هو الشيخ حمود بن عبدالله بن حمود بن عبدالرحمن التويجري من آل جبارة بتشديد الباء الموحدة التحتية بطن كبير من قبيلة عنزة القبيلة الوائلية الربعية العدنانية. ولد المترجم حيث تقيم أسرته في مدينة المجمعة عاصمة بلدان سدير، وذلك في عام 1334ه، وفي صباه شرع يقرأ في كتاب المربي أحمد الصائغ وذلك في عام 1342ه، وتوفي والده بعد ذلك بأيام قليلة، وكان عمر الشيخ إذ ذاك ثماني سنوات، فتعلم مبادىء القراءة والكتابة في هذا الكتاب، ثم حفظ القرآن الكريم، وهو لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره. كما قرأ في هذه السن المبكرة مختصرات الكتب العلمية في التوحيد والحديث والفقه والفرائض والنحو. ومما قرأ على الشيخ أحمد الصايغ (الأصول الثلاثة) للشيخ الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله . ولما بلغ سن الشباب لازم حلقة الفقيه قاضي بلدان سدير الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري، واستمر في القراءة عليه ربع قرن، قرأ عليه فيها شتى العلوم والفنون من التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصولها والفرائض والنحو وكتب السيرة والتاريخ والأدب وغيرها. ومن الكتب التي قرأها عليه. 1 فتح الباري للحافظ بن حجر. 2 والمغني لابن قدامة المقدسي. 3 ومنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية. 4 ودرء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية. 5 والفتاوى المصرية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية. 6 وزاد المعاد لابن القيم. وطائفة من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأئمة الدعوة وغيرها كثير. كما حفظ أثناء هذه القراءة عدداً من متون العلم، فأدرك عليه إدراكاً تاماً في كل ما قرأ، وذلك لمثابرته على الدرس، وحرصه عليه، ولما لديه من موهبة الحفظ والفهم. وقد أجازه شيخه عبدالله العنقري إجازة مطولة بالرواية عنه كتب الصحاح والمسانيد والسنن، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والفقه الحنبلي عامة، وجميع مروياته لكتب الأثبات، وقبل ذلك حدثه بحديث الرحمة المسلسل بالأولية.ولما تعين الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد قاضياً للمجمعة وبلدان سدير شرع في القراءة عليه، فقرأ عليه في الفقه والفرائض واللغة. وقرأ أيضاً على الشيخ الفقيه العلامة محمد بن عبدالمحسن الخيال قاضي المدينة سابقاً في النحو والفرائض. وقرأ ايضا على الشيخ سليمان بن حمدان أحد قضاة مكةالمكرمة، وروى عنه مسلسل الحنابلة بالأولية، وهو حديث: (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). وأجازه ايضا بجميع مروياته للصحاح والسنن والمسانيد والاثبات وقد ذكر ذلك كله الشيخ حمود رحمه الله في ثبته المسمى (إتحاف النبلاء بالرواية عن الأعلام الفضلاء). ولما تضلع المترجم من علوم الشريعة واللغة على يد هؤلاء العلماء الأعلام، وبعون الله تعالى ثم بهمته وإقباله على تحصيل العلم ألزم بقضاء بلدة (رحيمة) بالمنطقة الشرقية، وذلك في عام 1368ه، وبعد نحو نصف سنة نقل إلى قضاء بلدة الزلفي، وبقي قاضيا فيها حتى عام 1372ه، ثم طلب الإعفاء من القضاء فأعفي. وللمترجم همة عالية بالعلم والبحث فيه، ولذا فرغ وقته له، فصار يؤلف الكتب الكبار والصغار، وصار فيها فائدة ونفعاً كبيرا، ذلك أنه تصدى للتأليف في مسائل قد وقع الناس فيها، أو يؤلف على شبه وأمور أحدثت في المجتمع، فتصدى لمثل هذه الأمور، وبينها وأوضحها بالأدلة القوية والحجج الواضحة، فصار لها القبول، وصارت فيها الفائدة. وكان نهار المترجم للعلم بحثاً وكتابة، منذ بزوغ الشمس إلى غروبها، إلى صلاة العشاء، وربما جلس بعد صلاة العشاء قليلاً بمكتبته يكمل ما ابتدأه بالنهار، وذلك في آخر حياته، وأما ليله فيقضي جزءا كبيرا منه في التهجد والصلاة، حضراً كان أو سفراً. وقد بلغت مؤلفاته أكثر من خمسين كتاباً ورسالة طبع منها نحو أربعين، ومن تلك المؤلفات: تبرئة الخليفة العادل والرد على المجادل بالباطل. الرسالة البديعة في الرد على أهل المجلة