تواصل الصحيفة هجومها على سياسة الأمر الواقع التي تفرضها الولاياتالأمريكية على العراق، وتحت عنوان: «مشروع التنازل» كتبت تقول:«أمن العراق لا يتجزأ من أمن المنطقة، ولا يمكن الحديث عن تناقضات لأجل وصف حالة الفوضى التي من خلالها تتكلم أمريكا عن مستقبل هذه الدولة بموجب رؤيتها لمستقبل المنطقة.. لا يمكن خداع الناس بالحرية المغمسة في السم، ولا بالديمقراطية المحاطة بالضغينة القديمة والجديدة.. ما يجري على أرض الواقع يختلف عن ذلك الذي تريد الولاياتالأمريكية وبريطانيا إيصاله لنا.. لأن العراقي البسيط هو أكثر الناس إحساسا بالظلم، ولا يمكن معالجة ظلمه بظلم جديد.. و تضيف:«وصول جاي غارنر» لم يكن حدثا و لا صدفة، كان مخططا له من زمن.. ربما لإذلال العراقيين برجل ساهم في دمارهم .. «غارنر»، ليس عراقيا، وليس عربيا، لا يمكن أن نجد له نحن الأوروبيين مكانا مقنعا في العراق، فكيف بالعراقيين أنفسهم.. كل ما يجري هو عنوان واحد لمهزلة أمريكية تريد عبرها معاقبة العراقيين على كل شيء، بما في ذلك صمودهم طوال سنوات في وجه«حضارة الدمار الغربية» التي تجسدت بشكل نهائي عبر ثالوث: الحرب، الفوضى العارمة، جاي غارنر !» «اللوموند» كتبت عن سلوكيات الأمريكيين في العراق وتحت عنوان: «دفاعا عن الحضارة» قالت:«ما تصنعه الحرب هو انهيار للقيم، كل القيم، فليس هنالك حرب عادلة تستهدف الأطفال في حياتهم وأمنهم، وليس هنالك شيء اسمه: تعمير دولة قائمة على تراكمات الإحباط اليومي، والإحساس الجماعي بالحزن.. الأمريكيون يعتبرون العراق الجديد جزءا من غنيمة الحرب، ربما نسوا أنهم دخلوا الحرب من دون مباركة العالم لها، كيلا نقول الأممالمتحدة التي أفقدتها أمريكا كل صلاحية تذكر، ولا حتى صلاحية تنظيف مواسير المياه العراقية.. الحرب كانت لأجل نزع أسلحة الدمار الشامل.. وفي خضم نشوة الانتصار الأمريكية، نسي العالم أن يسأل إدارة الحرب في واشنطن:أين هي أسلحة الدمار الشامل التي ذهبتم إلى العراق بحثا عنها؟«وتسترسل الصحيفة متسائلة :«ألم يكن أجدر بالأمريكيين أن يعلنوا للعراقيين الحقيقة دونما لف أو دوران.. صدام حسين كان رئيسهم العنيف، وكان على العراقيين الثورة عليه، وتنحيته، وإن تدخلت دولة في ذلك فليكن لأجل صالح العراقيين وليس العكس.. لكن الذي وقع هو أن حضارة «طائرات الشبح» و«البي52» هي التي ترسم اليوم حدود العلاقات في دول العالم.. العراق ذاق طعم الحروب المتتالية.. عرف شكل المآسي الفردية والجماعية.. شعب كهذا لا تخيفه المتغيرات الحاصلة، وهو بذلك مشروع ثورة مقبلة على الوجود الأمريكي غير الشرعي في العراق وفي المنطقة ككل، على الأقل في هذه المرحلة التي ظهرت فيها عيوب الولاياتالأمريكية بشكلها الحالي وأمام صمتها المقصود إزاء كل الممارسات غير الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.. «فرانس سوار» تحدثت عن خيار السلام في الشرق الأوسط وتحت عنوان: «ورقة الطريقة الساقطة» كتبت تقول:«أعلنت الإدارة الأمريكية أنها لا تنوي التغيير في خريطة الطريق التي «رسمتها» لأجل سلام دائم في المنطقة، الإسرائيليون يعتبرون أن ما سيفعله أو يقوله الرئيس الأمريكي محل ثقة.. هذا كلام ازدواجي مفضوح، لأن الدولة العبرية رفضت بشكل قاطع أي مشروع أو خطة تتعارض مع سياستها الداخلية، وكون «الخطة» التي رسمتها الإدارة الأمريكية ما زالت سرية، فهذا يقود إلى احتمال وحيد وهو أن «خطة الطريق» ما هي إلا تسييس للممارسة الإسرائيلية العسكرية في منطقة الشرق الأوسط ..«وتضيف الصحيفة:» أن تختار النزوح إلى السلام فلن يأخذ منك الأمر خمسين سنة أخرى، وبالتالي الكلام عن «الوقت المناسب» لحل الأزمة لن يكون أكثر من براغماتية داخل الخطاب السياسي اليومي غير المجدي أمام تصاعد درجة الغضب الشعبي العربي، وأمام تصاعد أعمال العنف بشكل مدمر.. ربما ستنتظر إسرائيل أن يستسلم الفلسطينيون إلى الأمر الواقع كما يبدو أن العراقيين قد فعلوا، ولكن القضية الفلسطينية ليست ظرفية، إنها موجودة منذ سنوات طويلة لا يمكن بعدها إلغاء حق شعب في وطن مات ربع مليون فلسطيني لأجله.. ربما سيتأكد العالم غدا أن خريطة الطريق«لم تكن أكثر من إضفاء طابع سياسي شبه شرعي على القتل الذي مارسه الجيش الإسرائيلي، كأن تطلب واشنطون على لسان الأمين العام للأمم المتحدة من الفلسطينيين أن يضعوا السلاح، وأن يوقفوا العمليات الاستشهادية، وأن يلتزموا الصمت، ويرضوا بإسرائيل دولة تقودهم إلى «الاستقرار» كي يكون لهم حق في إقامة «اسطبل» سياسي تسميه» حقهم في البقاء حيا» !.