عجبا من ذلك الموت مفرق الجماعات وهادم اللذات وقد صدق حبيبنا صلاة ربي وسلامه عليه حين قال: كفى بالموت واعظا إن هذا الموت لموعظة للقلوب وتنبيه لأصحاب العقول فكم من غافل نبهه وكم من جاهل علمه وها نحن في خميسنا الماضي في بلد المجمعة حين وقف الموت أمامنا في موعظة بليغة وخطبة فصيحة هز بها القلوب وادمع بها العيون وذلك حينما فقدنا زميلنا الرجل الصالح (نحسبه والله حسيبه) خالد بن عبدالله الحسيني الذي عرفناه بقوة الشباب وصلابة الرجال عرفناه معلما تميز بخلقه وعلمه ثم عرفناه مديرا للمدرسة متميزا في أدائه وحسن تعامله وعرفناه رجلا داعية للخير فكان قدوة بين أصحابه. إذا نظرت اليه لا تظن الموت يعرفه ولا المرض يطرق بابه ولكن سنة الله وتدبيره (تعالى الله في خلقه) فما هي إلا اشهر بعدد اصابع اليد الواحدة التي تفصل عن حاله السابق وعن الموت الذي تعدانا إليه وغدا يتعدى غيرنا إلينا, ولقد كان عزاؤنا فيه كثرة شهود الناس للصلاة عليه ودفنه وكثرة ذكر عامة الناس له بالخير والصلاح قبل خاصتهم والناس شهود الله في خلقه. ان موت الشباب لعبرة تحتاج إلى وقفة تأمل وطول تفكير خاصة عندما نرى أنفسنا كيف نفكر ونأمل وكأننا لا نموت أبدا, وكيف نسوف بالأعمال الصالحة وكأن الموت لا يعرف إلا كبار السن فهل من متعظ في تخطف الموت لأصحابه وأحبابه عن يمينه وعن شماله وهل من عامل لما بعد هذا الموت والذي كانت الحياة من أجله كما قال جل شأنه (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) أيتها الأحبة هذه كلمة قصيرة أردت تذكير نفسي بها قبلكم, فرحمنا الله وجميع موتى المسلمين واسأل الله ان يتغمد ميتنا الشيخ/ خالد الحسيني برحمته وان يجعله من المقبولين وان يرفعه في الفردوس الأعلى انه الجواد الكريم. محمد بن عبدالكريم الناصر