استقر في اذهان الدول الغربية ان حكم دول الشرق استبدادي حتى أصبح مألوفاً الحديث عن «الاستبداد الشرقي» وانتشرت هذه المقولة في اوساط المثقفين العرب الذين درسوا في الغرب رغم ان هذا يخالف الحقيقة خاصة وان المشاركة السياسية موجودة في المجتمعات العربية منذ ان أقام الاسلام الشورى كنظام عام للحياة مستندا الى نصوص القرآن والسنة، هذا ما اوضحه المفكر الدكتور احمد صدقي الدجاني في بحثه «الشورى كأساس لنظم الحكم في العالم الاسلامي». وانتقد د. الدجاني ما كتبه الكاتب الفرنسي جان بيير لانجوليي: «انه ليس هناك تعايش بين الإسلام والديمقراطية» قائلا: ان الاسلام من مبادئه الاساسية الشورى، مشيرا الى أن قوى الهيمنة الاستعمارية فرضت مخططها على الدول المستعمرة لتغييب الشعوب وتشكيل انظمة تخدم مصالحها . واشار د. الدجاني الى ان ثقافة الديمقراطية تعني تعزيز الديمقراطية والشورى وان يتغلغل الروح الديمقراطي والتشاوري في ثقافة مجتمع ما وهي مجموعة عناصر الحياة واشكالها ومظاهرها وهي وثيقة الصلة بحضارته التي تتمثل في نظمه ومؤسساته وفي مكاسبه وإنجازاته، وثقافة الديمقراطية هي جزء من الثقافة السياسية للأمة التي تعبر عن الاتجاهات المتعمقة بالسياسة والنظام السياسى في الأمة. وحول اسباب ضعف ثقافة الديمقراطية والشورى في الدول العربية اوضح د. الدجاني ان مناهج التربية في الأسرة والمدرسة لا توليها العناية اللازمة، علاوة على ارتباط ثقافة الديمقراطية في الغرب بعوامل الفساد مثل النشاطات غير المشروعة من تجارة المخدرات والشهوة والمضاربات، بالاضافة الى بعض ممارسات الدول الاستعمارية الغربية التي تتم باسم الديمقراطية تجاه أمتنا العربية والتي كان لها أثر سيىء لدى الناس حول مفهوم الديمقراطية، مشيرا الى ان ضعف ثقافة الديمقراطية في تراثنا العربي انعكس سلبا على حال الوفاق السياسي العربي بما أدى الى قصور من الناس في حشد طاقاتهم الجماهيرية للمطالبة بالوفاق ودعمه وحمايته وحرمان الأمة من تجسيد الوفاق السياسى في المستوى الشعبي، في ظل اجهزة قطرية غلبت عليها الإقليمية من جهة ونزعة الانفراد من جهة أخرى، الأمر الذي أدى الى حرمان الامة العربية من لقائها على تحقيق مشروع الأمة الحضاري ويتوقع ان يؤدي هذا الضعف الى ضعف على مستوى الحكم فيتعسر الوفاق السياسي العربي. وطالب د. الدجاني بتقوية ثقافة الشورى والديمقراطية عن طريق التثقيف والتربية للامة كلها على المستوى الشعبي والرسمي من قاعدة هرمها الى وسطه الى قمته، مشيرا الى ان ثقافة الامة وثيقة الصلة بتاريخها وحضارتها وعلينا الاستفادة من تجارب الديمقراطية في دائرة الحضارة الغربية وان نتجنب السلبيات العديدة للديمقراطية الغربية التي ظهرت بوضوح في تقرير منظمة العفو الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان في الولاياتالمتحدةالامريكية بالاضافة الى الممارسات التي تتناقض مع جوهر الديمقراطية من الاستعمار الاستيطاني في فلسطين واحتلال العراق تحت دعوى الديمقراطية