محاولات دؤوبة تقوم بها المراكز والهيئات الإسلامية داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية لتصحيح صورة العرب والمسلمين كما تتصدى بكل حزم وقوة لحملات التبشير التي تقودها جماعات التبشير الأمريكية ضد البلدان الإسلامية وقد زادت هذه الجهود الدؤوبة بعد حرب العراق حيث تخوض المراكز والهيئات الإسلامية ما يشبه المعركة داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد حملات التبشير. فبعد الغزو الأمريكي للعراق بدأت جماعات تنصيرية في اتخاذ خطوات للعمل التنصيري على غرار ما تقوم به في افغانستان حيث يتوقع ان تتخذ تلك الجماعات من شمال العراق في المناطق الكردية والاردن مراكز لها وقد بدأت محاولات التنصير الحاذقة في قارة آسيا مع مطلع القرن السابع عشر حيث تزامن مع الحركة الاستعمارية الاقتصادية الأولى - على يد الشركات الشرقية - زحفُ المنصرين من كل المذاهب على تلك البلاد البكر «كالهند وما جاورها » فنشأت أولى الحركات التنصيرية المحترفة التي كانت تمول بأموال الشركات الاقتصادية الاستعمارية، وتدار بجمعيات علمية «جغرافية وطبية واجتماعية» تحت رعاية التاج البريطاني رأساً، حيث كانت الملكة إلزابيث الأولى ملكة التاج البريطاني وراعية الكنيسة الإنجيلية. ثم تطورت جهود المنصرين العالمية في توسيع رقعة نشاطاتهم حتى غدت جهدا دوليا مكثفا تتوجه لخدمته كل الإمكانات المتاحة وبإدارة مجلس الكنائس العالمي الذي تأسس للتنسيق بين ملل النصرانية المتناحرة. وبلغت ميزانية جمعيات التنصير لعام 1999م أكثر من 200 مليار دولار.. وتعتبر المجهودات التي تبذلها الهيئات الإسلامية العالمية - مع كثرتها وتشعب أنشطتها - بدائية، ولا يعتمد في إدارتها على المتخصصين، كما أن تلك الهيئات لا تملك تصورات محددة لأنشطتها المستقبلية، وأصبحت أعمال الدعاة مجرد ردود أفعال للمآسي التي تحيق بالمسلمين بين الحين والحين. وكان الفاتيكان قد أعلن في خطط واضحة وصريحة جعل عام 2000 من الميلاد هو عام تنصير أفريقيا، وبينما كان كرادلة الفاتيكان يمدون إلى وزارات الأوقاف في العالم الإسلامي يدهم زاعمين رغبتهم في الحوار بين الأديان كانت يدهم الثانية الملوثة بنجاسة الكفر تمتد إلى أدغال أفريقيا وغابات إندونيسيا، بل إن إرساليات التنصير التي تعتمد على المدارس الراقية والمستشفيات المتقدمة كانت تمارس دورها التنصيري دون حياء في العالم الإسلامي. وبينما يخرج من الكاتدرائيات النصرانية والكليات اللاهوتية منصرون ماهرون في دعوة الناس فإن مناهج الكليات الإسلامية والدعوية في كل جامعات العالم الإسلامي لا تلبي طموح الزحف الإسلامي الذي بدأت جحافله تطرق أبواب الفاتيكان دون إراقة قطرة دم تحقيقاً لبشارة الرسول صلى الله عليه وسلم. 20 ألف أمريكي يعتنقون الإسلام سنوياً ومع ذلك كشفت دراسة أمريكية أن المسلمين داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية حققوا تزايداً كبيراً، فوصلوا إلى 9 ملايين نسمة ويعتنق الإسلام سنوياً حوالي 20 ألف أمريكي ويحضر صلاة الجمعة أكثر من «411 ألف» مسلم أمريكي، وتعقد في المساجد والمراكز الإسلامية دروس ومحاضرات وندوات أسبوعية ويومية وفي المغرب العربي دخل خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من 2400 شخص الإسلام من جنسيات مختلفة كانوا قد قدموا للعمل في دول المغرب العربي كما أكدت إحصائية كويتية أن أكثر من «120» شخصاً يعتنقون الإسلام شهرياً من جنسيات مختلفة. لماذا يفشل التنصير؟ ورغم كل الجهود المبذولة من البعثات التنصيرية إلا انها لم تتمكن من زرع المسيحية بعمق في إفريقيا، لأن الأساليب التي استخدمت وصلحت في الغرب لا تصلح بالضرورة في إفريقيا ويأتي عدم الثقة في جدية التنصير والقائمين عليه كبعد ثانٍ من أبعاد إخفاق المسيحية في إفريقيا. ومن الملاحظ أن المنصرين في سعيهم لجمع الأموال اللازمة للعمل التنصيري في إفريقيا قد أساءوا دون قصد إلى صورة المجتمعات الإفريقية، وذلك بإبراز بعض أوجه الحياة والنواحي غير المشرقة في تلك المجتمعات كالفقر والمرض والتخلف الاجتماعي والمبالغة في إظهارها جذباً للعطف والأموال، أي بمعنى آخر: عمل المنصرون على إظهار صورة سيئة عن إفريقيا والإفريقيين في أوروبا وأمريكا حتى يستمروا في عملهم التنصيري والحصول على الأموال اللازمة لذلك. ولكن من ناحية أخرى يسيء هذا الأمر لشعور الإفريقيين وخصوصاً الدارسين والعاملين في الدول الأوروبية والأمريكية والمحتكين بالمجتمعات الغربية عامة، وفي مسابقة أجريت بين الدارسين من الدول الإفريقية المختلفة في الولاياتالمتحدةالأمريكية لإبداء رأيهم في التنصير بما يعكس وجهات نظر الطليعة الجديدة في هذا المجال، جاءت معظم الآراء سلبية، ومن ذلك القول إن المنصرين الذين يذهبون إلى إفريقيا يؤكدون حقيقة أن الإفريقيين فقراء، ومن ثم فهم يحاولون جمع المال من وطنهم لمساعدة إفريقيا، ويكون من الأفضل جداً لو أنهم أكدوا أن الإفريقيين فقراء، لأن الاستغلال والسيطرة حرمتهم من مواردهم الطبيعية وثروة قارتهم. ومن أهم ما أسهم في ابتعاد الإفريقيين عن التنصير هو قصور نشاطه، حيث لم يستطع حل المشكلات الروحية للشعوب الإفريقية، كما لم يواكب التطورات السريعة والثورية التي تطرأ على تلك الشعوب، فالندوات الدينية في إفريقيا خاصة تلك التي في أقاصي المناطق الريفية تعطي الانطباع أنها بقايا لأديرة القرون الوسطى، حيث تعيش بعيداً عن المشاكل والموضوعات الحقيقية في الحياة، ومعظم تلك الندوات الدينية يقوم بالتدريس بها مدرسون غير إفريقيين بعضهم يبدون وكأنهم غير مهتمين البتة بدراسة الوضع الإفريقي. وعلى الرغم من أن الكنيسة هي التي بدأت التغيير الاجتماعي في إفريقيا عن طريق التعليم الذي يُعد أهم عامل ثوري في التحريك الاجتماعي إلا أنها لم تستوعبه، فقد تعلم الكثير من الشباب المتحركين اجتماعياً والعاملين في المصانع والمدن عامة أن يجدوا طريقهم بدون الكنيسة التي أخفقت في أن تبني جماعة جديدة في المدن، وأن تواجه انهيار النظم الاجتماعية المرتبطة بالانتقال من الريف إلى الحضر، وأن تعطي توجيهاً إيجابياً لحركة الطبقة العاملة والفئات المتحركة اجتماعياً في المدن حيث لا تقدم المسيحية برنامجاً اجتماعياً، وأصبح الكثيرون منجذبين للسحر كحماية ضد القوى الاجتماعية، كما انجذب الكثيرون للإسلام وزعاماته وتنظيماته الدينية المنتشرة في المدن، أي أن الكنيسة أصبحت في حاجة إلى إعادة تجديد للتمشي مع الأوضاع الاجتماعية الجديدة، وذلك كما يؤكد المهتمون بدراسة المسيحية في إفريقيا، فمن المتفق عليه عامة بين الدارسين والمحللين للمسيحية في إفريقيا أن انقسامية الكنيسة لا تمكنها من القيام بدور فعال في مجتمع يتطور في كافة نواحيه. السياسة الاستعلائية للمنصرين وتعتبر السياسة الاستعلائية للمنصرين هي البعد الثالث من أبعاد إخفاق العمل التنصيري داخل إفريقية حيث يذهب المنصرون المسيحيون إلى إفريقية حاملين معهم تلك الطبيعة الاستعلائية والإحساس بتفوق المجتمع الغربي الذي جاءوا منه، فهم لا يندمجون مع المجتمع الإفريقي، ولا يتزوجون منهم، بل يحافظون دائماً على مسافة بينهم وبين الإفريقيين. وإذا كان المنصرون كثيراً ما يركزون في دولهم الأصلية في سعيهم لجمع الأموال لاستمرار عملهم التنصيري في إفريقيا على سوء الحياة المعيشية التي يعيشونها والمعاناة الضخمة التي يتلقونها من المعيشة في المجتمعات المتخلفة مقارنة بمستوى المعيشة في دولهم الأصلية، إلا أن مما يزيد من استثارة الإفريقيين أن من أهم ما يلاحظ هو المستوى المعيشي المرتفع للمنصرين بالنسبة لما يحياه الإفريقيون مما يجعل المبشر يعيش حياة مغايرة تماماً للحياة الإفريقية، وينعزل إليها بعد دروسه التنصيرية، حتى المحطات الإرسالية فإنها تحاط بعزلة عن بقية المجتمع، فهي تمثل بؤرة أوروبية في المجتمع الإفريقي مع الفواصل الحضارية والنفسية والمادية بين المنتمين للاثنين. في المقابل فإن نشر الدعوة الإسلامية وإن كان ينقصه