أرأيتم اللؤلؤة الثمينة كيف يحوطها العقلاء بالرعاية قياماً بحقها واعترافاً بفضلها وقيمتها، إنها مثل للعقل فهو أثمن لؤلؤة وهبها الله لعباده وقد شرفه العقلاء بالأمر والنهي والتوجيه لاستعمال عقولهم فيما خلقت له من طلب الحقائق والتفكير والنظر والاستدلال كما قال تعالى {قّدً بّيَّنَّا لّكٍمٍ الآيّاتٌ لّعّلَّكٍمً تّعًقٌلٍونّ} وقوله تعالى {إنَّ فٌي ذّلٌكّ لآيّاتُ لٌَقّوًمُ يّتّفّكَّرٍونّ} هذه الدرر الثمينة وهذه الأداة الصالحة أداة التفكير والتبصير يوجد في الناس من لا يعنى بأمرها ولا يعترف بقيمها بل يسعى إلى إفساده بدافع من الشيطان وحافز من الهوى المجانب لهداية الرحمن فيضل بذلك عن سواء السبيل ويخرج عن العقلاء الذين انتفعوا بعقولهم واهتدوا بها إلى ما فيه صلاحهم وسعادتهم أجل يوجد في الناس من يعمل على ضياع هذه الجوهرة لمجرد متعة رخيصة محرمة تفقد المرء توازنه وتسقط كرامته وإلى جانب ما يخسر من دينه وإيمانه وما يجره على نفسه من نقمة الله وآلية عذابه تلك المتعة هي شرب الخمر بكل ألوان ولو سمي بغير اسمه أو تشكل في غير أشكاله فالعبرة بالفعل والتأثير لا بالمسميات فهي تفقد المتعاطي اتزانه وسيطرته على نفسه وكما حرم تعالى الخمرة على المسلمين بالكتاب والسنة والإجماع حرم ما يلحق بها بل وأضر من الحبوب والمواد المخدرة والمحظورة تلكم المواد السامة والملعونة على كل لسان كالأفيون والكوكايين وكل ما يلحق بها من هذه الخبائث المحرمة فقد ثبت من التجارب والقضايا من وقائع الأحداث المتكررة أن استعمال هذه المخدرات السمية يضعف شخصية الرجل وتفكيره وذاكرته حتى يصبح ضعيف القوى فاتر العزيمة فاسد المزاج سيء التصرف منحطاً في أخلاقه فتعاطيه هذه المخدرات طمس بصره وأعمى بصيرته فهو ملوم يتحاذره الناس وان كان أصحاب هذه الرذائل يخفونها ولكنها تظهر على أجسامهم وألوانهم فتفضح أسرارهم ولما كانت سرائرهم سيئة أظهر الله علانيتها للناس حيث يرى أحدهم في حالة يرثى لها من المهانة والهوان على الناس وما هو عليه من الارتباك والتعقدات في نفسه والتردد في أموره وأحواله فلا يهتدي الى مقاصد حسنة ولا يسمع لناصح ولا يستقر رأيه على مبدأ صحيح حتى في حياته اليومية متقلب فتارة يخلد الى الأرض الساعات الطويلة وأخرى يعجرف بالحركات الجنوبية وكأنما رجع الى الطفولة يتناقض في أقواله وأفعاله لأن استعماله هذه المخدرات غيّر طبيعته الفطرية رعاك الله إن أعداءنا حسدونا على رسول يحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث {الذٌينّ يّتَّبٌعٍونّ الرَّسٍولّ النَّبٌيَّ الأٍمٌَيَّ الذٌي يّجٌدٍونّهٍ مّكًتٍوبْا عٌندّهٍمً فٌي التّوًرّاةٌ وّالإنجٌيلٌ يّأًمٍرٍهٍم بٌالًمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّاهٍمً عّنٌ المٍنكّرٌ وّيٍحٌلٍَ لّهٍمٍ الطَّيٌَبّاتٌ وّيٍحّرٌَمٍ عّلّيًهٌمٍ الخّبّائٌثّ} فمن الخبائث التي حرمها وحذر منها غاية التحذير المخدرات بأنواعها فساء أعداء الإسلام ذلك وغيروا أسماءها بأسماء مستعارة ليفسدوا بها العقول والأديان والديار والأوطان وكل ذلك يرعاك الله مما يردع أصحاب العقول السليمة والبصائر النيرة عن تعرض نفوسهم لسخط الله وأليم عقابه في آخرتهم فاربأ بنفسك عن التدخين الى الاستمتاع بالخبيث. ( * )