرج الى تبليل الاوراق وشرب الماء، بعد ان امضوا ما يقارب من عقدين ونصف من الكفاح والمثابرة من اجل الوصول الى مستقبل مشرق، فينتهي بهم المطاف الى طريق مسدود، وهنا «بيت القصيد» فكيف ستكون حالهم وحال اهلهم؟؟!! ومثل هذه الفئات التي تهدم ولا تبني ليسوا في مرافق التعليم وحدها وانما موجودون في اماكن اخرى ابتلي بهم المجتمع ولا يهتمون إلا بأنفسهم واستغلوا مناصبهم واماكنهم وامكاناتهم لمصالحهم الخاصة، مما يلحق الضرر بالمصلحة العامة وينعكس ذلك على ضياع حقوق الآخرين، لقد غاب عن اولئك انهم وظفوا وكلفوا بالعمل من قبل الدولة رعاها الله من اجل خدمة الوطن وابنائه ومن اجل بناء مجتمع ووطن حضاري متقدم ومتطور ويؤكد ذلك حرص الدولة على القيام بفتح اربع جامعات جديدة في أماكن متفرقة من المملكة، بالاضافة الى العديد من المشاريع التنموية التي تحققت، ومن هنا فإن المقصر لا يكفي اعفاؤه من العمل أو نقله دون مساءلة ومحاسبة عن القصور أو الاهمال الذي حصل، اخي الأستاذ/ عبدالفتاح انه من خلال متابعتي لبعض مقالاتك فإني اشم رائحة ولائك ووطنيتك الصادقة تنبعث من سطورها بل من كل حروفها، آمل ان تجد مقالتك استجابة واذن صاغية ممن يعنيه الامر وان نرى رداً مقنعاً وشافياً غير مبرر بكلام لا يقدم ولا يؤخر كما يفعل البعض، وقبل الختام اشكرك واشكر القائمين على جريدة «الجزيرة» على اهتمامهم وحرصهم الدؤوب لخدمة وطننا الغالي وابنائه والشكر موصولاً لكتاب وقراء «الجزيرة» الافاضل.