الخليعة. وقد صدر عدد من مؤلفات المترجم ببعض تقاريظ من العلماء الأفذاذ من أمثال الشيخ العلامة محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله، والشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله ، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله ، والشيخ عبدالرزاق عفيفي رحمه الله ، مما يدل على أهمية مؤلفات الشيخ حمود رحمه الله ومكانته العلمية المرموقة لدى هؤلاء الأئمة. وقد تصدى المترجم لكل من حاد عن سبيل الله من الكتاب المعاصرين، وجعل يرد عليهم بقلمه، منافحاً عن السنة، مدافعاً عن العقيدة الصحيحة، عقيدة أهل السنة والجماعة، وربما نشر ذلك في كتابات ومقالات في بعض الصحف المحلية والخارجية. وكان المترجم، يعرض بعض ما يكتبه من الردود على سماحة الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم رحمه الله ، مما جعل سماحة الشيخ محمد يُقدر له هذا المجهود في الرد على المخالفين، وكان سماحته يكن للشيخ حمود محبة عظيمة، فقد ذكر بعض تلاميذ سماحة الشيخ الإمام محمد بن ابراهيم رحمه الله ، أنه كان يحب الشيخ حمود التويجري رحمه الله ، حتى انه ذات مرة رأى الشيخ حمود يقرأ على الشيخ محمد أحد ردوده التي ألفها ضد بعض المبتدعة، فلما نهض الشيخ حمود وانصرف قال الشيخ محمد: الشيخ حمود مجاهد جزاه الله خيراً. قلت: قد وافق سماحة الشيخ رحمه الله ، السلف في مقالته العظيمة هذه، قال شيخ الإسلام رحمه الله ، «الراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد». كما أن للمترجم تعليقات وتعقيبات وتصويبات، على ما يقرأ، من ذلك تعليقات كثيرة على نسخة مسند الإمام أحمد بن حنبل المطبوعة بتحقيق أحمد شاكر، وتعليقات على فتح الباري، وتعقيبات على مستدرك الحاكم دونها بهامشه. تلاميذه: شغل المترجم نفسه بالتأليف والبحث عن الجلوس لطلاب العلم، وهذا ما جعل الآخذين عنه قلة، منهم على سبيل المثال لا الحصر: 1 عبدالله الرومي. 2 عبدالله بن محمد بن حمود. 3 أبناؤه: الدكتور عبدالله، ومحمد، وعبدالعزيز، وعبدالكريم، وصالح، وإبراهيم، وخالد. وقد أجاز عدد من العلماء، من أشهرهم: الشيخ إسماعيل الأنصاري، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي، والشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ الوزير الحالي للشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، العلامة حماد الأنصاري.. وغيرهم. وذلك أن للمترجم منزلته وثقله عند أهل العلم، ويرغبون اتصال سندهم بسنده. وقد وصفه عارفوه بالتقى والصلاح والإقبال على الله تعالى بأنواع العبادات، فهو من التالين لكتاب الله، ومن أصحاب التهجد والصلوات، ومن المعرضين عما لا يفيد ولا ينفع، ولذا فإنك لا تجده إلا متعبداً أو باحثاً، هذا مع بُعده عن الظهور وجلب الأتباع، وإنما عليه السكينة والوقار مع تواضع وحسن عشرة. وللمترجم همة عجيبة، ولا يحب الاعتماد على الغير وإن كان من أقرب الناس إليه، يقول أبناؤه: ما كان الشيخ يطلب من أحد شيئاً البتة، وحتى بعد أن ضعفت صحته، فكان يقوم باعداد الشاي والقهوة بنفسه، مع إلحاح أبنائه عليه بعدم فعل ذلك راحة لجسده، بل إنا لنجد أبعد من هذا عند شيخنا، فهو خادم رفقته في السفر، حتى وقد تقدمت به السن، مع حظوته وتقدير الرفقة العظيم له، وقد يقوم بإعداد الطعام، ومن ذلك انه كان يقوم الليل الآخر كعادته ثم يضطجع اضطجاعة خفيفة حتى يحين وقت الصبح فيسخن الماء لرفقته من أجل الوضوء. واكتفى ببعض التجارات التي لم يكن يليها بنفسه، فكان زاهداً في الدنيا، وقبل وفاته أعطى أكبر أبنائه جميع ما يملك ولم يكن شيئاً كبيراً ليتصدق به كله، فلم يخلف رحمه الله وراءه عقاراً أو مالاً، سوى البيت الذي يعيش فيه مع أبنائه.وما زال على صفاته الجيدة حتى توفي في مدينة الرياض في 5/7/1413ه، وصُلي عليه في مسجد الراجحي، ودفن في مقبرة النسيم في جمع كبير من الناس فيهم العلماء وطلاب العلم، والجميع متأسفون عليه شاعرون بألم فراقه، رحمه الله تعالى. والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.