مما يثلج الصدر سروراً حديث القراء عن جريدة الجزيرة، فبالأمس القريب وبعد حفل التخرج لطلاب وطالبات جامعة الملك فيصل كنت في مجلس به بعض الخريجين ودارالحديث عن التميز الذي جعل من جريدة الجزيرة فاكهة القراء وأصبحت بإصداراتها نموذجاً بين الصحف.. هذا ما قاله أحد الخريجين إلا أنه طلب مني - بعد أن قرأ عن تعدد الزوجات - قائلاً: نأمل نحن معشر الشباب ونحن نعيش في عصر حلت فيه سيكولوجية مضطربة متوترة محل السكينة والتوازن الداخلي، وتخلت فيه جميع ألوان الأصالة والجوهر عن مكانها الى جميع المظاهر السطحية، وأصبح ظمأ الشاب الكياني الى الزوجة الأصيلة ظمأ واسع الارجاء أكثر من أي وقت مضى.. بل إن الشباب في عصرنا هذا اشد ما يكون تطلعاً وحاجة الى زوجة تلهمه وتعيد صياغته النفسية من جديد، ثم تابع هذا الشاب حديثه قائلاً: نتمنى بل نرجو ان نقرأ على صفحات جريدتنا - صفات تتمثل بها زوجة المستقبل التي يمكنها ان تمنحنا حباً، وحناناً وعبقرية ونجاحا وتواؤماً مع الحياة؟. ومن أجله ولقراء هذه الجريدة سأتحدث عن اختيار الزوجة واختيار الزوج.. ومن الطبيعي الذي لا ريب فيه ان الزواج رابطة طبيعية والمرأة الأصيلة ضالة الرجل في كل زمان ومكان يجدُّ في البحث عنها وينشد الطريق التي توصله إليها.. والله خلق الذكر والأنثى من اجل ان يتزوجا ويشتركا في عمارة الكون والإخصاب والإنجاب. قال تعالى: {وّمٌن كٍلٌَ شّيًءُ خّلّقًنّا زّوًجّيًنٌ لّعّلَّكٍمً تّذّكَّرٍونّ (49)} [الذاريات: 49] أولاً: اختيار الزوجة لاختيار شريكة الحياة يجب أن ينظر الشاب نظرة تكاملية متعددة الأهداف لبناء أسرة سعيدة.. تظهر تلك النظرة بوضوح في أحاديث الرسول العظيم المرشد صلى الله عليه وسلم. قال: «ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء، المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته».. وقال أيضاً «تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك».. وحث الإسلام على مراعاة الانسجام والمودة بما يؤكده من استحباب النظر عند الاختيار، كما جاء في حديث المغيرة بن شعبة انه خطب امرأة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» وقال عليه الصلاة والسلام «أعظم النساء بركة: أصبحهن وجوهاً وأقلهن مهراً». وفي حديث آخر قال: «تزوجوا الودود الولود».وأيضاً قال: «هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك». من تلك الأحاديث الشريفة تنكشف لنا المرأة المثالية الصالحة بكراً، ولوداً، ودوداً، حسنة الوجه والمظهر، موافقة ومتوافقة وأعلاها متدينة أمينة، حافظة لنفسها ومال زوجها، حنونة عطوفة، وقد زاد الأمر توضيحاً لموفدة النساء لما سألته عليه الصلاة والسلام عن مقام المرأة ومصيرها وقالت: ان الرجال سبقوا النساء بصلاة الجمعة والجماعة والجهاد والإنفاق في سبيل الله فعجب الرسول صلى الله عليه وسلم وعجب أصحابه فقال لها عليه الصلاة والسلام: «اعلمي يا هذه واعلمي من خلفك من النساء إن حسن تبعُّل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله». ثانياً: اختيار الزوج أما إذا تحدثنا عن حق المرأة في اصطفاء الزوج فنجد أن الإسلام ذو منهاج كالميزان تتعادل كفتاه دائماً في مجال التشريع ومجال التربية ومجال الأخلاق وفي كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. وكما أن المرأة - الزوجة - تكون صالحة ومثالية فلا بد أن تختار الزوج الصالح المثالي قال عليه الصلاة والسلام في حديث جمع بين التوجيه والتنبيه «إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزجوه - إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». إذاً من حقها اختيار الزوج الصالح هذا أولاً وثانياً: أن يكون كفؤاً للقوامه عملاً وسلوكاً وإنتاجاً. وهكذا تتعادل كفتا المنهج الاجتماعي في اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة ليقوم البناء على أساسين متعادلين قوة واتقانا.