حين أمد البصر إلى بعيد.. إلى أفق بعيد.. بعيد يأخذني إلى ثنية منه تطلع منها مطايا.. إن عددتها وجدتها أربعين.. تمضي برجالها نحو الأخطار والاهوال ولا يسعفني البصر.. لا قف على ملامح هؤلاء الرجال في تلك اللحظة العبقرية من لحظات الزمان.. ولكن الرجل الذي يقودهم لا تغيب عني ملامحه.. وكيف تغيب ملامح بطل.. صنع المعجزة على جزيرة من الرمال.. فتحولت الرمال الى مساحات خضراء.. الى مجد لا يطاوله مجد في هذا الزمان!! وحين أمد البصر بعيدا.. بعيدا يأخذني البصر إلى هناك.. إلى اعماق الصحراء المخيفة.. التي يطبق ظلامها من كل اتجاه.. وكأن الظلام يصنع لساكنها سجنا رهيبا.. حيث يفتقد فيها الأمن والامان.. فهاهي السهول والبقاع.. وقمم الجبال.. وانبساط الوديان.. والتي عرفت يوما ما أمانا يمشي على رمالها.. ويتوزع أهلها.. هانئ لا تعرف للامن طريقا.. ولقد اندثر.. وذاب مع ما يذوب في وهج الصحراء.. ويمشي بدلا منه الخوف.. وفرغ المكان إلا من السباع!! وحين أمد البصر بعيدا.. أجد البطل المغوار.. ووراءه رجاله الافذاذ يجوبون الصحراء.. ومع خطوات الملك عبدالعزيز هربت السباع.. وتغلغل الأمن في ربوع البلاد.. ومنح الملك رحمه الله البلاد كبرياء الإنسان، حين علّى الانسان.. وأعطاه العظمة حين رفع الانسان الى مكانة عالية.. وتوحدت البلاد حيث ادرك الشعب نظرة الملك اليهم.. فكل الشعب أبناؤه وكلهم حرس له!! فلا يشك أحد أن الملك عبدالعزيز رحمه الله موحد هذه البلاد وصانعها.. رمز عظيم وجليل.. يجب ان يقدم الى الجيل الجديد بصفته الانسانية.. وصفته الخلفية.. فإذا كان السيف والمصحف هما الشعار.. فإن السيف له موضعه.. والمصحف له امتداده الذي لا يحده مكان أو زمان.. فلقد كان خلقه القرآن.. وعمل على أن يطبق أحكام القرآن.. ولم يكن السيف الا امتداداً او أداة لتحقيق هذا الهدف النبيل.. وحين ينتهي دور السيف.. تنهض الارادة التي صنعها الى البناء.. والى العمل!! إن ابراز الجوانب الانسانية في شخصية الملك عبدالعزيز رحمه الله من الاهمية بمكان.. ذلك اننا نقدمه الى أجيال لم تر الملك.. ولم تقف على هذه الجوانب الانسانية الخلاقة.. التي كانت كالنهر الدفاق الطهور.. الذي ينقي ويغسل كل من يغترف منه أو يغتسل فيه.. او يرتوي بشربة من مائه العذب!! إن الشخصية الكبيرة أمة بذاتها.. تظل توجد في امتدادها وذراريها.. ومن لم ير الملك عبدالعزيز رحمه الله.. فإنه يستطيع ان يقف على ملامحه.. وسمته.. ونهجه.. واسلوب حياته.. وبساطة شخصيته.. وطريقة سيره في الناس.. وحكمه لشعبه.. وذلك حين يلقي نظرة الى ابنائه الكرام.. الملوك والامراء.. الذين قادوا السفينة في بحار غير آمنة.. فوصلوا بها إلى أمان لا يحلم به أحد في أي زمان أو في أي مكان على ظهر البسيطة.. في العصر الذي نعيش فيه الآن.. والحمد لله على نعمه ظاهرة وباطنة!! ولو كان الأمر في يدي.. لقررت كتابا عن تاريخ المملكة العربية السعودية ليكون رمزا لها منذ البدء.. الى حاضر المسيرة.. وجعلته بعنوان: (كاتب الوحدة الاخوية) فما يثلج قلب كل سعودي على ارض هذه البلاد العزيزة.. تلك الوحدة الاخوية بين أبناء المملكة.. الوحدة التي صنعت المعجزة.. الوحدة التي قدمت للعالم نموذجا فريدا للقائد.. ولنظام الحكم.. وللشعب الذي يؤازر قائداً وينصره.. وهذا الذي صنع المعجزة.. فكر يستمد أصوله وجوانبه من كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحين أمد البصر.. رانيا الى الوجوه الكريمة الاصيلة.. يواجهني وجه مشرق باسم كريم.. يحمل سمات الاصالة والجسارة والبطولة.. وجه يفيض بشرا ونورا.. يوادك ولكن في قوة.. لا تجد منه إلا عطاء كريما متواصلا لا يبخل به ولا يمن.. يعطيك سجاياه.. فتعلم ان الشجرة تنبىء عن جذورها والولد عن أبيه.. وسلمان.. عن عبدالعزيز!! إن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض.. طراز متفرد في نوعه.. فهو واحد من الدوحة المخصبة.. التي اخضرت بماء الحياة.. ونمت بحب الناس.. وأتت أكلها بالعقيدة السمحة.. وزرعت جذورها في القلوب بكرامة الانسان.. وفرشت الظلال على الرمال الصفراء.. بجهد العمل.. وبالفداء.. وطاب الفرش وطاب التناول.. واغترف الجميع من نهر العطاء.. ويترقبون على الوجه المشرق الباسم.. وجه صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز الذي تبرع لانشاء الجمعيات الخيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين. كما تبرع سموه لانشاء مقر لمشروع الاسكان الخيري بالرياض الامير سلمان. كما لا يفوتني ان اذكر الدعم اللامحدود لجمعيات المعوقين.. لكي يشقوا طريقهم وسط الامواج الهادرة الصاخبة!! الخيري ان الاحساس الى ذوي الحاجات فضيلة من أشرف فضائل العظمة الانسانية واقربها الى الصفات الاخلاقية.. لانها قوة في العظيم تعمل عملها في اعانة واغاثة الملهوف.. ومساعدة المحتاج!! وإذا كان الاحساس الى المعوزين والضعفاء.. بجمع الاموال.. وكل الممتلكات اول صفة من صفات الامير سلمان بن عبدالعزيز.. يعرفها من يعاشرون سموه الكريم في حياته الطويلة المديدة المباركة إن شاء الله فإننا على قدر حبنا له وإجلالنا لشخصه من اجل هذه الصفة بعينها.. نسطر لها هذا العمل الجليل.. وهذا الاحسان غير المحدود.. في سجل التاريخ.. لان اطعام هذا الجائع.. وإغاثة هذا الملهوف.. وتلبية الرجاء من هذا الطالب.. وإسداء المال الميسور الى ذلك الفقير.. كل ذلك خير وبر وبركة.. وله الثواب الجليل من الله سبحانه وتعالى.. ويحسب في النهاية.. لهذا الرجل العظيم.. الامير سلمان بن عبدالعزيز الذي عم خيره القاصي والداني.. بكل ما أوتي من قدرة وهمة ومضاء.. وسموه يدأب النهار والليل.. ولا يفرغ ساعة من النهار والليل.. إلا وهو يفكر في ذلك الخير.. ويسعد في سبيل الخير.. ويعمل لذلك الخير.. ولا يقنعه ان يختص به محتاجا الى القوت.. او مفتقرا الى المعونة.. أو شاكيا من الظلم.. إلا أن يكون خيرا للانسانية جمعاء.. وخيرا للعالمين.. وخيرا لكل بني البشر.. من يعرفه ومن لا يعرفه.. وخيرا لتوفير السعادة الانسانية التي لا يخطر بباله وسموه يدأب لها ان يستثني منها أحدا من بني آدم وحواء!! وفضيلة أخرى من فضائل الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. يحسب الناظر الى إحسانه أنها فضيلة خليقة من فضائل سموه الكريم.. في هذه الفضيلة الانسانية العالية لانها تصدر من سموه كما تصدر الدوافع الضرورية.. التي تملك على الانسان مشيئته.. ولا تكاد تملك او تبقي له مشيئة يملكها بها.. او يقامها فيها.. فإن دوافع الاحسان في نفس سموه أشبه شيء بدافع الإحسان والحنان في نفس هذا الاب الرحيم في عطفه على طفله الجائع.. او طفله الباكي.. او طفله السقيم!! إن فضل هذه الفضيلة يبلغ غاية الكبر الذي تبلغه سجية إنسانية.. فقل إن شئت ان فضل سموه في إحسانه كفضل الأب في إحسانه الى البنين.. ونحن نشهد بالفضل الذي لا فضل بعد لسموه.. الذي تملكه رحمته ببنيه.. فإن سموه يحسن الى صاحب الحاجة.. بكل سرية وكتمان.. وبلا ضجة ولا ضجيج.. ويحسن الى اصحاب الحاجات.. وهم من جنسيات مختلفة لا يعرفها.. وشعوب ليس لسموه أي صلات من القربى بها.. ويحسن الى المنقطعين عن الكسب.. ويحسن الى المريض المحتاج من ماله لتدبير علاجه في مقامه وسفره.. ويقيم المشروعات الخيرية.. ودوراً للايتام.. وهي صدقات للمستعينين به.. ولا يطلع عليها أحدا من اقرب المقربين!! ولو عرفت هذه الصدقات المستورة يبذلها بيده الكريمة.. وأيدي خاصته الى مستحقيها.. لظهر انها شغل حياة كاملة تستغرق العمر كله.. ولا تدع فيه فراغا لسواها.. ويعجب الناس.. كيف يربط بها حياته كلها.. وكيف يدبر لها وقتها.. مع تلك الاعمال الجسام التي يضطلع بها.. ولا تقبل الانابة عنه في أدائها.. ومثل هذا الانشغال بالاحسان فضل نادر في حياة العظماء الذين يشغلون بمثل شواغل سموه.. فهو يمتاز في إحسانه بتلك المزية التي انطبعت بها جميع صفاته.. وهي مزية الكريم المطبوع على الكرم.. وما كان الاحسان في مثل هذه الفطرة إلا شيئاً يعطيه من ذخيرة الفكر والروح!! ومن هذا المنطلق يتضح لنا ولكافة البشر ان شخصية سموه تجتمع فيها حزم وطيبة متفقان.. لا يبين لنا انهما تنازعتا يوما أو تتنازعان.. فهو اقرب الناس سمة بما يرتسم في اخلادنا من سمات الخير. وهي في طلعتها الانسانية بشر مثلنا. وسمو الامير سلمان بن عبدالعزيز بما أنفق ماله في سبيل الله كبير النفس زاهد في الجاه الدنيوي. وهو كريم النفس بما يتبرع به من جميع أمواله واملاكه في سبيل الله فاستحق ان يدخل التاريخ من اوسع ابوابه.