ورحلت زميلتي رحلت في ريعان شبابها رحلت إلى حيث يرحل البشر ضمها قبرها الذي أرجو ان يكون عليها روضة من رياض الجنة. رحلت زميلتي بابتسامتها المعهودة وبرضائها ويقينها بما قسم لها ربها فلم تجزع ولم تتسخط بل رضت بقضاء الله واستسلمت لما أراد لها وصارعت المرض سنوات حتى ودعتنا إلى غير رجعة يا لهول الفاجعة!!! هكذا هو الموت يختطف أحبابنا فجأة وعلى حين غرة ومن دون سابق إنذار هاهو الموت يأتي بغتة لا يطرق باباً ولا يستأذن للدخول حتى يؤذن له. ما أقسى الحياة حين يعزف شريطها على أوتار الحزن نغمات الألم فيصبح الموت هادماً لكل لذة ومفرقاً لكل جماعة وخاطفاً لكل زهرة ومخفياً لكل بسمة ليجعلنا بعد كل ذلك نغرق في بحيرة من الدمع. وما أقسى الحياة حين تحطم الأحلام والآمال على صخرة الواقع فنرى وفي لحظات من أحببنا قد اختطفته يد المنون وحينها تختفي أهازيج للنفس وتتعمق روح المعاناة في داخلنا لتعلن تلك المعاناة نوعاً من الآلام والأحزان في دواخلنا. هكذا هي الحياة كأوراق شجر تهزها رياح الخريف وتذبلها شمس الصيف فما تلبث ان تصبح هشيماً.. وهكذا السنين تمضي ولا تخلف وراءها سوى الأحزان ورحيل الأحباب إلى غير رجعة. لقد ضاقت عباراتي وكلماتي وحروفي الهجائية عن الرثاء فلا القلم يستطيع ان يسطر ولا الأوراق تستطيع ان تتحمل أنين القلم عليها فكأنني أسمع صرير قلمي جامحاً ومحتجاً لأن العبارات لم ولن تسعفه للتعبير عما يحتويه داخلي. فلندقق النظر ولنرجع البصر كرتين وثلاث ورباع لنعرف حقيقة الحياة ومآلنا فيها فكم أمنية هدمها هادم اللذات وكم من حلم حطمه مفرق الجماعات وصدق من قال: كم منية هادم اللذات بددها في أي ثانية قد ينتهي العمر فها نحن نودع أحبابنا ودموعنا تسكب ونهيل عليهم التراب وقلوبنا تحترق وكأن الشاعر رآنا حين قال: ولله كم غاد حبيب ورائح نشيعه للقبر والدمع يسكب نهل عليه الترب حتى كأنه عدو وفي الأحشاء نار تلهب إن شجرة العمر تسقط ورقة تليها ورقة أخرى حتى تنتهي وهكذا نحن في هذه الحياة ننتظر لحظة الرحيل ولكن أين المعتبر؟ وهاهي ورقة زميلتي تلك تسقط لتختفي عن الأنظار إلى غير رجعة فإدراكي بفقدها كان مراً واستشعاري بغيابها كان صعباً ولكن لا أملك سوى الدعاء لها في جنح الليل بأن يجعلها في رياض الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.