الإمكانيات والدعم المنظم للنشاط الدعوي، لكنه لا يواجه ما يواجهه ذلك النشاط التنصيري المسيحي من مشاكل، حيث يعمل المسلمون بمبدأ كل مسلم داعية لدينه. وقد تميزت المحطات التنصيرية منذ البداية بالاستغلال الذي بدأ بالاستعباد التنصيري وذلك منذ إقامتها خاصة في غرب إفريقيا في ضوء مثلث الأطلنطي للتجارة الذي مثل العنصر البشري الإفريقي الذي اقتلع من جذوره في ظل تجارة الرقيق لينقل للعالم الحديث أهم أضلاعه بحيث أطلق عليه «المثلث الذهبي»، وتم في تلك المحطات التنصيرية تجنيد العبيد وبيعهم وتشغيلهم وتقسيم القبائل والممالك، وقصر تعليم الأغلبية على التعليم الابتدائي وتعليمهم الصلاة. ومن هنا كانت تعد مقاطعات استعمارية، ولم يكن لها دور مسيحي له اليد العليا في حياة المواطنين، فكان الأهالي في المناسبات الحزينة أو السعيدة يعتمدون على رجال الديانة التقليدية بشكل أساسي، ثم يأتي القس فقط ليقول الكلمات الأخيرة، وعليه فقد استمر الاستغلال في استخدام المحطات للنشاط التجاري وجمع الأموال ولعل أهم ما واجه المسيحية في إفريقيا من صعوبات عرقلت نشاطها هو صبغها بالصبغة الاستعمارية، حيث نظر إليها على أنها أداة استعمارية وملحقة بالإدارة الاستعمارية عاشت على حذوها أياً كانت تلك الإدارة، وهذا يؤكد أن نشاط البعثات التنصيرية التي ذهبت للعراق ستواجه الفشل خاصة أن بغداد كانت عاصمة الإسلام عندما كانت الدولة الإسلامية في مجدها. أهم المؤتمرات التبشيرية وقد أقامت البعثات التبشيرية عشرات المؤتمرات الإقليمية والعالمية ومنها: * مؤتمر القاهرة عام 1906م وقد دعا إليه زويمر بهدف عقد مؤتمر يجمع الإرساليات التبشيرية البروتستانتية للتفكير في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين. * المؤتمر التبشيري العالمي في أدنبرة باسكوتلندا عام 1328ه 1910م وقد حضره مندوبون عن 159 جمعية تبشيرية في العالم. * مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند عام 1339ه 1911م حضره صموئيل زويمر وبعد انفضاض المؤتمر وزعت على الأعضاء رقاع مكتوب على أحد وجهيها تذكار لهكنؤ سنة 1911م وعلى الوجه الآخر اللهم يا من يسجد له العالم الإسلامي خمس مرات في اليوم بخشوع انظر بشفقة إلى الشعوب الإسلامية وألهمها الخلاص بيسوع المسيح. * وفي القدس أقيمت عدة مؤتمرات للتبشير في أعوام 1924م و 1928م و1935م و1961 م. * مؤتمر الكنائس البروتستانتية عام 1974م في لوزان بسويسرا. وكان أخطر المؤتمرات هو مؤتمر كولورادو في 15 أكتوبر 1978م تحت اسم مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين حضره 150 مشتركا يمثلون أنشط العناصر التنصيرية في العالم استمر لمدة أسبوعين بشكل مغلق وقدمت فيه بحوث حول التبليغ الشامل للإنجيل وتقديمه للمسلمين والكنائس الديناميكية في المجتمع المسلم وتجسيد المسيح وتحبيبه إلى قلب المسلم ومحاولات نصرانية جديدة لتنصير المسلمين واستخدام الغذاء والصحة كعنصرين في تنصير المسلمين وتنشيط دور الكنائس المحلية في تنصير العالم الإسلامي. * المؤتمر العالمي للتنصير الذي عقد في السويد في شهر اكتوبر 1981م تحت إشراف المجلس الفيدرالي اللوثراني الذي نوقشت فيه نتائج مؤتمري لوزان وكولورادو وخرج بدراسة مستفيضة عن التنصير لما وراء البحار بهدف التركيز على دول العالم الثالث. * عقد المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي في يوليو سنة 1980م في كاليفورنيا بالولاياتالمتحدة وقد حث المؤتمر على ضرورة زيادة البعثات التنصيرية بين مسلمي الشرق الأوسط خاصة في دول الخليج العربي. أما عن أشهر المراكز والمعاهد التنصيرية في الدول العربية فهى: الجامعة الأمريكية في بيروت والتي أنشئت عام 1865م، والجامعة الأمريكية في القاهرة والتي أنشئت لتكون قريبة من الأزهر ومنافسة له، والجمعية اللندنية التي أسسها الإنجليز عام 1809م لنشر النصرانية بين اليهود والتي بدأت عملها بأن ساقت اليهود المتفرقين في شتات الأرض إلى أرض فلسطين.